الشرعية رؤية ومسار لا أشخاص!!
دعمنا الرئيس هادي ليس لأنه جنوبي أو من أبين ، وإنما كان رئيسًا للدولة اليمنية ، وفي ظرفية بالغة التعقيد ، أطلق عليها مرحلة الانتقال السياسي ، وصولا للدولة الاتحادية بمضامينها الوطنية العادلة لكل اليمنيين.
والان ندعم الرئيس رشاد العليمي ليس لأنه شمالي وتعزي وإنما باعتباره رئيسًا لدولة منقلب على سلطاتها ومؤسساتها ، وغاية هذه السلطة الشرعية إنجاز الدولة الاتحادية المتعثرة منذ انقلاب الحوثيين على سلطاتها الإنتقالية.
دعونا ما بعد تحرير عدن وجوارها إلى تحالف الضرورة ، قلنا إنَّه ولابد من إيجاد تحالفات جديدة سياسية وعسكرية ووطنية هدفها استعادة الدولة اليمنية ، اولًا ، وثانيًا ، وثالثًا.
هذه التحالفات للأسف الشديد لم تقم بسبب ممانعة القوى المنضوية تحت مظلة السلطة الشرعية ، بعضها نكاية بالرئيس هادي وما يمثله من خيارات سياسية غير مرغوبة أو مرفوضة ، والأصح أنها غير مستوعبة أو مفهومة في ذهنية قادة الصدفة.
البعض الآخر انتقامًا من دوره في تفكيك النظام العائلي القبلي وتأسيسه لمضامين ثورية انتقالية ، وفي المحصلة تكالبت عليه وبدعم من تحالف دعم الشرعية - وهذه مأساة عربية خالصة - ؛ فكان ولابد من استبداله بمجلس قيادة مكون من ثمانية اعضاء ، برئاسة رشاد العليمي.
تبدل الرئيس هادي ولم يتغير المسار الذي بدأه ، أضحى لدينا مجلس قيادة ، ولكن لم يقل أحدا أن هناك مسارات متضاربة ومتصارعة.
وان الرئيس العليمي سيكون كبش فداء المرحلة التالية ، نظرا لما يمثله من مضامين الدولة اليمنية الاتحادية المتوافق عليها في مؤتمر الحوار ، والمنبثقة اصلا عن المبادرة الخليجية ، وتم دعمها واسنادها بقرارات دولية من مجلس الأمن.
قال الرئيس رشاد العليمي إنَّ المرحلة تستدعي توافقا ، وشراكة ، وشفافية ، ومسؤولية ، ومعالجة للمظالم ، واستعادة للدولة ومؤسساتها ، وإسقاط الانقلاب سِلمًا أو حربًا.
هناك من لم يستوعب بعد أن الرئيس العليمي لم يخترع هذه الرؤية من رأسه أو من جماعة أو حزب ، فهذه هي رؤية المرحلة الانتقالية ، تبناها قبله الرئيس هادي ، وأي رئيس أتى أو سيأتي من بعده كان ولابد أن تكون قيادته ملتزمة بهذه الرؤية وفق الدستور والمرجعيات الثلاث.
لماذا أجدني داعمًا للرئيس العليمي على ما في الواقع من أزمات ومشكلات ؟ لأنه يمثل الخيار الواعي والعقلاني ، فما من إنسان حر وعقلاني سيتبنى الفوضى والعبث!.
وما من فئة أو مكون وطني يرضي لوطنه وشعبه الذل والهوان والشتات ايا كانت الأحوال والأسباب أو المبررات.
ادعم تقارب الانتقالي بمكون حُرَّاس الجمهورية ، وسأكون واضحًا وصريحًا مع الطرفين ، فالاولى بهما دعم السلطة الشرعية التي يستظلان برايتها ، وتأخذهما العزِّة والأثم بالانتساب إليها.
بهذه الطريقة تستقيم الأمور ، وغير ذلك مجرد إلهاء وعبث واستدامة للأزمات والمشكلات الاقتصادية والخدمية ، بل وستطول الحرب طالما وهنالك مستفيدين.
طارق لن يمنح الإنتقالي صك اعتراف بدولة جنوبية مستقلة ، كما والإنتقالي لا يمكنه استعادة الشمال وتسليمه الى طارق أو احمد كوريثين شرعيين لجمهورية الرئيس المغدور به من حلفائه الانقلابيين.
يقينًا أن اليمن لن يعود إلى ما قبل ثورة فبراير والحوار والانقلاب - إيضًا - ، فتلك مرحلة لها ما لها وعليها ما عليها ، وعلى شركاء الضرورة فهم واستيعاب المتغيرات الحاصلة خلال العشرة الأعوام الفارطة.
فمن يروم إلى تحرير صنعاء ينبغي له الإنضواء تحت راية الشرعية من أجل تحرير اليمن من أسوأ جماعة سلالية كهنوتية.
تعدد الرايات والغايات ريما افلح في تشكل تحالفات مصدرها المال الوافد والقوة والحشد ، لكنها أبدًا لن تكون بديلة لخيار استعادة الدولة اليمنية بمضامينها الجديدة العادلة.
وعلى هذا الأساس فإن إضعاف السلطة الشرعية سبق واختبره الجميع ، فلم يفض لغير هذه الحالة المختلة المشوهة والقاسية والشاذة.
الإعتقاد ان الاستمرار على ذات المنوال سيأتي بدولة الجنوب أو الشمال ؛ أعده من الأخطاء الكارثية ، فبسببه الجماعة الحوثية صارت لديها سلطة وسطوة وأنياب ومخالب تهدد بهم.
أوقفت تصدير النفط والغاز ، وضربت مقدرات الدولة ، وهددت الملاحة الدولية ، وأضحت الان تشترط وتفرض أجندة مغايرة لتوافقات اليمنيين على دولة تشاركية عادلة ، وتتوعد الداخل والاقليم والخارج بالمزيد من الخراب والدمار إذا لم يستجاب لها.
ينبغي أن يكون شركاء اللحظة الراهنة واضحين ومسؤولين عن التزماتهم السياسية ، فهناك معطيات جديدة حصلت في هذه البلاد ، وبسبب ممانعة القوى القديمة الجديدة ، طال أمد الحرب ، وتعذر انجاز الدولة اليمنية الاتحادية بافاقها ومضامينها العادلة والمنصفة لكل اليمنيين.
سأقول لكم من الاخير ، لن يتعافى اليمن الَّا باستعادة دولته وإنجاز رؤية الدولة التي تعذر إنجازها في عهد رئيسين ، سابق ولاحق.
ليس من الحكمة ولا المصلحة الجمعية الرهان على الخاسرين ، فثمة واقع تشكل خلال سني الحرب ، وهذا الواقع لا يجب إغفاله ، بل يستوجب التعاطي معه بمسؤولية وفطنة.
من يظن أن السعودية أو الإمارات أو امريكا او روسيا أو بريطانيا يمكنها دعم خياراته السياسية المناقضة للتوافقات المتكأة على مبادرة الأشقاء في الخليج ، ومسنودة بقرارات وتفهمات دولية ؛ أجزم أنه يعيش وهمًا قاتلًا له ولأتباعه ولنا جميعا دون استثناء.
الخلاصة ، لا خيار آخر ، فهذه البلاد وشعبها في خضم مأساة عظيمة لا ينفع معها التأويل أو التنظير أو التأجيل ، فهناك خيارات ممكنة ، وهناك سلطة شرعية يستوجب دعمها واسنادها بدلا من إضعافها وإجبارها على الخضوع للداخل أو الخارج.