المعركة الأخطر
يخوض المجتمع اليمني معركة لا تقل خطرا من صليل السلاح، معركة تستهدف الإنسان في وعيه وإرادته قبل أن تنال من جسده.
إنها معركة المخدرات السلاح الصامت الذي يفتك بالمجتمعات من الداخل، ويزرع الوهن في العقول، ويفكك الأسر، ويهدد قيم الأمة وأمنها واستقرارها..، ولذا حرّمها الإسلام صراحة، واعتبرها القانون جريمة كبرى بحق الفرد والوطن.
المتابع لتقارير وسائل الإعلام فيما يخص احباط عمليات تهريب وتصنيع المخدرات يلاحظ أن عمليات تهريب المخدرات تصاعدت خلال السنوات الأخيرة في المنطقة بوتيرة مقلقة، خصوصاً بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، حيث تحوّلت هذه التجارة القاتلة إلى أداة حرب غير معلنة بيد مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، التي جعلت من الأراضي اليمنية ممراً رئيسياً لشحنات المخدرات نحو الإقليم والعالم، والهدف من كل ذلك ليس الربح، وإنما تفكيك المجتمعات وإضعاف الدول وإغراق الشباب في مستنقع الإدمان، بما يخدم أجندات تخريبية تموّل الحروب وتغذي الفوضى في الممرات البحرية الحيوية.
وقد كشفت الأجهزة الأمنية اليمنية والعربية طوال العام عن إحباط عشرات العمليات وضبط شبكات تهريب معقدة تضم عناصر من جنسيات مختلفة، مما يؤكد أن خطر المخدرات لم يعد محلياً، بل تهديداً أمنياً عابراً للحدود، وهذا يستدعي يقظة دائمة وتعاوناً إقليمياً واسعاً، لأن مواجهة حرب المخدرات تتجاوز العمل الأمني إلى معركة وعي وتربية وتحصين مجتمعي.
إن خطر المخدرات يُواجه بترسيخ ثقافة الوعي لدى الشباب، وتعزيز دور الأسرة والمدرسة والإعلام في حماية العقول من التضليل والإدمان.
فالمعركة اليوم هي معركة وعي ووجود، تتطلب أن يدرك كل فرد مسؤوليته في حماية نفسه ومجتمعه من هذا العدو الخفي الذي يتسلل عبر حدودنا وعقولنا على السواء.
فالمخدرات جريمة، وحرب فكرية وأخلاقية وأمنية، والانتصار فيها يبدأ من وعي الإنسان وإصراره على صون وطنه ومستقبله من سموم الخراب.
