رئيس المجلس الثوري بحضرموت: بعد إسقاط صالح تحول من كانوا في صفه إلى الحراك بدعوى أننا تحت «احتلال»
يتحدث رئيس المجلس الثوري في حضرموت صلاح باتيس في الحوار الذي أجراه معه موقع المصدر أونلاين عن قضايا متعددة وأبرزها ما يحدث في محافظة حضرموت والقضية الجنوبية بشكل عام، كما يتطرق إلى علاقة الشباب المؤيدين للوحدة اليمنية في الجنوب مع الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال.
وباتيس هو ناشط بارز في حضرموت، ينتمي للتجمع اليمني للإصلاح، واختير مؤخراً رئيساً لمجلس شورى تحالف قبائل اليمن، ويدير مؤسسة خيرية نفذت مشاريع إغاثية في مختلف المحافظات اليمنية. فإلى نص الحوار..
التقاه: راضي صبيح
اليوم، مع الذكرى الثانية للثورة الشبابية، أين موقع الثورة في حضرموت؟
الثورة مستمرة بفعلها الثوري بوسائل مختلفة.. ربما توجد الكثير من العراقيل في طريقنا في محافظة حضرموت، وأهمها وأبرزها بقاء أدوات النظام السابق تحكم وتدير محافظة حضرموت، مما جعل فعلنا الثوري في الساحات وأنشطتنا الثورية التقليدية فيما يتعلق مثلاً بالساحات والمسيرات غيرها تتعرّض للهجوم والاعتداء في ظل حكومة وفاق وطني.
لكن -للأسف الشديد حتى الآن حكومة الوفاق لا تحكم حضرموت بل يحكمها علي عبدالله صالح، ولذلك نحن جنّبنا حضرموت وأبناءها الصراعات والاعتداءات وجر المحافظة للفتنة بين أبنائها، اتخذنا لنا وسائل أخرى للفعل الثوري عبر ندوات ولقاءات وزيارات للمكوّنات المختلفة، ونحن بصدد التحضير لوفد كبير ورفيع للقاء رئيس الجمهورية.
علينا أن نغلب منطق العقل والحوار والتعاون والقبول بالرأي الآخر وأن نبتعد عن الاتهام والتشويه للآخر لمجرد الاختلاف في الفكرة دائماً تقول إن حضرموت لم تلقَ نصيبها من التغيير، من يقف في طريق التغيير في حضرموت؟
أتمنّى أن يوجّه هذا السؤال إلى مراكز صنع القرار في صنعاء، وإلى رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق. نحن نقول ما الذي يمنعهم من إحداث التغيير في حضرموت؟ أليس لدينا رئيس جمهورية منتخب؟ أليس لدينا حكومة وفاق وطني؟ أليس لدينا رئيس وزراء يعد من الثورة؟ لكن تعثر التغيير في حضرموت لا يزال سراً لم نكتشفه حتى الآن، ونقول على رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق أن يدركوا أن حضرموت لن تبقى بهذا الشكل، وأن أبناءها يرفضون الوضع الذي تعيشه حضرموت تحت حكم علي عبد الله صالح.
سبق وأن نفذتم وقفة احتجاجية في مايو 2012 أمام رئاسة الوزراء بخصوص إقالة المحافظ، وقلتم إنكم تلقيتم تجاوباً من رئيس الوزراء، لماذا لم يتغيّر محافظ حضرموت؟
لم نقل إننا تلقينا تجاوباً، ولكن قلنا إن الرسالة وصلت. تمت الوقفة وتم لقاء رئيس الوزراء، ولكن نقول إن المسألة تحتاج إلى مواصلة لهذه الوقفات والأنشطة والفعاليات المختلفة حتى يستجيبوا؛ لأن هناك مشاكل وأعباء، وهناك مهام كبرى تشغلهم، نحن ندرك ذلك، وندرك بأن إخواننا في محافظات أخرى مثل ريمة مثلاً مضى عليهم ستة أشهر متواصلة وهم ثائرون يطالبون بالتغيير، وكذلك إخواننا في محافظة المهرة وذمار مثلنا مستمرون وصامدون، ويطالبون بسرعة التغيير، وحتى الآن لم يتم التغيير. ونحن نلقي باللوم الكامل على رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق، ولا زلنا نقول إننا بحاجة إلى ضغط أكثر وإلى التصعيد أكثر، والمطالبة والمتابعة أكثر.
هل التغيير لم يحدث في حضرموت؛ لأنها غير حاضرة في الشارع بقوّة؟
لا أبداً، هذا ليس له أي أساس من الصحة، حضرموت كانت حاضرة، وساحاتها كانت حاضرة، ساحة كورنيش المكلا وتريم معروفة، رفعنا الساحات بمحض إرادتنا وبرضانا؛ لأننا لا نريد أن ندخل في صراعات ومناوشات واعتداءات أو فعل وفعل مضاد بيننا وبين مغرر بهم من أبناء المحافظة مدفوعين من قبل بقايا النظام الذين يحكمون المحافظة وعصابات الأمن القومي، ولكن نقول إننا ندرك طبيعة المحافظة وطبيعة أبناء حضرموت المعروفين والمشهود لهم دائماً بالسلمية وحب الهدوء والأمن والاستقرار، ففضلنا وآثرنا أن نتخذ وسائل أخرى لإحداث التغيير إن شاء الله.
إذا أعطيَ المجال لكل من يحمل فكرة أن يفرض فكرته ورأيه على الشعب، أو أن يعتبر أنه الممثل الوحيد لهذا الشعب، فسوف يكون هناك أكثر من مشروع وفكرة، وسندخل البلد في فوضى لا أول لها ولا آخر
برأيك، إلى أين تتجه الأمور في حضرموت؟
ليست حضرموت لوحدها، بل الجنوب؛ لأن قضيته تعد مركزية ومحورية بتاريخ اليمن الماضي والمعاصر، هي التي سترسم ملامح المستقبل. وبقاء الوضع على ما هو عليه يعقّد القضية أكثر ويصعّد الأزمة أكثر، خاصة وأنها بدأت تتحول الأمور من مجرد نهب وإقصاء وتهميش وسياسة انفرادية لا تزال تُمارس بعقلية النظام السابق وبأدوات النظام السابق تتطوّر القضية إلى ما هو أكثر من ذلك، استهداف الكوادر الأمنية والعسكرية وتصفية القيادات المشهود لها بالنزاهة واستهداف بعض رجال الأعمال وبعض الناشطين في حضرموت وغيرها من المحافظات الجنوبية وتسجل ضد مجهول، وكأنه لا توجد هناك دولة ولا يوجد هناك نظام، وهذا دليل واضح على أن الأزمة تتصاعد وتتسارع وتحتاج في نفس الوقت إلى سُرعة إنجاز التغيير دون تأخير.
الكثير يقولون إن حضرموت، وخصوصاً الساحل، بات فيها الحراك الجنوبي هو المسيطر على الشارع، إلى أي حد هذا صحيح، بينما حضوركم أنتم ضئيل، (أقصد الإصلاح وشباب الثورة)؟
ذكرت أننا فضلنا وسائل أخرى؛ لأنه يتم الاعتداء علينا والمهاجمة واضحة في كل فعالياتنا من أجل جرنا إلى صراع، محافظة حضرموت هي في غنى عنه. ونحن ندرك هذه المؤامرة جيّداً، لذلك فضّلنا أن تكون وسائلنا وفعالياتنا مختلفة عن الفعاليات السابقة التي هاجموها وحاولوا إفشالها، أما غيرنا فلا يُهاجم. مثلاً الحراك بإمكانه أن يخرج لفعاليات في أي مكان وفي أي زمان ويرفع أي علما أو شعارا ولا يهاجم ولا يعتدى عليه أبدا. وهذا تساؤل ينبغي على المخلصين من إخواننا في حضرموت والجنوب أن يدركوه جيداً: لماذا الاعتداء علينا فقط؟!
البعض يرجع ذلك إلى أنكم لا تمتلكون زخماً شعبياً في الشارع بحضرموت؟
كيف لا نمتلك زخماً شعبيا وفعالياتنا يحضرها ويشارك فيها أبناء المحافظة وأبناء المحافظات الجنوبية. إذا قمنا بأي فعالية في أي محافظة من المحافظات تجد القبول والمشاركة من نُخب المجتمع من الشخصيات والأساتذة والطلاب والمثقفين. وأكبر دليل على ذلك ما قُمنا به في الشهر الماضي من ندوات نوعية تحت شعار «حضرموت تستغيث» ضمن ثورة الغضب من أجل حضرموت، حضرها المئات من أبناء المحافظة من الكوادر التي تم اختيارها وانتقاؤها؛ لأنها مؤثرة في المجتمع. ولكن ذكرت أن الفعاليات الجماهيرية تُهاجم في ظل تواطؤ من السلطة، حتى إننا إذا ألقينا القبض على من يُهاجم وسلمناه للأجهزة الأمنية يتم إطلاق سراحه في نفس اليوم.
إذا تهيّأت لكم الظروف، هل ستخرجون إلى الشارع؟
إذا لم ينجز التغيير سنخرج إلى الشارع، وخيار إعادة الساحات مفتوح، ولنا وسائلنا وإمكانياتنا وقدرتنا الكافية لحماية فعالياتنا ومسيراتنا، إذا لم تقم السلطة بدورها والأجهزة الأمنية.
عصبة القوى الحضرمية هم مكوّن موجود على الساحة وعلاقتنا بهم كعلاقتنا بأي مكوّن من المكونات الموجودة في المحافظة، نمد أيدينا لنتعاون من أجل حضرموت
مؤخراً، ظهرت العصبة الحضرمية التي تنادي بدولة حضرموت، كيف تنظرون لها؟
إخواننا في عصبة القوى الحضرمية هم مكوّن موجود على الساحة، لديهم قضية وتاريخ وأدلّة وحقائق ووثائق، من حقهم أن يظهروها، وأن يدعوا لها، وينادوا بإنصاف قضيتهم، والاستماع لصوتهم، وعلاقتنا بهم كعلاقتنا بأي مكوّن من المكونات الموجودة في المحافظة، نمد أيدينا لنتعاون من أجل حضرموت، لكل ما من شأنه تثبيت الأمن، وإعطاء أبناء حضرموت حقهم الكامل، وإيقاف مسلسل النّهب والتهميش والإقصاء والتدمير الذي تمارسه منظومة الفساد، التي صنعها علي عبد الله صالح في حضرموت وأدواته التي لا تزال إلى الآن تدير مؤسسات الدّولة في حضرموت، أيدينا في أيديهم من أجل حضرموت، ونختلف نحن وهم في وجهات النظر لكن يجب أن نلتقي من أجل حضرموت.
هل ظهور مثل هذه المكوّنات يزيد الأمور تعقيداً؟
أبداً، بالعكس هذه الثورة وإسقاط الدكتاتورية وحُكم العائلة، أعطى مساحة للتعبير عن الآراء والمشاريع بكل سلمية وحُرية واحترام للرأي والرأي الآخر، الذي يعقد القضية الجنوبية هو بقاء منظومات النظام وأدواته تدير الجنوب. أما إذا أزيل فتبقى للمكوّنات كياناتها وأفكارها ومشاريعها، ولها الحق في التعبير بالطرق السلمية والقانونية بما تحمله من أفكار ومشاريع ورؤى والحُكم في النهاية للشعب الذي لا يقبل الوصايا عليه فهو صاحب القرار النهائي بعد الله عز وجل.
هل تعتقد أن أبناء حضرموت سيختارون دولة حضرمية بدلاً عن الجنوب في حال انفصال الجنوب عن الشمال؟
أقول إنه إذا أعطيَ المجال لكل من يحمل فكرة أن يفرض فكرته ورأيه على الشعب، أو أن يعتبر أنه الممثل الوحيد لهذا الشعب، فسوف يكون هناك أكثر من مشروع وفكرة، وسندخل البلد في فوضى لا أول لها ولا آخر.
إذا كنا في ظل وجود انفلات أمني واستمرار للثورة في إكمال المرحلة الانتقالية يجد البعض -للأسف الشديد فرصة أن يقفز على الواقع ويركب موجة الجماهير الغاضبة، ويُعلن عن مشاريع، ويرفع شعارات لا يقبلها عقل، فيطالب في ظل وضع استثنائي وعدم استقرار المنطقة بتقرير المصير، هذا لا يعطى إلا في ظل وجود استقرار وأمن ودولة، لكن في هذه الظروف كلٌ يريد أن يقرر مصيره، فإذا أعطيَ الجنوب حق تقرير مصيره، فأبناء حضرموت يريدون تقرير المصير، وأبناء المهرة وسقطرى يريدون تقرير المصير، ومثلهم أبناء تهامة وأبناء صعدة، وكلٌ من يحمل قضية يقول أريد تقرير المصير، هذه تعد فوضى حقيقية نناشد الجميع أن تعالوا نتعاون أولاً في إتمام هذه الثورة، ومرحلة التغيير الحقيقي، ووضع حد للفوضى والانفلات الأمني، ويشعر المواطن بالأمن والاستقرار وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد والفاسدين، وتمكين الكفاءات من أبناء كل محافظة كأولوية لهم لإدارة شؤون محافظتهم بعد ذلك سنرى هذه المشاريع تختفي رويداً رويداً حتى تتلاشى.
منذ متى كان علي سالم البيض رئيساً شرعياً للجنوب، ومن يقول اليوم حدث بعد 94 احتلال؛ لماذا صمت البيض أكثر من 15 سنة ولم يقل هذا الكلام؟
سبق وأن قلت «إذا كنت أريد أن أسعى لقيام كيان ودولة مستقلة لكانت حضرموت»؛ لماذا؟
نعم، أقول هذا الكلام لمن يظنون أننا نريد بنشاطنا وتحرّكنا في هذه الثورة ووجودنا في الميادين في تنقلنا بين المحافظات، أننا نريد منصبا أو جاها أو مالا أو نريد خلق كيان خاص جديد ثم يوجهون الدعوة لي إلى أن أنضم إلى كيان معيّن. أقول لهم: أعمل لخدمة الوطن، وخدمة الشعب بأكمله. وإذا كنت أفكر في كيان أو دولة مستقلة لكانت حضرموت أولى بذلك، وأقرب لي وأكثر إمكانية؛ لما تمتلكه حضرموت من إمكانيات دولة متكاملة، ولكن أريد الخير أن يعم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه». فإذا كنت أحب لمحافظتي الخير والأمن والنماء، فالأصل أن أحب للآخرين الخير وأدرك جيداً بأن حضرموت لا يمكن أن تنمو وأن تستقر وتتطوّر والواقع من حولها ملتهب، الجنوب ملتهب، والشمال ملتهب.
وكذلك من ينادون بإقامة دولة في الجنوب، كيف نقيم دولة واليمن مشتعل ملتهب لا يمكن، الآن نحن أصبحنا أصحاب مصير وقضية وثورة واحدة، والعالم كله ينظر إلينا هذه النظرة، علينا أن ندرك هذه القضية، وأن نستغل الاجماع الاقليمي والدولي ولنتعاون مع المخلصين، وأكررها مع المخلصين؛ لأنه دائماً ما نتهم أننا نتبع أشخاصا أو مكوّنات هي جزء من النظام السابق. لا أبداً، نحن نقول لا يمكن أن نقبل، وهذا كله مجرد مزايدات واتهامات باطلة، ننفيها جملة وتفصيلا، نحن لا يمكن أن نقبل بأن نكون تبعاً لأحد أو تبعاً لفاسد أو ظالم أو قاتل أو ناهب، ولا يوجد لديهم أي دليل وإثبات ما يقولون، لكنها فقط مجرد حقد وكراهية وبغضاء؛ غرستها وسائل اعلامية ومنظومات تفكِّر بالعودة من جديد إلى أن تكون حاكمة مرة أخرى، بينما هم يعتبر هؤلاء الذين يفكرون في هذا ويوغروا صدور الناس بعضهم على بعض، والمكوّنات والشباب بعضهم على بعض، أصحاب الجريمة الكبرى والأولى.
البيض مؤخراً وقّع على وثيقة مع بعض مكوِّنات الحراك، تحدد أسس الدخول في حوار جنوبي – جنوبي، ومن أهمها ضرورة الإيمان باستقلال وتحرير الجنوب؟
سأثير تساؤلات في موقعكم الموقر، وأتمنّى أن يدركها ويجيب عليها العُقلاء من إخواني في هذا الوطن، منذ متى كان علي سالم البيض رئيساً شرعياً للجنوب؟ قبل 86 كان الرئيس علي ناصر محمد وبعد 86 و13 يناير أصبح الرئيس حيدر أبو بكر العطاس، والبيض هو الأمين العام للحزب الاشتراكي، وإن كان الحزب الاشتراكي هو الحاكم؛ لكنه أمين عام له، ووقع على الوحدة مع علي عبد الله صالح بصفته أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني، ثم بعد ذلك أعلن فك الارتباط في 94، وأعلن نفسه رئيساً للجنوب بدون أي انتخابات دخلها، وبدون أن يختاره الشعب في الجنوب، فبأي صفة وبأي حق يقول أنا رئيس شرعي للجنوب.
على أبناء الجنوب أن يدركوا المخطط جيداً ويحذروا أن يجرهم هؤلاء إلى فخٍ جديد نصبوه لهم حتى يعيدوا وينتجوا الماضي الأسود.
الأمر الثاني: إذا كان ما حدث بعد 94 يعد احتلالاً للجنوب، نحن نقول إن المُمارسة التي مارسها النظام بعد حرب 94، بل وبعد انتخابات 97 هي ممارسة احتلال، لكن من يقول اليوم إن ما حدث بعد 94 احتلال، لماذا صمت البيض أكثر من 15 سنة ولم يقل هذا الكلام؟ ولماذا قاتل أبناء الجنوب والقبائل في الجنوب والعسكر مع الجيش الذي طرد علي سالم البيض وزمرته التي أعلنت الانفصال؟ أبناء الجنوب هم من قاتلوا، ثم بعد ذلك أعلن مقاتلو علي سالم البيض أنهم قاموا بتوزيع أسلحة، واستدعوا الشباب الذين كانوا في الخدمة العسكرية الذين تدربوا في الجيش ليقاتلوا معهم، فرفضوا ولم يقاتلوا معهم، هذه قضية يجب أن يدركها الجميع. التساؤل الثاني: بعد حرب 94 مباشرة انتقل الكثير من الشخصيات والمشايخ والوجهاء والأعيان ما بين صنعاء وعدن وحضرموت وغيرها من المحافظات، ولم يتكلم أحد عن احتلال أبداً، وجاءت انتخابات 97، واكتسح علي عبد الله صالح المحافظات الجنوبية بأغلبية، وبعد أن كان عدد أعضاء مجلس النواب من ممثلي الأحزاب الأخرى في 93 أكثر أصبح ممثلو حزب علي عبد الله صالح أكثر في 97 من الجنوب، وانفرد بالسلطة والحُكم، ولم نسمع أحداً يتكلم عن احتلال. ثم جاءت انتخابات 99 الرئاسية وانتخابات 2003 النيابية، وخطب صالح في المهرجانات الانتخابية، وفاز هو وحزبه بأغلبية في مجلس النواب من المحافظات الجنوبية، ولم يتحدث أحد عن الاحتلال، ثم جاءت الداهية الكبرى لهؤلاء الذين يتكلمون اليوم عن الاحتلال انتخابات 2006 عندما رشّحنا نحن أبناء الجنوب بل أبناء حضرموت المهندس فيصل بن شملان ليكون مرشحا للمعارضة اليمنية ضد علي عبد الله صالح ووقف من يتكلمون اليوم عن الاحتلال ويقودون هذا المشروع إلى جانب علي عبد الله صالح ونظموا له المهرجانات في المحافظات الجنوبية، وهي موثّقة ومسجّلة تلفزيونياً، ولم يتكلم أحد عن الاحتلال، وحصد صالح من الأصوات أكثر ممّا حصل عليه المهندس فيصل بن شملان في الجنوب، بينما فيصل بن شملان حصل على أصوات أكثر من الأصوات التي حصل عليها علي عبد الله صالح في كثير من المناطق في الشمال، ولم نسمع أحداً يتكلم عن احتلال، لم نسمع كلمة الاحتلال إلا عندما بدأ علي عبد الله صالح يهتز، وبدأ عرشه وكرسيه يتهاوى، حينها بدأت تتعالى الأصوات وتظهر أن الجنوب يعيش في ظل الاحتلال، ثم بعد ذلك الحراك الجنوبي انطلق بعد الانتخابات الرئاسية في 2006 في ثورة سلمية مطلبية حقوقية ونحن معها ونؤيّدها، وإذا هناك من يصرف ويحرف ويخترق هذا الحراك ليتبنّى مشروع الاستقلال، ويظهر البيض على الشاشات مرّة أخرى ليعلن نفسه الرئيس الشرعي، حتى اندلعت الثورة الشبابية السلمية 2011، طبعاً ضرب علي عبد الله صالح ونكل واعتقل وكان يمنع رفع الأعلام التي يرفعها الحراك الجنوبي، لكن فتح المجال، وأعطيت الحُرية أكثر، عندما أزيل علي عبد الله صالح. وللأسف الشديد، تحول الرجال والقادة الذين كانوا في صف علي عبد الله صالح مباشرة ضد الثورة الشبابية لينضموا للحراك الجنوبي بدعوى أننا واقعون تحت الاحتلال.
فعلى الإخوة في الحراك الجنوبي وأبناء المحافظات الجنوبية أن يدركوا هذا المخطط جيّداً، وأن يحذروا من أن يجرهم هؤلاء إلى فخٍ جديد نصبوه لهم، حتى يعيدوا وينتجوا الماضي الأسود مرة أخرى. بل الأخطر من ذلك، أن يدخلوا الجنوب في صراعات وتصفية حسابات ودماء. كما أتمنّى من إخواني في الحراك الجنوبي وأبناء الجنوب أن يستمروا في ثورتهم السلمية، ونتعاون جميعاً في تحقيق الأهداف التي ترقى إلى تطلّعات الشعب، ولا يسمحوا لأحد أن يركب موجتهم، أو أن يحرف مسارهم، ويحملهم أعباء الماضي، وبدلاً من أن يحملوا قضية، ويحملوا مطالب شعب، أصبحوا يحملون صراعات الرفاق وحروبهم وجرائمهم؛ لماذا؟ أعتقد بأن الجنوب في غنًى عن ذلك.
كيف ترد على الوثيقة التي وقع عليها البيض؟
الرجل يحلم بالعودة من جديد، ويوقّع على وثائق، وربما يشكل حكومة في المنفى، بل لديه حكومة أعلنها في 94، ربّما يعيدها من جديد.
هم يعرفون جميعاً، ونحن نعرف أن هذا الرجل ماكر مثله مثل علي عبد الله صالح فهو شريكه في الظلم، أنا أريد فقط أوصلكم إلى عدن ثم بعد ذلك اسلمكم السلطة، هذه حيل وألاعيب لا تنطلي على أحد.
ألهذا تهاجم البيض دائماً؟
انا أهاجم الظالمين، ومن تلطخت أياديهم بالدماء، ومن قفوا أمام هذه الثورة الشبابية السلمية التي قامت من أجل إزالة الظلم، هناك من صمد، وهناك من تجنّب الإساءة، وهناك من تجنّب الخوض في مثل هذه الأمور، سكتنا عنه، لكن من تكلم وجنّد وحشد ليفشل هذه الثورة، وقفنا ضده؛ لأننا ضد الظالمين.
إذا أُعطي الجنوب الحق في تقرير مصيره فأبناء حضرموت يريدون تقرير المصير.. وتعثر التغيير في حضرموت سرٌ لم نكتشفه حتى الآن
كيف تنظرون إلى الحشود الكبيرة التي حشدها الحراك في 13 يناير؟
نحن نقدّر نشاط وجُهد وحركة الأخوة في الحراك الجنوبي، ونعي الحشد الذي حشدوه، مع تحفظ بسيط في مبالغة في الأرقام، عندما يقولوا إن مليونية في عدن ومليونية في المكلا، والساحات بمساحاتها تثبت الأعداد الحقيقية، وأقدر واحترم جُهدهم والجماهير التي جاءت معهم، وعليهم أن يحترموا ويقدروا جُهدنا والجماهير التي تأتي معنا، وكما أننا لا نعتدي عليهم، عليهم ألاّ يعتدوا علينا ولا يستغلوا ذلك.
هل لديكم قدرة على أن تحشدوا مثلما حشدوا؟
نستطيع أن نحشد أضعافا، لكن نحن مستهدفون، والنوعيات التي تأتي معنا لا تتحمل هذا الاستهداف، وليست مستعدة للخوض في مهاترات وصراعات نعتبرها جانبية لا تخدم قضيتنا وثورتنا.
تراهنون على اختلاف القيادات في الحراك الجنوبي؟
هي موجودة، وهم معترفون بها، والدليل إصدار بيانين في حشود 30 نوفمبر، وأن يكون هناك حشدان في المكلا، هم يدركون ذلك. ونحن نتمنّى أن يوحّدوا كلمتهم، وأن تكون لهم قيادة واحدة وبرنامج واحد حتى يتعاطى معهم الجميع بمرونة أكثر وقبول أكثر لأفكارهم وأطروحاتهم.
كلمة أخيرة؟
أوجّه كلمتي إلى كل القوى في هذا الوطن (شمالا وجنوبا) وإلى الشباب والمكوّنات والنخب والسياسيين والمثقفين والصحفيين والإعلاميين جميعاً: علينا أن نغلب منطق العقل والحوار والتعاون والقبول بالرأي والرأي الآخر، وأن نبتعد عن الألفاظ غير المسؤولة والاتهامات غير الواقعية والتشويه للآخر بمجرد أنه لا يتفق معك في الرأي أو الفكرة، نحن جميعاً أبناء بلد ودين وأصحاب قِبلة واحدة، ونتطلع إلى مستقبل واحد يكون لنا جميعاً. وأتمنّى حقيقة أن ندرك أن أمامنا مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يُعد أملا وبوابة، علينا أن نسعى لإنجاحه، وأن نسعى ليكون حواراً حقيقياً، وأن نكون يداً واحدة في رفض أن يكون في قوائم الحوار أي قاتل أو مجرم أو لص أو فاسد، الحوار ينبغي أن يكون بين قوى نزيهة نظيفة، وأشخاص ممثلين لهذه القوى نزيهين وطنيين حتى يحول هذه القوى من قوى تدميرية إلى قوى تبني وتشيّد، ونخرج بمستقبل جديد وموجِّهات وشكل للدولة والنظام والدستور، وننجز المرحلة الانتقالية جميعاً، ونحل كل قضايانا؛ وفي مقدّمتها القضية الجنوبية.
إذا لم يدخل الحراك الجنوبي الحوار هل سيفشل الحوار؟
لا، أنا أولاً أتمنّى أن نعطي رسائل إيجابية، ولا نتحدث عن الفشل؛ لأنه إما حوار أو حوار، أنا ضد، وانتقد كثيراً من يقول إما الحوار أو الحرب؛ لأنه مهما تقاتلنا وتحاربنا وتصارعنا فالنهاية سنأتي للحوار. إذاً علينا أن نعلن هذا الشعار (إما الحوار أو الحوار)، لا مخرج لهذه الأزمات والصراعات والمشكلات إلا بالحوار. علينا أن نلتقي ونتحاور ونتشاور ويضع كل ٌ منا ما عنده دون سقفٍ أو شروط ثم نلتقي بعد ذلك على القواسم والمصالح المشتركة، ونخرج جميعاً بمشروع واحد ليمن واحد نتّفق على شكله بعد ذلك في الحوار. نتمنّى حقيقة من الجميع أن يدرك هذه القضية إدراكا جيّداً، والعالم قد أدركها قبلنا وجاءوا جميعاً في اجتماع مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي؛ لأنهم يدركون أنه إذا لم تستقر اليمن لن تستقر المنطقة، فأتمنّى من الذين في الشمال أو الجنوب الذين يسعون لاستقرار جزء واحد من الوطن، أنه لن يستقر إلا باستقرار الجميع، إذاً علينا جميعاً أن نسعى لاستقرار ونهضة وتنمية الجميع، حتى نكون جميعاً في أمن وأمان واستقرار ورخاء إن شاء الله.