اغتيال الرأي

لا شك أن الجميع يتفق على حرية الكلمة والرأي والجميع يزعم أن حق الاختلاف مكفول ولكن  هذه المفاهيم في إطارها النظري يتحذلق بها الجميع دونما استثناء ؛ لكن عندما تأتي الممارسة العملية تناقض هذا وتجد من ينتمون إلى الشريحة المثقفة يضيقون ذرعا بالمخالف  فهو دليل على أن هذه المفاهيم لم تترسخ في وجدانهم  وان ما يتلفظون به عن الحرية محظ هراء.

   عندما تحدث فولتير أحد منظري الثورة الفرنسية عن استعداده للتضحية بحياته لحماية الرأي وان كان مخالفا له فإنه كان يعي حقيقة أن حرمان المخالف من إبداء الرأي هي مرحلة اولية لالجام جميع الأفواه.

   الذي غاب عن الشريحة المثقفة أن الحملات المسعورة للتشنيع على حزب سياسي  بأعضاءه وقياداته  والاتهامات المعلبة بالتخوين هي مقدمة لامرين إحداهما أن كل صاحب رأي لا يعجبنا هو عدو لدود نقبل أن يبطش به ويسجن ويقتل ولما لا أليس خائنا أما الأمر الثاني فهو إرهاب لكل من يحمل رأي أو فكرة تخالف القطعان الهائمة،وهو المنهج الذي جرى عليه كل أعداء الحرية منذ فجر التاريخ.

   لا اعتقد أن عمليات اغتيال خطباء المساجد هي عمليات فردية وليست جزءاً من منظومة ابتداءت بحملات التحريض الأعلامي بمختلف وسائلة وانتهت بحمل السلاح وازهاق الأنفس التي كانت جريمتها رأيا مخالفا.

  لست بصدد الدفاع عن حزب الإصلاح فهو أولا وأخيرا حزب سياسي له ماله وعليه ماعليه ولا أجد أي مبرر لهذه الحملات المغرضة على أعضاءه فهم من نسيج هذا المجتمع شاء من شاء وأبى من ابى ؛ ولكني بصدد الدفاع عن حرية الكلمة والرأي،فمن يقبل أن تصادر آراء الآخرين فهو يسلب نفسه هذا الحق وكما قالت العرب إنما أكلت يوم أكل الثور الاسود.

   رحم الله الشيخ صالح حليس الخطيب المفوه والمربي الفاضل  ولعل حادثة اغتياله الآثمة تكون سببا في أن يعي الجميع خطورة الاستهانة بالتفريط بحقوق الآخرين في حرية الكلمة وان لم يكن لنا موقف صادق  فنحن جميعاً شركاء في جريمة اغتيال الرأي.

 

  والله من وراء القصد