جهود أممية ثلاثية الأبعاد لمكافحة «كورونا»

المدنية أونلاين ـ متابعات :

 

دق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جرس الإنذار من أن وباء «كوفيد 19» يمكن أن ينتشر «كالنار في الهشيم» في العديد من البلدان النامية، داعياً البلدان والجهات المانحة إلى تقديم تعهدات سخية في قمة ستعقد الاثنين بغرض تمويل تعاون عالمي من أجل تسريع تطوير وإنتاج ووصول العادل إلى التشخيص والعلاجات واللقاحات للفيروس القاتل. وكرّر الدعوة إلى استكمال الجهود لوقف إطلاق النار عالمياً، آملاً في أن يتغلب مجلس الأمن على الخلافات القائمة في هذا الشأن. وتحدث عن العواقب الهائلة للوباء اقتصادياً، مطالباً بتمديد تعليق دفع الديون للبلدان النامية والبلدان متوسطة الدخل، والشروع في وضع أطر التعافي نحو عالم أفضل للجميع.

وفي مؤتمر صحافي عبر الفيديو مع الصحافيين العاملين لدى المقر الرئيسي للمنظمة الدولية في نيويورك، أفاد غوتيريش بأن وباء «كوفيد 19» أدى إلى فقدان أكثر من 200 ألف شخص، معبراً عن حزنه لأن كثيرين آخرين سيموتون. وأبدى «قلقاً خاصاً من عدم وجود تضامن كافٍ مع البلدان النامية - إن لجهة تجهيزهم للاستجابة للوباء، الذي يمكن أن ينتشر كالنار في الهشيم، أو لمعالجة آثاره الاقتصادية والاجتماعية الدرامية»، مذكّراً بمطالبته بـ«وقف عالمي لإطلاق النار لكي يتمكن العالم من مواجهة عدو مشترك، وهو (كوفيد 19)». وقال: «وضعنا خطة استجابة إنسانية عالمية بقيمة ملياري دولار أميركي لأكبر عدد ممكن من السكان الضعفاء»، مضيفاً أن المانحين «تعهدوا بسخاء تقديم مليار دولار»، داعياً إلى «تمويل كامل للخطة». وتحدث عن «إطلاق مسرّع باسم (أكت)، وهو تعاون عالمي من أجل تسريع تطوير وإنتاج ووصول العادل إلى التشخيص والعلاجات واللقاحات لكوفيد 19». وحض الجهات المانحة على «المساعدة في بدء هذا الجهد بمساهمات سخية في قمة التعهدات يوم الاثنين المقبل»، موضحاً أن الأمم المتحدة وضعت «سلاسل توريد بتصرف البلدان النامية» سلمت عبرها «قرابة 1200 طن متري من معدات الاختبار واللوازم الطبية الأساسية الأخرى لـ52 دولة في أفريقيا». وأكد أن «فرقنا القطرية تعمل بالتنسيق مع الحكومات لتمويل التعبئة ولمساعدة وزارات الصحة على الاستعداد والاستجابة للبقاء في الطليعة ودعم التدابير الاقتصادية والاجتماعية، من الأمن الغذائي والتعليم المنزلي إلى التحويلات النقدية وغيرها». وسلط الضوء على ثلاثة أبعاد رئيسية لجهود الأمم المتحدة، يتمثل أولها في «تحقيق وقف إطلاق نار عالمي»، مشيراً إلى أن صدى هذا النداء حظي بتأييد 114 من الحكومات والمنظمات الإقليمية والزعماء الدينيين، وأكثر من 200 من جماعات المجتمع المدني، ومنها 16 جماعة مسلحة.

وأكد أن الممثلين والمبعوثين الخاصين في الأمم المتحدة «يعملون بلا كلل (...) لتحويل النيات المعلنة إلى وقف فعال لإطلاق النار»، مشيراً إلى سوريا، حيث «لا يزال وقف النار سارياً في إدلب، لكننا لا نزال نأمل في وقف الأعمال العدائية على مستوى البلاد». وأسف لأن «ليبيا تشهد تصعيداً على رغم كل جهودنا وجهود الآخرين في المجتمع الدولي».

وأشار إلى أفغانستان، حيث «ندفع بقوة من أجل وقف إنساني لإطلاق النار بين الحكومة و(طالبان)». وأكد أن «هناك فرصة للسلام في اليمن»، حيث «عبرت كل الأطراف عن دعمها لندائي»، لافتاً إلى أن المملكة العربية السعودية أعلنت وقفاً موقتاً لإطلاق النار من جانب واحد، ونحن منخرطون بفاعلية مع كل الأطراف والجهات الفاعلة الرئيسية الإقليمية والعالمية، بهدف وقف دائم لإطلاق النار، واتخاذ مجموعة من تدابير بناء الثقة، وإمكان فتح عملية سياسية»، مشدداً على أن «كل جهودنا تعتمد على دعم سياسي قوي». وفي إشارة إلى إحباطه من الإخفاقات المتواصلة في أرفع محفل دولي لاتخاذ القرارات، أمل في أن «يتمكن مجلس الأمن من إيجاد الوحدة واتخاذ مقررات يمكن أن تساعد في جعل وقف إطلاق النار هادفاً وحقيقياً».

وتحدث ثانياً عن «معالجة الحاجات الفورية للأشخاص الذين يواجهون أشد المحن الاقتصادية»، مشيراً إلى أن «منظمة العمل الدولية» أفادت عن «خسارة أكثر من 300 مليون وظيفة». وقال إن ملايين الأطفال «يواجهون خطر فقدان اللقاحات المنقذة للحياة». وأضاف أن «التحويلات في انخفاض حاد، وكذلك تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر». وحذر من أن «الفقر يمكن أن يرتفع بقدار 500 مليون شخص - وهي الزيادة هي الأولى من نوعها منذ ثلاثة عقود». وشدد على أن «البلدان النامية تحتاج إلى دعم هائل وعاجل»، لافتاً إلى موافقة «صندوق النقد الدولي» على «12.3 مليار دولار في تمويل طارئ لمجموعة من 36 دولة نامية من أصل أكثر من 100 دولة طلبت ذلك».

وأشار إلى أن «البنك الدولي» يمكنه تقديم 160 مليار دولار من التمويل على مدى الأشهر الـ15 المقبلة، فضلاً عن إقرار «مجموعة العشرين» تعليق مدفوعات خدمة الديون للبلدان الفقيرة. وقال: «يجب أن يمتد وقف الدين إلى كل البلدان النامية غير القادرة على خدمة ديونها، بما في ذلك العديد من البلدان المتوسطة الدخل».

وتكلم ثالثاً عن «بدء التخطيط لتحقيق انتعاش أفضل الآن - لأننا سوف نتعافى»، موضحاً أنه «يمكن أن يساعد التعافي من (كوفيد 19) على توجيه العالم إلى مسار مستدام وشامل أكثر أماناً وصحة»، مشدداً على أن «التعافي يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع العمل المناخي».

ودعا الحكومات إلى «تسريع عملية إزالة الكربون من كل جوانب اقتصادنا»، بالإضافة إلى «وظائف خضراء». وأضاف أنه «لا يجب استخدام أموال دافعي الضرائب لدعم الوقود الأحفوري أو إنقاذ الملوثات، والصناعات الكثيفة الكربون». ورأى أن «الآن هو الوقت المناسب لوضع سعر للكربون وسعر يدفعه الملوثون مقابل التلوث». وحض على «استثمار الأموال العامة في المستقبل وليس في الماضي»، طالباً من كل الدول، خصوصاً تلك التي تنبعث منها الغازات الكبيرة «تقديم عروض معززة ومساهمات واستراتيجيات محددة وطنياً للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050». وختم بأن الوقت حان «للتصميم على هزيمة (كوفيد 19)، والخروج من هذه الأزمة لبناء عالم أفضل للجميع».