سيطرة الحوثيين على مساجد صنعاء: أزمات الصرخة وهجرة المصلين

المدنية أون لاين_ ابو بكر نصر

استكملت جماعة الحوثي، الأسبوع قبل الماضي، سيطرتها على مساجد العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك بعد أن فرضت خطيبًا مواليًا لها على مسجد الشوكاني، آخر متنفس للمصلين الذين تركوا المساجد التي يخطب فيها حوثيون، اعتراضًا على تسييس الخُطب واستخدام المنابر للتحريض الطائفي ولأغراض تتعارض مع رسالة خطبة الجمعة.

 

وقال مصلون إن خطيبًا حوثيًّا يرافقه عددٌ من المسلحين وصل، قبل دقائق من وقت الخطبة، وأبلغ المسؤول عن المسجد بأن لديه تكليفًا بالخطابة من وزارة الأوقاف والإرشاد، الأمر الذي أثار استياء واسعًا في صفوف المصلين عبَّرَ عنه بعضهم بمغادرة المسجد.

 

ويرى مصلون أن الجماعة أبقت على خطيب مسجد الشوكاني كل هذه المدة لغرض إثبات تسامحها الفكري، إلا أن حجم الإقبال عليه شكَّل إزعاجًا كبيرًا لها، حيث بدا كما لو أنه إدانة غير مباشرة لممارساتها تجاه مساجد أخرى.

 

حملة ممنهجة

 

ومنذ سيطرتها على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، أواخر العام 2014م، بدأت الجماعة حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد، عن طريق فرض خطباء وأئمة محسوبين عليها.

 

وتدرَّجت الجماعة في السيطرة على مساجد صنعاء، حيث بدأت بالمساجد التي أُسنِدت مهمة الخطابة فيها إلى محسوبين على التيار السلفي، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، قبل أن تنتقل إلى المساجد الأخرى.

 

وحرصت جماعة الحوثي على تغطية ممارساتها الطائفية الخاصة بتغيير أئمة وخطباء مساجد صنعاء غير الموالين لها، باستصدار توجيهات من وزارة الأوقاف والإرشاد التي باتت خاضعة لسيطرتها.

 

ويقول خطيب سابق في أحد مساجد صنعاء إن مجموعة من المسلحين الحوثيين أتوا إليه قبل الخطبة، وأخبروه أن لديهم تكليفًا من وزارة الأوقاف بتعيين خطيب آخر للمسجد.

 

ويضيف الخطيب، في تصريح خاص لـ: “لم يكن أمامي سوى التجاوب معهم، والتنحّي للخطيب الذي أتوا برفقته إلى المسجد، رغم أني حرصت، في كل خطبي، على مراعاة مختلف التوجّهات”.

 

في المنازل

 

نتيجة لهذه الممارسات عزف كثير من المواطنين عن الذهاب إلى مساجد، خطباؤها وأئمتها حوثيون.

 

ويؤكد مواطنون في صنعاء أنهم قرّروا تأدية الصلوات، بما فيها الجمعة، في منازلهم، منذ فرض الحوثيين خطباء وأئمة يعملون لصالح توجّهاتهم الفكرية والعقدية.

 

ويتفقون، في حديث لـ على أن خُطب الجمعة باتت أقرب إلى بيانات الحروب منها إلى المواعظ، حيث تدور من بدايتها إلى نهايتها حول دعوة الناس على الالتحاق بجبهات القتال أو التبرع لما يسمّونه “المجهود الحربي”.

 

وبحسبهم فإن عدد المصلين الذين لا يزالون يؤدون صلاة الجمعة في مسجد الحي يكاد يساوي عدد المصلين الذين يؤدون صلاة المغرب، رغم أن المسجد كان يزدحم كثيرًا في السابق، إلى درجة أن المتأخرين يؤدون الصلاة في الشارع، حد تعبيرهم.

 

فرز طائفي

 

ويحاول خطباء جماعة الحوثي فرز المصلين طائفيًّا، من خلال إلزامهم بترديد شعارات خاصة بالجماعة.

 

وفي أواخر ديسمبر الماضي، اعتدى مسلحون حوثيون على مصلين غادروا مسجد “حجر” الواقع في شارع “حدة” وسط صنعاء، وذلك بعد أن دعا الخطيب المصلين إلى ترديد الصرخة الخاصة بجماعته، معلنًا أن مَن لم يرددها بعده يُعدُّ من المنافقين.

 

وبحسب مصادر متطابقة فقد تعرّض المصلون الذين غادروا المسجد، وهم يهتفون: “بالروح بالدم.. نفديك يا يمن” للضرب بأعقاب البنادق.

 

وأضافت المصادر: بعد أن غادر معظم المصلين المسجد قام أحدهم وسأل الخطيب: “لمَن تخطب الآن؟”.. فانهال عليه المسلحون الحوثيون بالضرب قبل أن يقتادوه إلى جهة مجهولة.