وزير البيئة يكشف تطورات السفينة الغارقة "روبيمار" (حوار)

المدنية أونلاين/عبداللاه سُميح/إرم:

قال وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي، إن "خلية الأزمة" المشّكلة حكوميًا للتعامل مع تداعيات السفينة المنكوبة "روبيمار"، تواصلت مع مالك السفينة ودولة العلم، بهدف اتخاذ إجراءات عاجلة لسحب السفينة وانقاذها إلى أقرب مركز للصيانة، "ولكن للأسف لم نصل إلى نتيجة" حتى الآن.

وكشف الوزير اليمني ورئيس "خلية الأزمة"، في حوار مع "إرم نيوز"، عن وصول خبراء دوليين إلى اليمن الأحد الماضي، لمناقشة مختلف السيناريوهات "وعرضنا عليهم خطة الاستجابة الطارئة، وسيتم التشاور لإعداد خطة مشتركة بصورتها النهائية".

وتطرق الشرجبي، إلى تفاصيل أضرار تسرّب حمولة السفينة الغارقة جراء هجوم ميليشيا الحوثي، من السماد والوقود، على البيئة والكائنات البحرية وتأثيراتها على حياة الصيادين والمناطق الساحلية ومحطات تحلية مياه البحر.

- لنبدأ من حمولة السفينة "روبيمار"، ما نوعها وحجمها؟

استهدفت السفينة" روبيمار" في الثامن عشر من شهر فبراير الماضي، أثناء إبحارها في البحر الأحمر، على بعد حوالي 35 ميلا بحريا من ميناء المخاء، بصواريخ أطلقتها الميليشيات الحوثية أصابت غرفة المحركات وعنبر رقم 5 . قبطان السفينة أمر طاقمه بإخلاء السفينة كإجراء أمني، على إثر ذلك انتقل طاقم السفينة إلى جمهورية جيبوتي وعددهم 24 وقبيل إخلاء السفينة قام طاقمها بإنزال المخطاف الأيمن للسفينة، لتترك السفينة عرضة لمهب الرياح والتيارات البحرية، حتى وصلت قبالة ميناء مدينة المخاء، على بعد حوالي 16 ميلاً بحرياً.

وتتكون حمولة السفينة من 21.999 طن سماد غير عضوي هو Ammonium Phosphate Sulfate NPS بحسب مانفيست (بيان) الشحن للحمولة، إضافة إلى وقود السفينة الذي يبلغ 2000 طن من المازوت، و80 طنا من مادة الديزل.

ويعلم الجميع بأن البيئة البحرية في البحر الأحمر، تعتبر من المناطق الحساسة بيئيًا، وتتميز بتعدد وتنوع الموائل البيئية والتنوع البيولوجي الغني والمتميز المتمثل ببيئات الشعاب المرجانية وبيئات المانجروف والأراضي الرطبة وتنوع أنواع الأحياء البحرية، كما تعتبر مختلف البيئات الساحلية في البحر الأحمر موئلًا للتغذية والراحة للعديد من أنواع الطيور المهاجرة من أوروبا وأفريقيا إلى آسيا خلال فترة الشتاء.

ويعتبر البحر الأحمر مصدرا لارتزاق شريحة واسعة من الصيادين الذين يعتمدون على مخرجات البحر كمصدر أساس لمعيشتهم، وأعدادهم تتراوح بمئات الآلاف.

- ما الأضرار المتوقع حدوثها على البيئة البحرية؟ وإلى أي مدى سيسهم ضيق المنطقة التي غرقت فيها السفينة جنوبي البحر الأحمر، في انتشار الأضرار بشكل أسرع؟

تلويث البيئة البحرية بسماد فوسفات الأمونيوم الكبريتية يكمن في تفاعله مع مياه البحر إذ تنتج عنها آثار سلبية على الكائنات البحرية، ويمكن أن تؤثر هذه الانسكابات في زيادة أيونات الفوسفات والكبريتات على كيمياء مياه البحر، ما قد يؤدي إلى انخفاض مستويات الأوكسجين وإحداث خلل في التوازن البيئي في أوساط مياه البحر، والتي ستنعكس سلبًا على صحة الكائنات البحرية.

كما أن تلوث مياه البحار بالكيماويات يساعد على نمو الطحالب التي تستهلك الأوكسجين وتحجب ضوء الشمس عن الكائنات المنتجة للأوكسجين، وهذا بحد ذاته سيؤثر على بيئات الشعاب المرجانية ومختلف البيئات، والتنوع البيولوجي المميز لبيئة البحر الأحمر، فضلًا عن تسرب المشتقات النفطية والتي هي عبارة عن وقود السفينة، التي سيكون لها آثار سلبية على التنوع البيولوجي وعلى البيئة البحرية بمختلف أنواعها.

 وغرق السفينة في المنطقة الضيقة له آثار على الملاحة الدولية، وقد يصل ضرر "روبيمار" إلى إتلاف شبكة كابلات الإنترنت البحرية.

- هل هناك تأثيرات سلبية كالتلوث، ستطال البيئة الساحلية والمناطق البرّية جراء ذوبان هذه الأسمدة في المياه؟ وما حجم تأثيرها على الكائنات البحرية التي يتناولها الإنسان؟

تسرب حمولة السفينة إلى البيئة البحرية سواء كان سماد فوسفات الأمونيوم الكبريتية أو وقود السفينة، يعني ذلك دخول عناصر جديدة غير داخلة في المكونات الطبيعية لمياه البحر أو المكونات الطبيعية لمختلف البيئات والموائل الساحلية، إضافة إلى تأثر سكان المناطق البرية الذين يعتمدون على البحر كمصدر أساس لمعيشتهم وأعدادهم مئات الآلاف والمعتمدين على مهنة الصيد.

وستطال التأثيرات مصادر مياه الشرب السطحية الواقعة بالقرب من المواقع المتأثرة بالتلوث، سواء كان ناتجا عن السماد أو وقود السفينة إلى البيئة البحرية.

وفي حال وجود تلوث يجب من قبلنا أخذ الحيطة والحذر من وجود آثار سلبية بعيدة المدى، جراء تجمّع وتخزين المواد الملوثة في الكائنات الحية البحرية، لذلك نحن في الحكومة حريصون على إجراء مختلف الفحوصات اللازمة بالتعاون مع المنظمات الدولية في محاولة لاحتواء الضرر.

- تشير البيانات الحكومية اليمنية إلى أضرار محتملة على محطات تحلية مياه البحر الأحمر، هل يمكنكم توضيح ذلك بشكل أكبر؟

توجد في جزر البحر الأحمر وعلى السواحل بعض محطات تحلية مياه البحر، والتي يستفيد منها السكان في الحصول على المياه العذبة عبر تحلية مياه البحر، بسبب عدم توافر مصادر أخرى لمياه الشرب.

ونود الإشارة إلى ما يعانيه اليمن من حروب وصراعات منذ 9 أعوام، إضافة إلى ضعف إمكانياته المادية والفنية المتوفرة، ومحطات التحلية تحتاج إلى الصيانة المستمرة واستبدال أغشيتها، ولذلك فإننا نضع من ضمن أولوياتنا اتخاد الحيطة والحذر لاحتمالية أن تصل أضرار غرق السفينة إلى محطات التحلية، وحذرنا يهدف إلى حماية البيئة وصحة الإنسان.

- ما الخيارات المطروحة حتى الآن على طاولة" خلية الأزمة" المشكّلة حكوميًا، لتجنب حدوث أي كارثة بيئية أو التقليل من خطورتها؟

تعاملت الحكومة منذ الوهلة الأولى لوصول السفينة "روبيمار" إلى قبالة ميناء المخاء، وسعت لإيجاد حلول لإنقاذها قبل غرقها، حيث أصدر رئيس مجلس الوزراء في 24 فبراير قرار تشكيل خلية التعامل مع السفينة المنكوبة، وتم اتخاذ خطوات عملية عقب تشكيل الخلية، نلخصها في التالي:

• النزول الميداني إلى موقع تواجد السفينة قبل غرقها للتأكد من حالتها وإمكانية إنقاذها، وكانت النتيجة استمرار تدفق مياه البحر إلى غرفة المحركات وعنبر رقم 5 المتأثرة بقصف مليشيا الحوثي.

• المتابعة مع مختلف الجهات الفنية للمساعدة في تقديم الدعم اللوجستي والمادي لإنقاذها من الغرق والتواصل مع المنظمات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في شمال أفريقيا وغرب آسيا والمنظمة البحرية الدولية والهيئة الإقليمية للحفاظ على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن وغيرها من المنظمات وعمل نماذج أو محاكاة للتوقعات والمخاطر في حالة حدوث أي تسرب ناتج عن حمولة السفينة حتى نكون على استعداد لمجابهة أي طارئ.

• التواصل مع مالك السفينة ودولة العلم لغرض اتخاذ إجراءات عاجلة لسحب السفينة وإنقاذها إلى أقرب مركز للصيانة، ولكن للأسف لم نصل إلى نتيجة.

• محاولة تحمل الحكومة تكاليف إنقاذ السفينة من الغرق وقطرها إلى أقرب مركز صيانة، لكن للأسف ضعف الإمكانيات الفنية والمادية وعدم توافر شركات متخصصة لهذا الغرض في البلد قد حال دون ذلك، إضافة إلى تخوف الشركات العالمية المتخصصة في الإنقاذ، من الوصول إلى اليمن بسبب الهجمات والتهديدات الصادرة من المليشيات الحوثية.

- ما الإجراءات المتخذة من قبل خلية "روبيمار" لتعويم وإخراج السفينة الغارقة ومكافحة التلوث في حالة تسرب حمولتها؟

1- التقييم المستمر للوضع البيئي لمختلف البيئات (الشواطئ، الجزر، تجمعات الصيادين ومواقع الإنزال السمكي، مصادر مياه الشرب بما فيها محطات التحلية...الخ وتقييم المواقع المتوقع تأثرها من جراء حدوث أي تلوث ناتج عن تسرب حمولة السفينة سواء كان سماد سوبر فوسفات الأمونيوم أو وقود السفينة.

2- تواصل مستمر مع مالك السفينة ودولة العلم والمنظمة البحرية الدولية لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تعويم السفينة وانتشالها من موقعها قبل حدوث أي تسرب لحمولتها.

3- الاستعانة بخبراء دوليين في مجال الاستجابة لحوادث الانسكابات النفطية من برنامج الأمم المتحدة للبيئة في شمال أفريقيا وغرب آسيا لمشاركة الجهود الرسمية الحكومية لمجابهة أي تلوث قد ينجم عن تسرب حمولة وقود السفينة "روبيمار".

4- إنشاء غرفة عمليات خاصة للطوارئ لاستقبال أي معلومات عن تلوث قد ينتج عن تسرب حمولة السفينة روبيمار.

5- توفير مختلف الإمكانيات اللازمة والمتاحة للاستجابة لأي تلوث قد يحصل جراء غرق السفينة.

6- وضع كافة المتدربين في مجال مكافحة التسربات النفطية سواء من الهيئات والمؤسسات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني، في قائمة الانتظار.

7- استمرار انعقاد خلية أزمة "روبيمار" وبشكل دائم.

8- الاجتماع عبر تقنية الاتصال المرئي مع سفراء الدول الصديقة والمنظمات الدولية لاطلاعهم على تفاصيل حادث غرق السفينة "روبيمار" واحتياجات اليمن المادية واللوجستية لتعويم السفينة ومجابهة التلوث في حال تسرب حمولتها.

- لكن هل تلقيتم أي استجابة أو وعود؟ وهل وصل الخبراء الدوليون إلى اليمن؟

نعم وصل الخبراء والتقينا بهم الأحد الماضي، وناقشنا مختلف السيناريوهات المحتملة وعرضنا عليهم خطة الاستجابة الطارئة، وسيتم التشاور لإعداد خطة مشتركة بصورتها النهائية.

- أخيرًا، إلى أي مدى يمكن لليمن أن يتعامل مع كوارث بيئية بحرية من هذا الحجم؟ وهل هناك مخاطر محتملة لعملية قطر السفينة الغارقة؟

يواجه اليمن صعوبة كبيرة في وقتنا الحالي لمواجهة أي كوارث بيئية بحرية بسبب قلة الإمكانيات الفنية والمادية. وتحديد المخاطر المحتملة من جراء عملية قطر السفينة" روبيمار" يتطلب وجود مختصين وخبراء لهذا الغرض، وفريق غوص متخصص قادر على الغوص لأعماق تصل إلى أكثر من 100 متر لتقييم وضع وحالة السفينة، وهذا غير متوفر في اليمن وهو ما نطالب به حاليا ونطلب المساعدة من جميع المنظمات الدولية والدول الصديقة.