المفكر العربي - فهمي هويدي : الاعتذار للجنوب وصعدة مفتاح تصالح اليمنيين

المفكر الإسلامي فهمي هويدي

نقلاً عن صحيفة الجمهورية-حاورة سيد علي

فهمي هويدي ، كاتب ومفكر  إسلامي، ذو ميول قومية، مهتم بالشأن الإيراني، وعلى تواصل مع قيادات من جماعة الحوثيين،  في حوار  خاص مع (الجمهورية) يؤكد ضرورة خروج الرئيس السابق علي عبدالله صالح من المشهد السياسي لضمان استقرار اليمن.. ويشدد على  وجوب الحفاظ على الوحدة وحل القضايا الوطنية كالقضية الجنوبية وصعدة عبر الحوار الشفاف والمكاشفة الصريحة، وتنبأ بسقوط النظام السوري، وقال: إن نهايته باتت وشيكة، مرجّحاً أن ذلك  سيحد من أطماع إيران التوسعية في المنطقة،  كما أشار إلى أن  ثورات  الربيع العربي ستسهم في إيجاد شرق أوسط جديد يشكله أبناؤه.. فالي نص الحوار:

> ربما نبدأ الحوار باليمن، برغم أنه لا يوجد عندى تصور من أين أبدأ الحديث معك،  فهل تتكرم بتسهيل البداية؟

ابتسم ضاحكاً وقال: أنا لي علاقات كثيرة فى اليمن, بدءاً بالزملاء والأصدقاء الذين جاءوا إلى مصر فى الخمسينيات للدراسة, وهذه كانت البعثة الثانية على ما أعتقد ...حيث إن البعثة الأولى ذهبت إلى العراق والثانية كانت هنا, وكان  فيها الأستاذ محسن العينى، وأنعم غالب، وعبدالله الكرشمي، وعدد آخر, ورأينا بعد ذلك منهم من أصبحوا ثواراً, فمنهم من أعدم، ومنهم من هرب, وعبدالله جزيلان – توفاه الله– وكذلك محمد الأهنومي توفاه الله, وهؤلاء كانوا مقيمين في القاهرة, فهناك علاقة تاريخية قديمة,وهناك قبيلة هويدي في الحديدة وفي تعز أيضاً, ولكن لم تثبت لنا رؤية تؤكد النسب, الاسم ليس مألوفاً في العالم العربي, ولكن له أصول في اليمن, هذا على المستوى الشخصي, أما على المستوى المهني,  أنا طبعاً منذ قامت الثورة اليمنية, زملائي كانوا في مقدمة الذين قاموا بهذه الثورة, منهم وذكرتهم لك عبدالله جزيلان ومحمد الأهنومي, محمد قائد سيف, وآخرين.

هل كانت تجمع بينكما لقاءات في القاهرة؟

هؤلاء كانوا زملاء دراسة، ولكن لم نحضر لشيء كثوار ولكننا كنا طلاباً, تلاميذ في مدرسة حلوان الثانوية, وكانوا يقيمون في بيت اليمن في حلوان, هؤلاء استقروا بعد أن صاروا قادة ولواءات وضباط وكبار موظفين, كل هؤلاء بدأوا من حلوان وانتهوا في أحياء القاهرة, وأكثرهم استقر بين المهندسين والزمالك والدقي.

< هل التقيتم بعد ذلك؟

نعم بالطبع التقينا, فأنا مازلت على صلة بالأستاذ محسن العيني, وعبدالله جزيلان، التقيت معهما عدة مرات, والأهنومي التقيت معه عدة مرات, أما الدكتور أنعم غالب صار لي مدة لم أره, بعضهم مازالت تربطني به علاقات حتى هذه اللحظة.

< بالنسبة للوضع في اليمن واستقرائك للصورة الموجودة حالياً, أنا أتذكر في مقال كتب منذ أسبوعين لكم لاقى رواجاً مثل عادتك دائما في كل المقالات التي تتحدث فيها عن اليمن.. فكيف ترى الصورة الآن؟

بصراحة أنا قلق على اليمن, وأرى أن اليمن يستحق وضعاً أفضل كثيراً مما هو عليه, يؤسفنى أن أقول لك : إن اليمن معرض لقلاقل في الشمال والجنوب, ويحزنني كثيراً أن تكون فكرة الانفصال مطروحة في الجنوب, حتى لو كان هذا من جانب بعض المثقفين أو السياسيين, وللأسف الشديد اليمن لا يلقى الاهتمام  الكافي به, سواء من دول عربية أو حتى منظمات دولية.

 وما السبب فى وجهة نظركم؟

الأطماع قليلة فيه, إذا كان النفط هو ما يشغل الدول الخليجية, فأظن أن موضوع القاعدة هو ما يشغل الغرب فى اليمن. ويمكن أيضاً ارتباط الجيرة بين اليمن والسعودية, في حين أننا نعرف تماماً أن اليمن أكبر من ذلك بكثير, اليمن تقريباً هو البلد الحقيقي الموجود في منطقة الخليج.

لو تحدثنا عن الشأن الداخلى كيف تقيم المبادرة الخليجية؟ وكيف ترى الحصانات التي منحت للرئيس السابق علي عبدالله صالح؟و كيف ترى هذا وتأثيره على  الوضع السياسى القائم؟

هذا حل منقوص, كان ينبغي أن يرتب رحيلاً أو ترحيلاً لعلي عبدالله صالح خارج اليمن, فلا تستطيع أن تغفر له كل ما فعله وتحصنه, ثم تتركه باقياً فيصبح البلد كأنه فيه  وجيش آخر, وابنه رئيس الحرس الجمهورى, ومع وجود أقاربه وعشيرته, هذا لا يجوز, خروجه كان حلاً معقولاً, ولكن بهذه الصيغة أنا أظن أنها عملت عقدة فى الحالة اليمنية, أظن الآن أنها أحد أسباب اضطراب الأوضاع في صنعاء, هذا حل لم يكتمل, فعلي عبدالله صالح ينبغى أن يخرج من اليمن, لكى يستقيم الأمر, فنحن نراه في التليفزيون يوقع على أوراق, وهناك اغتيالات وحشود وقبائل وسلاح, هذا لا يساعد, خصوصاً أن هناك هماً في الشمال وهماً في الجنوب, البلد لا ينقصه تمزقات, فهذا لغم وضع في صنعاء, لن يكتفوا بإلغام الشمال وإلغام الجنوب.

<  هل الحل من وجهة نظركم في رحيل علي عبدالله صالح؟

هذا أحد الحلول, دعنا نقول هو مفتاح الحل, فهناك علي عبدالله صالح الذي يعد لغماً كبيراً في العاصمة ومحيطها, وكذلك لغم في الشمال “الحوثيين”, ولغم في الجنوب متعلق بمطالبات بالانفصال, لابد أن نتفرغ للتعامل مع هذه الألغام, إذا ذهب علي عبدالله صالح.. فماذا ستفعل في الجنوب, قالوا هناك اعتذار للجنوب، وهناك تعويض للذين خرجوا من وظائفهم, فهذا يحتاج إلى وقت، ولن يتم في يوم وليلة, ثم الشمال يحتاج تفكيراً ودراسة معمقة للموضوع؛ لأنني لا أقتنع كثيراً أن إيران هي اللاعب الأساسي في الشمال, من الممكن أن تكون لاعباً هامشياً وليس أساسياً. أين إيران؟ وأين الخليج؟ وأين الحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلد؟ أين الحالة القبلية؟ لابد أن نعرف تفكيكاً وحلاً للموضوع, وإيران من الممكن أن نتحدث معها, بمعنى أنه إذا ثبت ذلك يمكن أن تواجه إيران به, مع أنني أرى وأكرر أن إيران ليس لاعباً أساسياً, ولكنه قد يكون لاعباً هامشياً, وهناك لاعبون آخرون.

من بالتحديد؟ هل هي الولايات المتحدة الأمريكية؟ أنا لا أظن ذلك . ومن تظن؟

أنا ربما أملك السؤال، ولكنني لا أملك الإجابة، وقد أتحرج من الإجابة؛ لأن بعض الأطراف تتحدث عن أن الدورالأساسي في الشمال هي السعودية مثلاً وليس إيران, وهذا يجعلني أناقش من يقول إيران وأسئلة ما هو مصلحتها؟ هل تسعى لانفصال صعدة عن اليمن مثلاً؟ هل تسعى إلى تشييع المنطقة؟. إذا كانت إيران تتعاطف مع بعض الناس تأييداً, فلنحتكم إلى الحقائق, إذا كان يوجد ما يثبت التعاطف أو التمويل أو السلاح, لابد أن تواجه به إيران, ويكشف هذا الموضوع ويعرض على الملأ, فالأفضل أن نتكلم عن  الحقائق,  وأنا لا أستطيع أن أنفي هذا، ولا أستطيع أن أؤكده, كل ما أريد أن أقوله أن نحقق فى الأمر وندقق في التفاصيل.

على ذكر إيران والصراعات في المنطقة كيف ترى الدعم المستمرلإيران لبعض الجماعات، وأقصد هنا جماعة الحوثيين، وأنا أعلم أن هناك تواصلاً لبعضهم معكم من أجل استشراف الواقع؟

أنا أعتبر علاقتي باليمن هي الأصل, وكل ماعدا ذلك فرع عنه, وفي الموضوع الإيرانى نريد أن نستكمل الحقائق الثابتة وتعلن, وهنا أيضاً نتساءل هل الدولة الإيرانية؟ هل بعض المراجع الإيرانية؟ هل الحرس الثورى الإيرانى؟ هل مراجع بعض الشيعة في  العراق؟ إن إيران بلد مركب وليس سهلاً, ثم إيران كما أراها الآن هي في موقف دفاعي وليس في موقف هجومي, فإيران الآن في موقف خطر إستراتيجياً, بسبب مصير النظام السوري. النظام السوري إذا سقط فإيران في خطر, مع الاعتراف بأن النظام السوري سقط تاريخياً وسياسياً, وأنا أظن أن سقوط النظام السوري من الممكن أن يرسم خريطة جديدة في المنطقة؛ لأن الأمر سيختلف فى لبنان, ولابد أن يختلف في العراق, فإيران في هذا الموقف لا يعقل أنها تريد أن تتمدد، فلماذا تمدد؟ فهي تدرك جيداً أنها مستهدفة, فهل وهي في هذا المأزق استراتيجياً تتطلع  أن تقفز الحدود وتذهب إلى اليمن؟

< ربما يقول طرف آخر إنها تريد أن تكسب أرضاً جديدة تعوضها عما خسرته أو سوف تخسره في المستقبل؟

صعب, لأنها في الخريطة الأولى إيران بجوارها العراق بجوارها حزب الله, سوريا, هناك حزام, فإلى أين سوف يصل هذا الحزام؟ هل أي عاقل يريد أن يفكر استراتيجياً يقتطع شمال إيران, صعدة، وهذه المناطق, وحولها السعودية, هل السعودية ستتركها؟ هل أهل السنة في اليمن سيتركونها؟ هناك مبرر استراتيجى لأن يكون هناك تواصل في العراق, وحزب الله, وسوريا, وهذا ليس قائماً في هذه الحالة اليمنية, لذلك أنا أقول وأؤكد أننا لابد من نحتكم إلى الحقائق.

<  هناك من يقول أو  يتحدث أن إيران تريد أن تعمل ما يشبه الدائرة تبدأ من  بغداد مروراً بالبحرين واليمن وتكتمل هذه الحلقة بحزب الله وسوريا حتى تحيط بالمملكة العربية السعودية؟

هذا صعب.. أولاً بغداد في خطر, سوريا في خطر, وحزب الله في خطر, هذا الكلام لو في العام الماضى كان ممكناً أن أفهمه, لكن الآن لا أفهمه, إننا وضعنا الحلقة الأساسية في سوريا وهي قاعدة الانطلاق, هي الآن تحت السقوط, هذه الفرضية تظل نظرية فرضية بعيدة, وأنا لا يوجد عندي اعتراض عليها, لكنها على الأرض لا تجدي, ولا تنسى أن الخليج منطقة نفطية لا يتم اللعب فيها, فاللعب في هذه المنطقة لعبة خطرة, بمعنى أنه إذا حصل تفكير من هذا القبيل, فالهجوم العسكري علي  إيران مبرر جداً ووشيك, وبحسابات القوى الدولية اللعب في منطقة النفط خطر؛ لأنها مباشرة في منطقة المصالح الغربية, وصدام حسين ترك يرتع في العراق كيفما شاء, وعندما دخل إلى الكويت فهو تجاوز الخط الأحمر, فما تتحدث عنه لا أرى له مسوغاً مقنعاً على الأرض, حتى إننى لا أفهم موضوع البحرين, فالبحرين المشكلة لم تكن مشكلة طائفية, أصبحت الآن كذلك, فهي مشكلة سياسية واقتصادية واجتماعية, ألم تكن مشكلة الحوثيين هي مذهبية؟ ألم يدعم علي عبدالله صالح الحوثيين؟ المسائل تتطور في السياسة, والبحرين ليست مغرية كثيراً,  وأنا لا أرى أن هذا سيناريو مقبول. في اللحظة الراهنة هناك حقائق, هناك افتراضات, الحقيقة الماثلة أمامنا هي أن النظام السوري فى خطر، وأنه أوشك على السقوط, والسؤال الآن متى سيسقط على وجه التحديد؟ وأن هذا النظام السوري يؤدي إلى انكشاف إيران, ولا أعرف بعد انتخاب الرئيس الأمريكى أياً كان في نوفمبر القادم، ما الذي سيحدث؟ فالمسائل هنا تتحرك ولا يوجد شيء ثابت, هذه هى الحقائق, أما الافتراضات فهي ما الذى تريد أن تفعله؟ هل تريد أن تعمل انفصالاً أو تريد أن تعمل محوراً تدخل به إلى البحرين، فهذه افتراضات, ولكن لا يوجد شيء ماثل أمامنا يتمثل فيما ذكرت.

<  قبل أن أعود مرة أخرى إلى اليمن وأغلق الملف الإيرانى.. كيف ترى حالة التخوف بعد ربيع الثورات العربية من التقارب مع إيران؟ وكيف ترى الصورة الآن هل الأرضية الآن قابلة لهذا التقارب أم لا؟

إحدى مشكلاتنا مع إيران أننا وقفنا متفرجين عليها, وطلبنا منها أن تفعل كل شيء. السياسة لا توجد بها ثوابت, أنت وجدت ساحة فارغة, عالم عربي منكفىء, مشغول بذاته, وليس له كبير, مصر استقالت من المقدمة, فإيران من حقها أن تلعب,وتركيا من حقها أن تلعب, لم يكن هناك مشروع في هذه المنطقة, فإيران تطلعت أو تمددت؛ لأنها وجدت الساحة فارغة, وتركيا مثلاً قامت بتوقيع اتفاق استراتيجي مع اليمن منذ فترة, فما الذي يجعل تركيا تعمل في اليمن؟ فالساحة فارغة, كان يوجد ثلاثة مشروعات في الساحة, التركي والإيراني والإسرائيلي, لم يكن هناك مشروع عربي, فبدلاً من أن نفكر كيف نستدعي القوة والعافية التي تجعل الأمة العربية فاعلة, وقفنا نتفرج لماذا يتدخل الآخرون, فأنت من أخليت الساحة.

 فأنا أرى أن التحرك التركي في المنطقة أقوى من التحرك الإيراني, عند الحد الأدنى، فالأتراك أهل سنة، وليس لديهم مشاكل, وإيران هناك بعض العقبات وعقد مذهبية, وهنا أتساءل إيران عن آخر ما وصلت إليه, وصلت سوريا مثلاً هي في خطر الآن, بينما تعال نرى ما الذي فعلته تركيا في العالم العربي, أريد أن أقول: إننا أقمنا فراغاً فتمدد فيه الآخرون, وبدلاً من أن نلوم أنفسنا لأننا انسحبنا من الساحة, صرنا نلوم الآخرين أنهم تمددوا فيما تركناه نحن, وأنا أرى أن هذا طبيعي في اللعبة السياسية.

هناك فراغ في المنطقة, تتمدد فيه إسرائيل, تتمدد فيه أمريكا عبر محور الاعتدال الذي لم يعد يسمح به أحد الآن بعد سقوط نظام مبارك؛ لأنه كان هناك فراغ, فأنا لا أريد أن ننصرف إلى ملاحقة واتهام الآخرين, ونرى أنه في السياسة مشروع أن تلعب وتخطط لما يحقق مصالحك بما لا يعتدى على مصالح الآخرين, لكن اللوم ينبغي أن يوجه إلى الذين فرطوا في أدوارهم, وانسحبوا من الساحة فسمحوا للآخرين بأن يتمددوا.

وكيف ترى تقارب بعض دول الربيع العربى مع إيران؟

أنا أرى أن يكون السؤال أين الإرادة العربية؟ هل عندما نتقارب سنتحول إلى حملان وأتباع, أنا قلت ممكن التقارب المصري الإيرانى يخدم الخليج العربي بدلاً من أن نتحدث في الإذاعة والتلفزيون فقط، ولو كان هناك تقارب فلتواجه مصر ذلك بماذا تفعلين في هذه المنطقة وأنا الشقيق الأكبر في المنطقة العربية؟ نستطيع أن نفعل هذا, ثم كلمة التقارب لن تتجاوز الحدود المعمول بها عملياً مع دول الخليج, ماذا يعني التقارب؟ إن السفارات تعود بدلاً من أن يكون هناك قائم بأعمال؟ أم أن يكون هناك تبادل اقتصادي.

 أريد أن أقول: إن التقارب أو التفاهم ليس بالضرورة شيء مخيف, وأريد أن أقول كثيراً ما أردد أنه يعيبنا جداً أن نعمل تطبيعاً مع إسرائيل، ولا نعمل تطبيعاً مع إيران, أنت على الأقل إسرائيل تهدد أمنك القومي بشكل مباشر, أما أمنك القومي تهدده إيران بافتراضات بطريقة غير مباشرة, فإننا تركنا ما هو مؤكد وتمسكنا بما هو عكس لك، فكيف تمكنا من التعامل مع التناقضات المصرية - الإسرائيلية, ولم نتمكن من التعامل مع التناقضات المصرية - الإيرانية, وهذا خذلان سياسي شديد وفشل سياسي. فكل ما فعلته إسرائيل في الدم العربي والبلدان العربية والأراضي العربية، كلها يغفر لها وتتصالح, ونقف ضد إيران؛ لأنها تسمي شارعاً باسم الإسلامبولي الذي قتل السادات.

<  وأعتقد أن الخلافات بدأت من قبل تسمية الشارع وقبل معاهدة السلام؟

نعم من قبل تسمية الشارع, منذ تعاطف السادات مع الشاه. لابد أن يكون لدينا الثقة في أنفسنا أن التفاعل يكسبنا نقاطاً للقوة, تمكننا أن نوقف إيران عند حدها, وأن نواجهها إذا كانت لديها تطلعات.

نرجع إلى اليمن مرة أخرى.. كيف ترى المشكلة فى صعدة؟

أحياناً كما يقول الأصوليون تحليل المشكلة قبل حلها, أولاً ما هي المشكلة في صعدة؟ هل هي مشكلة تخلف اجتماعي وإهمال وفقر؟ أم هي مشكلة محاولة تطويع قام بها علي عبدالله صالح في البداية؟ أم هي مشكلة اختراقات إقليمية؟ أم هي مشكلات اختراقات إيرانية؟ محتاجة إلى تحليل مثل أي مريض يحتاج إلى تشخيص للحالة, أنا أسمع أن المشكل الاقتصادي والاجتماعي هو الأساس في صعدة, واتخذ شكلا مذهبياً لم يكن كذلك في وقت لاحق, وقد أتصور أن بعض الإيرانيين أو بعض المراجع انتهزوا الفرصة وأقاموا علاقات وحصل تمويل وبعدها كبرت المشكلة. يقولون في سوريا: إن قوى غربية تتآمر على سوريا, هذا موضوع قد حدث الآن لكنه لم يبدأ هكذا, بدأ في درعا، وهناك عدوان على أطفال، وخلعوا لهم أظافرهم، وأهانوا أسرهم, فالقبائل ثارت والمنطقة كلها ثارت, فكبر الموضوع, في الآخر حاول أن يدخل آخرون, مثل الثورة المصرية بدأت ثورة عادية لا يوجد أمريكان ولا شيء, ثم حاول أن يقفز عليها أمريكان أو أن يدخلوا فيها, فالسياسة فيها متحرك وليس ثابتاً, فما كان حاصلاً قبل خمس أو ست سنوات ليس بالضرورة أن يحدث الآن, لكن لابد أن يتم التعامل في المسألة من جذورها. إذا بدأت المشكلة اجتماعية أو اقتصادية, يتم التعامل معها على هذا الأساس, وإذا ثبت أن هناك تدخلات لابد أن يكون هناك كشف للموقف, هذه هي التدخلات، وهذه هي الأدلة، وينبغي أن يوقف كل طرف, فأنا أرى أن النظام أيام علي عبدالله صالح لم يكن مركزاً على تلك الأمور, أولاً هو كان نظاماً أمنياً بوليسياً, اهتم بالقمع أكثر من الاهتمام بالحوار والإصلاح, وأنا كنت أسمع أن هناك لقاء في مكان ما مع الناس فيذهبوا فتنقض عليهم القاذفات. هذا نظام يتعامل بالهراوة والدبابة ولا يتعامل باحترام كرامة الناس, ثانياً هناك قبائل وهناك وشائج لابد أن تحترم, فإنني أرى أن موضوع الحوثيين قبل أن نتحدث في حله يجب أن نتفق على تشخيص الحالة. نرى ما هي المعادلات, كم نسبة الوضع الاقتصادي؟ كم نسبة الاختراقات الخارجية؟

 كم نسبة التآمر أو التلاعب الداخلي؟ ويتم التعامل على هذا الأساس, كما أنني أرى أنه كان يتم في صعدة لقاءات مع شيوخ القبائل والناس المحترمة هناك وتفشل المجهودات, ويظل الهاجس الأمني والقمعي هو العنصر المرجح لأي حسم.

<  سوف أعود إلى الوضع في الجنوب خلال هذا الحوار ولكن ما النصيحة التي توجهها للنظام الجديد للتعامل مع الوضع في صعدة؟

السياسة هي الحل, السياسة والمكاشفة, لابد  أن تكون هناك سياسة تفاهم, ولابد أن تكون هناك مكاشفة, وتكون هناك مواجهة, أنا أتمنى أن تواجه إيران بأدلة.

<  وما هى النصيحة التى توجهها للإخوة في صعدة أو للحوثيين؟

هؤلاء مواطنون, وإذا كانت هناك سياسة فلابد أن يكون هناك حوار مشترك, فأنا لا أعرف أن المنطقة بها موارد اقتصادية تسمح لها بالاستقلال, وبالتالى هؤلاء لابد أن يتفاهموا ماذا يريدون؟ يريدون إصلاحاً؟ يريدون تنمية؟ يريدون الالتحاق بدول أخرى, لابد أن يحددوا بوضوح. فاليمن بها عقول رشيدة وبها ناس حكماء كثيرون, لكنني أقف متعجباً لماذا لا يعملون شيئاً, لابد أن تكون هناك وساطة عربية في هذا الموضوع، ولتكن الجامعة العربية مثلاً, فلماذا يترك الملف اليمني للآخر دائماً؟ أين نحن، لماذا نسمع أن سفراء الاتحاد الأوروبى والسفير الأمريكى هم الذين يجتمعون ويعملون في اليمن؟ ولا أرى السفراء العرب, أنا ما أفهمه أن الغرب مشغول بالقاعدة والمضيق في اليمن, ولا يهمهم الشعب اليمني.

ونحن نريد اليمن بلداً قوياً, في قيمتها الثقافية والحضارية وتراثها الثقافي العتيق، كل هذا يجب أن يكون موجوداً, نحن نريد أن نحافظ على اليمن، وهم يريدون أن يلغوا القاعدة, نحن نريد أن نكسب اليمن كدولة, دولة حقيقية متمكنة في المنطقة, والباقي حاجات مستحدثة.

<  هل أنتم  على علم بمطالب الإخوة في صعدة أو أهم مطالبهم بما لمستهم منهم عبر التواصل المستمر مع البعض منهم؟

في الحقيقة صار لي مدة لم يتصلوا بي, فعلاقتي ليست وثيقة، فكل مدة كانوا يرسلون لي رسالة إعلامية، لكن لا ينبغي أن نخول على الخطاب الإعلامى؛ لأنه في السياسة هناك خطاب فوق الطاولة، وخطاب تحت الطاولة, ولابد لحكماء اليمن أن يتدخلوا في هذا الموضوع, بشرط أن يكونوا يريدون أن يحلوا سياسة وليس ناساً تذهب لتقصف ويغدر بها.

وأعتقد أن سفيركم بالقاهرة الدكتور الشميري قدم حلولاً معقولة لمشاكل صعدة.

هل تعتقد أن الحل في الاعتذار لكل الأطراف في الجنوب والشمال؟

لم لا, كما قلت لابد أن تعتذر للجنوب كما تعتذر للشمال, فأنت تعتذر لأبناء بلدك وليس لأمريكا من أجل الحفاظ على الوطن, ما المشكلة إذا كان هناك خطأ فيتم الاعتذارعنه وينسب إلى فاعله, أليس النظام السابق بقيادة علي عبدالله صالح هو الذي قام بكل الهجمات الأمنية والقمع الحاصل, أحد الأشياء هي الاعتذار، ثم بعد ذلك نرى المطالب, المطالب التنموية والاقتصادية, لابد أن يشعر المواطن أنه بحاجة إلى هذا البلد, بمعنى له مصلحة حقيقية أن يظل جزءاً منها, فإذا تخلت البلد عنه, فيصبح وشائج وتضعف البلد معه.

<  وكيف ترى الوضع في  الجنوب ربما يعود بنا الجنوب إلى إيران مرة أخرى خصوصاً مع دعمها للبيض ؟

هذا الدعم جاء من بيروت ومن حزب الله, فإذا اعتذرت للجنوب فأنت فتحت باباً للتصالح, فأنت تتكلم عن اعتذار وتعويض ورفع مظالم, أراضي نهبت, منتجعات أقيمت فوق أراضي الجنوب للشماليين, سفراء أو كبار موظفين أقصوا من وظائفهم, كما أقول: لابد أن يدرك أبناء  الجنوب أن لهم مصلحة حقيقية ضمن دولة الوحدة والتعويض والاعتذار ورد الاعتبار للناس, والحقيقة فكرة الديمقراطية الحقيقية هي التي تسمح للناس بالانتخابات والتمثيل, فعندك رئيس وزراء ورئيس جمهورية من الجنوب ووزير الدفاع من الجنوب أيضاً. هناك صيغة تسمح بالتفاهم إذا فكرت بالسياسة, لكن المشكلة أن تفكر بالأمن والعسكر والسحق, وإذا فكرت بالسياسة هناك حلول, خصوصاً إذا أنصفت, السياسة عادلة وليست مجحفة, إذا أنصفت الناس واعتذرت وأقنعتهم بأنك مخلص لهذا الاعتذار, وهناك أشخاص لهم أطماع شخصية, يريدون أن يكون رئيس دولة مستقلة, هؤلاء يظلون طبقة أصحاب مصالح ذاتية, لكننا نتحدث عن مصلحة البلد الحقيقية.

<  أنا أتذكر أحد الإخوة أقترح أن الرئيس علي عبدالله صالح حكم دولة الوحدة، وهو من الشمال لمدة عشرين عاماً, أن يأتي رئيس من الجنوب ويحكم لمدة عشرين عاماً دون أن ينافسه أحد؟ كيف ترى هذا المقترح؟

دعنا نقول لو أن هناك ممارسة ديمقراطية, لن يبقى هذا عشرين عاماً ولا هذا عشرين عاماً, ونقول لإخواننا: نحن مواطنون متساوون, لنا انتماء لهذا البلد, ولنا حرص على المصالح العليا, والانتخابات حرة. سواء جاء من الجنوب أم من الشمال.

لكننى أرى أن السياسة لم تأخذ حيزاً في القرارات المصيرية، والسياسية تحتاج للعقلاء من الناس وما أكثرهم في اليمن!.

 كيف ترى فترة حكم الرئيس عبد ربه منصور هادي خلال تلك الفترة التي اقتربت من العام تقريباً؟

بصراحة, أراه على البعد يتقدم بحذر, وأنا أرى أن بقاء علي عبدالله صالح في اليمن مشكلة؛ لأن البلد له جيشان,   فمثلاً ماذا يعني أن ابن علي عبدالله صالح يترأس الحرس الجمهوري؟ بأي معيار سياسي أو عقلي؟!

< فما الذي تنصح  النظام الجديد للإحكام على زمام الأمور ؟

لابد من التخلص من علي عبدالله صالح, وحتى لا يفهم كلامي خطأ، لابد من إقصائه, أي إخراجه من المشهد.

< ننتقل للوضع المصري، ومصر كما تعلم هي مهمة لليمن، ونظرية الأواني المستطرقة بين البلدين خصوصاً في التاريخ الحديث تلعب دوراً مهماً في العلاقة ما بين البلدين؟ وهنا أتساءل كيف ترى المشهد بعد ثورة 25 يناير ؟

 أولاً نحن نتحدث عن بلد تعداد سكانها حوالى 91 مليون الآن, ثانياً هذا البلد خرج من حقبة استمرت ما بين ثلاثين وأربعين عاماً, اقترن فيها الفساد بالاستبداد, فخرب أشياء كثيرة في هذا البلد, ليس فقط في مصالحها العليا, وليس فقط في مؤسساتها, ولكن أيضاً في منظمة القيم السياسية السائدة, ولهذا نحن في مصر أظن كمن أجرى جراحة خطيرة,وخرج منها إلى مرحلة النقاهة, ونحن مازلنا فيها, ولم تتعاف مصر بعد, وكأي مريض خرج من النقاهة يستطيع أن يتوكأ أو يتعثر, ولكن لا يستطيع أن يستقيم في مشيته كما ينبغى إلا اذا تجاوز هذه الفترة, وأنا أظن أن هذه الفترة ستكون في حدود ثلاث سنوات حتى تستقيم, تتفاعل فيها القوى مع بعض؛ لأن القوى السياسية لم تعمل مع بعض, ولم تشترك, وكذلك الأمن هناك أزمة ثقة, وعجلة الاقتصاد تدور, محتاجين نحن بعض الوقت لكي نعبر مرحلة النقاهة.

ذكرتم أن الفترة ربما تتجاوز الثلاث السنوات.. ما هي نصائحك للعبور إلى  تلك الفترة؟

المشهد في مصر يمكن أن يقرأ من عدة زوايا, تستطيع أن تقول: إن البلد فيها أزمة اقتصادية, وعدم استقرار أمني, وهناك  استثمار غير موجود, وهناك التزام بمعاهدة إسرائيل. من ناحية أخرى الكوب له نصفان, نجد أولاً أنه انتهى حكم العسكر في مصر, وانتهت فكرة تأبيد السلطة, وانتهت فكرة تأليه الحاكم, فنرى الرئيس مرسي يُسَب كل يوم في الجرائد, انتهت فكرة احتكار الأقلية  للسلطة, هناك أشياء مهمة حصلت في البلد, وبالتالي هناك نصف ملآن هو نصف الكوب, وأنا أرى أنه لابد أن نغذي نصف الكوب الملآن حتى نثبته ونسمح له حتى الثورة تستمر, وأنا أقول: إن أي ثورة حاصلة في محيطنا هي ثورة بلد أو قطر, أما في مصر فهي أمة وليست قطراً, هذا يؤثر في مناطق كثيرة, ولذلك نرى أن إسرائيل عملوا معاهدة مع مصر ولم يهمهم الباقي, فمصر فتحت لها الأبواب و أضعفت بقية الأبواب, والأقطار, وحتى إنه تم عمل اتفاقية وادي عربي في الأردن, لكن في النهاية مصر بلد يتحكم في سياسة العالم العربي, مصر الآن تحاول أن تتحسس طريقها, تنتقل من مرحلة إلى مرحلة.

انتهت مرحلة مبارك بكل أعبائها, لكن هناك ذيول فأنت لا تعرف ما هي التزامات مصر الأمنية تجاه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؟ وهذا خارج المعاهدة, أنا لا أقول نلغي المعاهدة, هناك أشياء خارج المعاهدة لا نعرف بها, ما يسمى بالتعاون الأمني بين مصر وإسرائيل, والتعاون الأمني لمن ولصالح من وما هي حدوده وضد من؟ لأن مرسي صار له ثلاثة أشهر, الحكومة لها شهر ونصف الشهر, مازلنا في بداية النقاهة, لكن على الأقل كما ذكرت العسكر ذهبوا, الحاكم الإله انتهى, فكرة التأبيد انتهت, فكرة احتكار السلطة انتهت.

لكن هناك قلق من الإجراءات القانونية التي تؤخذ تجاه بعض السياسيين أو الإعلاميين ومنهم شفيق المرشح السابق وأيضاً رؤساء تحرير الفجر والدستور وصوت الأمة؟

موضوع شفيق كبير, أولاً من الذى فعلها, أحد المحامين وهو ليس من الإخوان, هوعصام سلطان قدم طعناً ثبت صحته, وشفيق موجود في الخارج، ولن يعود, ولم يقبض عليه, ويعمل مستشاراً بالخارج, ويجلس مرتاحاً, وهذه ليست قضية.

هل تعتقد أن مرسي يمكن له أن يقوم بعمل يضرب به كل الأوراق ربما بمصالحة مع الجميع ماعدا من لوثت أيديهم بدماء الشهداء؟

  مرسي لم يعد أقوى واحد في البلد, الشارع أقوى, هناك أشياء مثل الحاكم الإله كما قلت: انتهى أمره, ممكن لو مرسي عمل أي غلطة تؤثر على وضع الثورة تسقطه في ظرف أسبوعين مليونية, فالأمور اختلفت, الفرعون ذهب, هناك واحد كتب مقالاً, مثقفون قابلوا مبارك قبل أن يسقط مبارك بحوالي شهر ونصف الشهر, حوالي عشرة مثقفين, وهم أنفسهم قابلوا مرسي, ماذا قالوا هنا؟! وماذا قالوا هنا؟! لم يفتح أحد فمه مع مبارك, لكن كل الألسنة انطلقت مع مرسي, هم أنفسهم, فالدنيا اختلفت. فالحاكم الإله سقط, وصار المواطن رئيساً.

كيف ترى الوضع في دول الربيع العربي؟ هل الصورة واحدة، في اليمن، في تونس، في ليبيا، في مصر؟

تختلف من بلد إلى بلد, كل بلد له ظروفه, فإذا قلنا: إن القاعدة مهددة، وإن هناك مهددات لوحدة اليمن, لا توجد مهددات لوحدة مصر, لكن هناك خطر للمعاهدة الإسرائيلية, هناك خطر أمريكاني.

<  تقصد الاختلاف في مستوى المخاوف والأخطار ؟

نعم كل بلد له تحدياته, ولهذا أنا أرى أن المواطن العربي الآن يشعر بأن تطلعاته إلى الحرية والديمقراطية أكبر بكثير, ما نراه على السطح هنا في مصر وتونس, تراه على الإنترنت وتويتر, تراه في دول الخليج، في السعودية والكويت، وفي الإمارات, لماذا؟ بسبب أن الربيع العربي أثر. نحن داخلون في مرحلة إحياء, ومصير الإحياء مرتبط بمدى النجاح الذي تحققه دول الربيع العربي, أنا قرأت مقالاً في إحدى الصحف الكويتية يسميها «دول الخراب العربي» , هناك من يتمنى إفشال هذه التجربة, ولكن لا نستطيع أن ننسى أن هناك شعوباً استيقظت, وازدادت جرأة. وازدادت استعداداً للتضحية, أظن أنه ليس من السهل أن تعيد هذه الشعوب مرة أخرى إلى محبسها, ولأننا مع تجربة مازالت حديثة نحتاج الوقت حتى نرى التجربة وصلت إلى أين, أنا أظن أن مصر في السنة القادمة ستكون الظروف أحسن نسبياً, لكن لابد من أن نعرف أن بعض الدول العربية وخصوصاً دول الخليج ليست سعيدة بالربيع العربى, وإسرائيل تعتبر أن الاستراتيجية كلها ارتبكت لديها, وأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن ترى مصالحها, مستعدة أن تتعاون مع بن لادن إذا كان هذا مع مصالحها, لكنهم يعرفون أن هناك شيئاً ما تغير في العالم العربي. وأن الخريطة التي كانت تسمى الشرق الأوسط الكبير الذي كانوا يحلمون به انتهى أمره, وهناك شرق أوسط يشكله أبناء المنطقة, وليس شرق أوسط تشكله الخارجية الأمريكية.

كيف ترى أمريكا في المنطقة وكيف ترى وضعها سواء في دول الربيع العربي أو إذا أردنا أن نقسم الدول التقليدية والدول الثورية؟

ما قبل الثورات الدول انكسرت. أمريكا هي التي تحدد كل شيء, وأطن أن النفوذ لأمريكا مازال موجوداً, وأظن أن تأثيره مازال موجوداً في مصر, هذه الزيجة التي استمرت ثلاثين عاماً لا تستطيع أن تفصلها بسهولة, ولكن تستطيع أن ترشدها وتهذبها بما يخدم المصالح المشتركة, وبعدها لكل حدث حديث, فأمريكا مازالت مهيمنة في المنطقة, والمبعوثون الأمريكيون «رايحين جايين» طول السنة, والعالم العربي في مرحلة التعافي لم يستطع بعد أن يمارس أو يعبر عن استقلاله كما ينبغي, وفي نفس الوقت لا نعرف موضوع سوريا سيغير الخرائط في أي اتجاه, لكنه هناك شىء مهم لا تستطيع أمريكا أن تجاهله, الانتخابات التي حدثت في سوريا؛ رئيس الحكومة والتدخلات الدولية لانتخاب طرف دون طرف آخر, وإقصاء الإسلاميين كانت جبارة طوال الفترة  الماضية.

< بالنسبة للوضع في سوريا كيف ترى الأمور تسير وفي أي اتجاه؟

أنا قلت: إن سوريا سقطت تاريخياً وسياسياً, بقى عملياً على الأرض؛ لأنه واضح أن النظام مستعد أن يضحي بأي شيء في سبيل استمراره, وهناك قوى لها مصالح, فروسيا لها مصالح, تسليحها روسي, سوريا هي القدم الوحيد لروسيا في المنطقة.

إيران لها مصلحة حقيقية؛ لأن سوريا مفتوحة على إيران تماماً, هناك حسابات, بالنسبة للدول الكبرى لابد أن تضع موضعها في الحسبان.

وكيف  ترى الوضع في سوريا هل تقترب من الوضع المصري أو اليمني أم الليبي؟

مختلفة تماماً, الأمر تم ربطه بالطائفة العلوية, وهذا مختلف في اليمن, فقبيلته من سنحان, أما في سوريا الموضوع اختلف, طائفة سلحت واحتكرت مواقع السلطة واحتكرت مواقع الثروة, فتدافع عن وجودها, ففي اليمن قبيلة علي عبدالله صالح قبيلة موجودة, لن يبيدها أحد, الموازين قد تختل في غير صالحها, لكن في سوريا الطائفة مهددة, ما الذي سيحدث للعلويين في غيابه بعد العلويين؟ نعم هناك علويون وطنيون,ولكن هناك علويون أصبحوا جزءاً من الظلام، وهو قصد أن يكون الضباط ورجال الأمن أن يكونوا من العلويين, وهذه مشكلة طائفية كبيرة.

سمعت حواراً منذ شهر تقريباً للدكتور المرزوقى الرئيس التونسي يتحدث فيه أو يتكلم عن الوضع في سوريا يعلن فيه تخوفه من إشكالية الدماء التي سالت هناك؟

هذه بالطبع مشكلة, نظام أغرق البلاد في الدم بلا حساب وبلا كرامة, شيء يقشعر له البدن, لايزال  النظام يعيش بعالم الثمانينيات عندما قاموا بقتل المواطنين في مدينة حماة لم نسمع بها إلا بعد فترة, لكنه لا يعرف أن الدنيا تغيرت, فهو يعمل جريمة بعد ساعة تكون موجودة على اليوتيوب والكرة الأرضية تشهدها, فأتصور أساليب الثمانينيات عندما استخدمها الآن عملت له فضيحة, الدنيا تغيرت, لقد قال لي  أعضاء المجلس الوطني السوري بأنهم لديهم قائمة بكل أسماء القتلى, وكل يوم الأسماء تتضاغف.

< سؤال أخير وهو الصراع العربي – الإسرائيلي لابد أن نتطرق إليه؟ كيف ترى الصورة حالياً؟ وهل تختلف صورته عن الصراع الآن؟

الصراع العربي - الإسرائلي مرتبط بموازين القوى فى المنطقة, ومرتبط أساساً باستعادة مصر لعافيتها, فإذا استعادت مصر عافيتها سيكون هناك كلام آخر, فقادة فلسطين يقولون: أتتحدثون عن فلسطين الآن, اهتموا بالشأن المصري, إذا قويت مصر ففلسطين ستدخل فيها, فإسرائيل على الحدود، فلسنا دولة أخرى, فأنت كشعب مصر دفاعك عن القضية الفلسطينية يجعل موضوع الصراع في صلب أولويات السياسة المصرية.