ملكة شيباني.. إحدى ثائرات 14 أكتوبر في عدن وتاريخ ثورة مطرزة بالذهب “بروفايل”
على عتبات “حافة القاضي” بكريتر المدينة القديمة لعدن أخذت الفتاة ’’ملكة شيباني‘‘ توزع منشورات ورقية على الأهالي ذات المضمون الثوري وحق الناس في التحرر من الاستعمار البغيض، وهي لا تعلم سطوة بريطانيا العظمي لكنها كانت تملك شكيمة وإصرار لا يلين.
كانت ملكة ضمن المجاميع التي تقوم بإعداد المنشورات المناهضة للاستعمار، فيما كان يساعدها في ذلك شقيقها ’’فاروق‘‘ ونتيجة لمضمون هذه المنشورات اندلعت المظاهرات المناوئة للندن، ومعها ارتعدت فرائص الإنجليز حينها وما إن شرع الجنود البريطانيون بمطاردة الناس في الشوارع اتخذ المناضلون منزل ’’ملكة الشيباني‘‘ يأوون إليه.
ثمة ألم سرق من ’’ملكة‘‘ الدموع عندما أمعنت النظر في وجوه الناس في الشطر الجنوبي من الوطن، كان الفقر في وجوههم والحرمان معه، يومئذ سلبت بريطانيا من الناس ابتسامتهم، وكبلت حريتهم بأغلال العبودية، ومن هنا تقدمت ملكة باقتراح عندما كانت طالبة في مدرسة ’’البادري‘‘ إلى مديرتها بالسماح لها بتكوين جمعية لمساعدة الفقراء من خلال جمع المال من التجار.
وما إن سمحت لها المديرة بذلك، أخذت وزميلاتها بجمع المال والملابس والطعام وقمن بعملية التوزيع للسجناء والفقراء والقاطنين الكواخ الشعبية ’’العشش‘‘ في الأحياء الفقيرة، ومن هنا بدأت الشخصية الثورية ’لملكة الشيباني تتكور ناصية السماء ونذرت حياتها للدفاع عن الوطن.
لم تكتف الفتاة بالإيمان بالثورة بل كانت من جنود الثورة وجندت نفسها في صفوف الثوار وشاركت في نقل الأسلحة من مكان إلى آخر، حيث كان بحسب أسرتها لموقع ’’سبتمبر نت‘‘, لوالدها المرحوم عبداللاه أحمد الشيباني والدتها الفضل الكبير في تشجيعها على المضي قدماً في طريق الحرية والاستقلالية والرقي والتقدم للوطن مطرز بالذهب‘‘.
وتقديراً لجهودها ونشاطاتها الوطنية البارزة و إتقانها للغة الإنجليزية فقد كانت الفتاة الوحيدة وهي مادون العشرين حينها والتي تم اختيارها ضمن الوفد المفاوض لنيل الاستقلال والسيادة من المستعمر البريطاني في جنيف، حيث كان الوفد برئاسة الرئيس الشهيد ’’قحطان الشعبي‘‘ أول رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وضم الوفد كلًا من ’’عبدالفتاح اسماعيل‘‘ و’’فيصل الشعبي‘‘ و’’سيف الضالعي‘‘ و’’أحمد البيشي‘‘ و’’عشال‘‘ و’’عادل خليفة‘‘ وغيرهم من المناضلين.
هذا وسيطرت بريطانيا في 19 يناير من العام 1839م على مدينة عدن لتحكم سيطرتها بعدها على الشطر الجنوبي من اليمن لتخرج معها بريطانيا في 30 نوفمبر من العام 1967م, وهو تاريخ رحيل أخر جندي بريطاني من عدن وشكلت ثورة 14 أكتوبر التي اندلعت في 1963م من جبال ردفان نقطة فارقة في التاريخ وخاض اليمنيون جنوبًا ملاحم بطولية كان للمرأة دوراً مشرفاً إلى جانب أخيها الرجل كما هو الحال لطابور طويل من المناضلات.
كان ’’لملكة الشيباني‘‘ شرف المساهمة الفاعلة والنشطة وتأدية الواجب الوطني المقدس في النضال ضد الاحتلال والاستعمار حتى نال الوطن الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م, وسبق ’’لملكة‘‘ أن طالبت بالعلم والتعليم وكسر قيود الجهل والأمية وتحرير المرأة وتمكينها من التعلم وانخراطها في العمل فيما قادها حلمها التدرج التعلمي ابتدأ من دراستها مُبتداها في مدرسة الميدان للبنات ، والثانوية في معهد CONVENT SCHOOL ’’البادري‘‘ ، ثم الدراسة العليا بجامعة ’’بيزونفون‘‘ بفرنسا ، بعد ذلك بالمعهد الدولي للإدارة ’’القسم الدبلوماسي‘‘، ثم أتمت دراستها في جامعة ’’السربون‘‘ ونالت الدكتوراه في العلوم السياسية.
وتنحدر الدكتورة ’’ملكة الشيباني‘‘ ذو ’’73‘‘ عامًا إلى حافة ’’القاضي‘‘ بمديرية كريتر محافظة عدن وهي من مواليد 22 ديسمبر 1947 م ، وتعيش حاليًا بفرنسا وهي متزوجة من رجل الأعمال ’’عبدالله عبدالقادر محمد فقيرة‘‘ ولها أبناء ذكورًا وإناث، هذا ولـ’’الشيباني‘‘ محطات في خدمة اليمنيين هناك أفرادًا وجالية وانخرطت أيضًا في العمل في السفارة اليمنية بباريس.