
تزوير العملة.. مليشيا الحوثي تواصل تدمير الاقتصاد الوطني (تقرير)
صعدت مليشيا الحوثي الإرهابية مجددًا من إجراءاتها الهادفة لتدمير وتجريف الاقتصاد الوطني، ومؤخرًا سارعت المليشيا الحوثي لإصدار طبعة معدنية جديدة من فئة الخمسين ريالا، تلا ذلك إصدار طبعة ورقية جديدة من فئة 200 ريال الثلاثاء الماضي.
ووصف مراقبون اقتصاديون هذه الخطوات التصعيدية بالحرب الكاملة ضد الاقتصاد الوطني، فيما أصدر البنك المركزي اليمني بيانًا شديد اللهجة عبر فيه عن رفضه “هذا الفعل العبثي التدميري الصادر عن كيان غير قانوني”، مؤكدًا أن “هذا التصرف غير المسؤول يُعد استمراراً للحرب الاقتصادية التي تمارسها المليشيا الإجرامية على الشعب اليمني، وإمعانًا في نهب مقدرات ومدخرات المواطنين لتمويل شبكاتها المشبوهة بمبالغ مهولة دون أي غطاء قانوني أو نقدي”.
وكرر البنك المركزي تحذيره لجميع المواطنين وفروع البنوك وشركات الصرافة وقطاع الأعمال في مناطق سيطرة المليشيا، والتي تمارس الأنشطة المستثناة والمسموح بها في إطار العقوبات الدولية الصادرة بحق المليشيا، من التعامل بالعملة المزورة- سواء الجديدة أو القديمة– التي سبق للبنك التحذير من التعامل بها أو قبولها في أي معاملات أو تسويات مالية، تفاديًا لوقوعهم تحت طائلة العقوبات؛ أولًا لتعاملهم بعملة مزوّرة صادرة عن كيان غير شرعي، وثانيًا لتعاملهم مع جماعة مصنفة ضمن قوائم الإرهاب العالمي.
إطاحة بإعلان 23 يوليو
اعتبر البنك المركزي في بيانه أن التصعيد الحوثي، يطيح بإعلان 23 يوليو الصادر عن المبعوث الدولي والذي تم برعاية إقليمية ودولية، مؤكدًا أنه وفيما “نفذت الحكومة اليمنية والبنك المركزي جميع الالتزامات المنصوص عليها في الإعلان، ومارست أقصى درجات ضبط النفس بعدم التصعيد رغم كل الاستفزازات والتجاوزات من قبل المليشيا وفي مختلف المجالات، لم تلتزم مليشيا الحوثي الإرهابية بأي بند من بنود الإعلان الصادر عن المبعوث الأممي، منذ اليوم الأول، سواء بإلغاء الإجراءات التي قامت بها قبيل الإعلان (البند الأول)، أو الالتزام بخفض التصعيد الاقتصادي المنصوص عليه في البند الثاني، واستمرت بارتكاب ممارسات تعسفية بحق البنوك، وشركات الصرافة، وشركة الطيران، والمؤسسات الاقتصادية كافة، وصولًا إلى هذا الإجراء المدمّر للاقتصاد الوطني”.
ودعا المركزي اليمني “الشركاء الإقليميين والدوليين، الراعين لإعلان 23 يوليو 2024، إلى تحمّل مسؤولياتهم وإدانة هذا الفعل التصعيدي غير القانوني وغير المسؤول من قبل المليشيا، والوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم المرافقة والممهدة للإعلان”، مؤكد أن البنك “سيمارس واجباته الدستورية وحقه القانوني في حماية العملة الوطنية، ومدخرات المواطنين، وأمن وسلامة الاقتصاد الوطني، بكافة الوسائل القانونية المتاحة”.
تزوير غير قانوني
بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن أكد من جانبها أن البنك المركزي اليمني هو المؤسسة الوحيدة التي تستطيع إصدار العملة القانونية في اليمن، وأن أي محاولات أخرى لصك العملة المعدنية هي تزوير غير قانوني.
جاء ذلك خلال لقاء للسفراء الأوروبيين وقيادة بعثة الاتحاد بمحافظ البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن الثلاثاء الماضي، أكدوا فيه مساندتهم الكاملة للبنك المركزي وتمكينه من أداء مهامه بكل مهنية واستقلالية، والاستمرار في برامج الدعم الفني وبناء القدرات للبنك عبر المنظمات المتخصصة.
في طريق اللاعودة
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أكد أن خطوة الحوثيين الأخيرة “هي خطوة تصعيدية في طريق اللاعودة، فيما يتعلق بالانقسام النقدي وحالة التشظي التي يعيشها وسيعيشها الاقتصاد اليمني خلال الفترة المقبلة”، وأوضح في حديثه لـ”26سبتمبر”: “صحيح أن هذا الإصدار غير قانوني من وجهة نظر البنك المركزي المعترف به دوليًا، والعملة لن يعترف بها أحد، باستثناء جماعة الحوثي، ومناطق سيطرتها، وستضاعف من حالة عزلة مناطق سيطرة جماعة الحوثي، لكنها في نفس الوقت تضع البلد ككل في تحدي الانقسام والتشظي المستمر”.
وعن تداعيات التصعيد الحوثي قال نصر: “تعتمد التداعيات السلبية لخطوة من هذا النوع، على الخطوات المواجهة التي قد يتخذها البنك المركزي في عدن والحكومة الشرعية، ففي حال مثلا، قررت أنها لن تمول السلع الاستهلاكية في مناطق سيطرة الحوثيين بالعملة الصعبة، في ظل قيام جماعة الحوثي بطباعة عملة داخلية والاستناد إلى عملة صعبة من مناطق الشرعية، هذا سيشكل تحولا كبيرا في مسار الانقسام والحرب الاقتصادية”.
حرب اقتصادية كاملة
وأكد نصر في حديثه خطورة التصعيد الحوثي مضيفًا: “نحن للأسف الشديد ندخل حربا اقتصادية كاملة بهذه القرارات، تعتمد على ما الذي سيتم اتخاذه من قرارات من الطرفين، لكن في حال قررت الحكومة الشرعية اتخاذ قرارات مواجهة لهذا الأمر بكل تأكيد هذا سيؤثر على جماعة الحوثي وسيؤثر أيضا على المواطنين الواقعين تحت سيطرتها”.
واختتم نصر تصريحه لـ”26سبتمبر” بالقول: “سيشكل الأمر تحديا لجماعة الحوثي في توفير العملة الصعبة، في ظل وضع كهذا، وفي ظل الحصار الذي تواجهه، والعقوبات الشديدة التي تواجهها، وما زال لديها، ربما فقط مصدر وحيد للعملة الصعبة، وهو تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج”.
وحذر نصر من تأثير الإجراءات الحوثية الأخيرة على أموال المغتربين قائلًا: “استمرار جماعة الحوثي بالإصدار النقدي بشكل يفوق احتياجها لهذه العملة، بكل تأكيد سيؤدي إلى مزيد من التضخم أو بالمقابل سيؤدي إلى سرقة أموال المغتربين، لأنه في النهاية لا يوجد ما يقابل هذا الإصدار النقدي من عملية إنتاجية في هذه الحالة تكون مسألة طباعة أوراق ليس أكثر يغطيها ربما تحويلات المغتربين وهي المصدر الوحيد في المرحلة الراهنة”.