الناخبون الأتراك يتوجهون غداً إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد وتوقعات بفوز رئيس الوزراء الحالي اردوغان

المدنية:متابعات/مرزاح العسل:

 يتوجه غداً الأحد، أكثر من 52 مليون ناخب تركي بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم العرقية والحزبية، إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب رئيساً جديداً للبلاد، في انتخابات رئاسية، يرى مراقبون أن الملف الاقتصادي حسمها لصالح رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان، وفي ظل احتقان وتجاذبات سياسية لم تعرفها تركيا منذ سنوات.

 

ويتنافس في هذه الانتخابات 3 مرشحين هم رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأكمل الدين إحسان أوغلو المرشح التوافقي لعدد من أحزاب المعارضة، أبرزها الشعب الجمهوري والحركة القومية، أكبر حزبين معارضين، وصلاح الدين دميرطاش مرشح حزب الشعوب الديمقراطي.

 

ومن المقرر أن يختتم المرشحون الثلاثة حملاتهم الانتخابية اليوم السبت عند الساعة السادسة مساءً (15:00 بتوقيت جرينتش).

 

وتُعد هذه الانتخابات الرئاسية الأولى في تاريخ تركيا بعد أن كان يتم انتخاب رئيس البلاد عن طريق البرلمان وفق التعديلات الدستورية التى جرت عام 2010م.

 

وبحسب اللجنة العليا للانتخابات التركية، فإنه يحق لنحو 52 مليون و894 آلف و115 ناخباً تركياً الإدلاء بأصواتهم في 165 ألفاً و108 صندوق إقتراع.

 

وستتضمن ورقة الاقتراع لأول مرة صور المرشحين والموضوعة وفق القرعة والتي أجرتها اللجنة العليا للانتخابات، لتكون الصورة الأولى لأردوغان وتحل صورة دميرطاش ثانياً وأخيراً صورة إحسان أوغلو.

 

ومن المقرر أن تُعلن النتائج الأولية من قبل اللجنة العليا للانتخابات في 11 أغسطس الجاري، وفي حال تقرر إجراء جولة ثانية يعتبر هذا التاريخ، موعداً لبدء الدعاية الإنتخابية، فيما تعلن اللجنة النتائج النهائية للجولة الأولى في 15 أغسطس، وفي حال إجراء جولة ثانية فستكون في 24 من الشهر ذاته.

 

وقد ألّمح أردوغان المرشح الرسمي لخوض الانتخابات الرئاسية، إلى إمكانية تغيير النظام المعمول به في تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.

 

وقال في برنامج تلفزيوني ان "الرئيس التركي الجديد الذي سيختاره الشعب بنفسه، بعد انتخابه، سيصبح في مكانه تجعله يتخذ قراراً بشكل أقوى في مسألة صلاحياته الدستورية، فقد يمكنه تغيير النظام في تركيا من برلماني إلى رئاسي، فهو الذي سيقرر هذا".

 

وكان أردوغان قد ركز في برنامجه الانتخابي وحملته على رؤيته لما سماه /تركيا الجديدة/ التي تتضمن الاستمرار في برنامج حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2002م والقاضي بتطوير كافة مناحي الحياة في البلاد لتصبح من بين أكبر 10 قوى عالمية بحلول عام 2023م، عندما تحتفل تركيا بمرور 100 عام على تأسيس الجمهورية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك.

 

ويبدو أن أردوغان الذي يخوض انتخابات "شبه محسومة" لصالحه في ظل اجماع استطلاعات الرأي على فوزه بنسبة تتخطى حاجز الـ 50 في المائة من الجولة الأولى، سيصبح رئيس تركيا حتى عام 2019م، بحسب محللين.

 

ويشيرون إلى أن اردوغان يظهر وكأنه بات يفكر كيف يمدد فترته الرئاسية لخمسة أعوام جديدة، أي حتى عام 2024م، وهو ما يسمح به القانون التركي في حال استطاع الحفاظ على شعبيته الجماهيرية.

 

ويؤكد المحللون أن هذا الطموح يتوافق مع ما خطط له منذ تسلم حزبه مقاليد الحكم عام 2002م، حيث وضع آنذاك خطة النهوض بتركيا، وسار على هذا الطريق محققاً إنجازات أكبر من التي كانت مرسومة بحسب حزب العدالة والتنمية والحكومة المنبثقة عنه.

 

وأعطى أردوغان الذي يخوض أول انتخابات بالاقتراع المباشر من قبل الشعب، مساحة واسعة ووعوداً كبيرة بتطوير الرفاه الاقتصادي، مرتكزاً على النجاحات التي حققتها حكومته في هذا الاطار طوال السنوات الماضية.

 

وقبل ساعات من بدء العملية الانتخابية انتقد المرشح أكمل الدين إحسان أوغلو بشدة سياسة بلاده تجاه العالم العربي، وقال "إن بلاده ضربت عرض الحائط بسياسات الحياد حيال أزمات المنطقة التي كانت تتبعها".

 

وتعهد اوغلو في حال فوزه بهذه الانتخابات، بالعمل على إعادة العلاقات مع السعودية إلى أفضل أحوالها، كون التفاهم مع المملكة معناه استقرار المنطقة أمنياً وسياسياً واقتصادياً.

 

وأعرب عن ثقته في أن نصف الشعب التركي على الأقل يؤيده، وأن الكثير من أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم سوف يصوتون له، بدلاً من التصويت لأردوغان رئيس الحكومة ومرشح الحزب الحاكم /العدالة والتنمية/ والذي اتهمه أوغلو بأنه المسئول عن /تدني الخطاب السياسي/ في البلاد.

 

ووجه أوغلو انتقادات شديدة لما اسماه بسياسة "تكميم الأفواه" التي تعتمدها الحكومة التركية .. متحدثاً عن خوف كبير لدى الناس يمنعهم من الشكوى.. ومحذراً من تحول البلاد إلى نظام حكم الشخص الواحد في ظل أردوغان "الذي يعد أن العمل السياسي حق حصري له".

 

ووفقاً لاستطلاع للرأي نشرته شبكة /سكاي نيوز/ العربية فإن المرشح دميرطاش لن يحصل في أفضل الأحوال على أكثر من 10 في المائة من أصوات الأتراك، لكنه صاغ برنامجاً قائماً على تسوية واحدة من أهم القضايا في تركيا خلال العقود الأخيرة، وهي القضية الكردية.

 

وقال تقرير لشبكة /سكاي نيوز/ إن دميرطاش لا يخفي مساندته ودعمه للأكراد منذ زمن بعيد، ويؤكد وفقاً لتصريحات له بإنه "يسعى ليضمن للأكراد ممارسة الحقوق التي حرموا منها ومحاربة الظلم الذي تعرضوا له" على حد تعبيره.

 

ويعتمد على كونه المرشح الأكثر ليبرالية بين المرشحين الثلاثة، والأكثر إصراراً على تعزيز حقوق المرأة والأقليات.

 

وقد وصلت يوم الأربعاء الماضي إلى مطار /إيسانبوغا/ الدولي في أنقرة، الدفعة الأولى من أوراق اقتراع الأتراك المقيمين في الخارج في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية، والتي بدأت في المراكز الانتخابية المقامة يوم 31 يوليو المنصرم.

 

وكانت قد استمرت حتى 3 أغسطس الجاري، وبلغ عدد الناخبين الأتراك الذين يحق لهم التصويت خارج البلاد مليونين و783 ألف و660 ناخباً، وجرى تخصيص 103 مراكز انتخابية لهم في 54 دولة.

 

وأكملت وكالة /الأناضول/ التركية للأنباء استعداداتها لتغطية هذه الانتخابات، وبات طاقمها جاهزاً لتغطية أخبار عملية الاقتراع والتصويت والأحداث التي تسبقها وتليها بمصداقية وسرعة، سيتم خلالها استخدام خرائط ومنحنيات توضحية.

 

وستقوم وكالة الأناضول ببث نتائج التصويت بـ 7 لغات مختلفة هي التركية والإنجليزية والعربية واللغة البوسنية (الصربو- كرواتية) والروسية والكردية باللهجتين (الكرمانجية والصورانية) والفرنسية.

 

وفيما يتعلق بنتائج الإنتخابات الرئاسية فإن استطلاعات الرأي تشير أيضاً إلى أن إردوغان سيحصل على نسبة تتراوح بين 54 إلى 55 في المائة، بينما سيحصل أكمل الدين إحسان أوغلو على نسبة تتراوح ما بين 35 و39 في المائة .

 

كما تشير الاستطلاعات الى ان النسبة الباقية والتي تتراوح بين 6 إلى 8 في المائة، ستذهب إلى المرشح الكردي صلاح الدين ديمرطاش.

 

ومن المتوقع أن تكون نسبة الأصوات التي سيحرزها إردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة مؤشراً على سرعته في إحداث التغيير بالنظام السياسي التركي نحو الجمهورية الرئاسية.

 

ويقود إردوغان وحزبه العدالة والتنمية تركيا والتي يقدر عدد سكانها بنحو 76 مليون نسمة منذ العام 2002م وبوصوله إلى سدة الرئاسة سيتمكن رئيس الوزراء من الاستمرار في تسلم مقاليد الحكم خلال ولايتين إضافيتين من 5 سنوات.

 

ويعتبر مراقبون هذه الإنتخابات بمثابة محطة حاسمة في تاريخ حزب العدالة والتنمية، فهي إما أن تكون بداية لمرحلة جديدة يتطلع إردوغان فيها إلى قيادة تركيا خلال العقد المقبل، وإما أن تكون بداية العد التنازلي لمسيرة صعود حزب العدالة والتنمية في ظل استحقاقات حزبية وسياسية داخلية وأخرى إقليمية ودولية.

 

إلا أن مراقبين يرون بأن إردوغان سيتمكن في النهاية من الحفاظ على موقعه، على الرغم من أنه سيظل يواجه ضغوطاً قوية من المعارضة.