رئيس الوزراء: الحوثيون يستهدفون نسف جهود السلام تنفيذا لأجندات النظام الإيرانى.. والأمم المتحدة ترضخ للابتزاز (حوار)

المدنية أونلاين/صحف:

جدد رئيس الوزراء اليمنى الدكتور معين عبد الملك ، موقف الحكومة اليمنية الشرعية، تجاه عملية السلام ، مشيرا إلى أن حكومته تستهدف سلاما دائما وشاملا، يستند على المرجعيات الثلاث المعترف بها، دون تجاوز أو انتقاص.

وقال عبد الملك فى حوار مع صحيفة « الأهرام » المصرية، بعد ساعات من وصوله إلى القاهرة، فى زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، بدعوة من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ، لبحث آفاق التعاون بين البلدين، إن أى محاولة لتجاوز هذه المرجعيات، أو القفز عليها، لن تقود سوى إلى مزيد من الحرب والاقتتال، وإطالة أمد النزاع فى اليمن، مشيرا إلى أن الرضوخ المستمر من قبل الأمم المتحدة، ومبعوثها الخاص للابتزاز، و المطالب غير المشروعة للحوثيين ، يعمق أسباب الفوضى والحرب ، ويشجع هذه الميليشيات على مزيد من التمادى فى الاشتراطات والإملاءات، الهادفة لنسف كل جهود السلام، تنفيذا لأجندات النظام الإيراني، ورغبته فى الاستمرار فى تهديد الأمن والاستقرار الإقليمى والدولي.

ووصف رئيس الوزراء، موقف مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي ، فى إطار تحالف دعم الشرعية فى اليمن ، بأنه امتداد طبيعى لدورها التاريخى العروبى والقومى المتميز، الذي  بدأ مع ثورة 26 سبتمبر عام 1962، على النظام الإمامى الرجعى فى شمال اليمن، مشيرا إلى ما قدمته مصر من دعم غير محدود للشعب اليمني، فى الدفاع عن ثورته ونظامه الجمهوري، حيث امتزجت دماء الشعبين المصرى واليمني، دفاعا عن الجمهورية الوليدة، فضلاً على ما قدمته مصر من دعم سياسى لليمن، فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية.

وأكد عبد الملك، أن ما يدور مؤخرا من أحاديث حول قواعد عسكرية تركية فى اليمن، «ليس محل نقاش أو بحث، ولا يمكن القبول به»، مشيرا إلى أن هذه الدعوات صدرت من «أصوات مرتهنة بلا وزن»، وأنها تأتى ضمن محاولات بائسة، تستهدف التشويش على مواقف الحكومة الواضحة، والتأثير على علاقتنا مع دول تحالف دعم الشرعية، واصفا موقف إيران من اليمن ، بأنه جزء من مخطط توسعي، يستهدف الدول والهوية العربية، مشيرا إلى أن إيران تستهدف من وجودها فى اليمن، العمل على زعزعة الاستقرار فى منطقة الخليج العربي، والبحر الأحمر وباب المندب، وهو ما يضع دول التحالف العربى لدعم الشرعية فى جبهة واحدة، لمواجهة المشروع الإيرانى العدائى والتخريبي، ضد الدول الوطنية العربية، وحماية الأمن القومى العربي.

وإلى نص الحوار:

كيف تنظرون إلى مستوى العلاقات السياسية مع مصر، وما هى رؤيتكم للدور المصرى فى إطار التحالف العربى الداعم للشرعية اليمنية، وما هى آفاق التعاون الاقتصادى والتنسيق الأمني، وتعزيز المصالح المشتركة، باعتبارها تمثل أبرز القضايا على طاولة زيارتكم إلى القاهرة؟ 

العلاقات اليمنية المصرية، فريدة ومتميزة، وتستند على تراكم حضارى كبير، وتاريخ استثنائى من التضامن والدعم والتأثير المتبادل، فقد ظلت مصر على الدوام تقف إلى جانب اليمن، فى مختلف المراحل والظروف، وموقف مصر بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى اليوم، فى إطار تحالف دعم الشرعية فى اليمن ، الذى تقوده المملكة العربية السعودية، هو امتداد لدورها التاريخى العروبى والقومى المتميز، الذي  بدأ مع ثورة 26 سبتمبر 1962، على النظام الإمامى الرجعى الكهنوتى فى شمال اليمن، من خلال الدعم والإسناد غير المحدود للشعب اليمني، فى الدفاع عن ثورته ونظامه الجمهوري، حيث امتزج الدم اليمنى بدماء الجنود المصريين، فى سهولنا وجبالنا وسواحلنا، دفاعاً عن جمهوريتنا الوليدة، فضلاً عن الدعم السياسى فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وكذا التربوى من خلال إرسال وإيفاد آلاف المعلمين المصريين، الذين كان لهم الدور الأبرز فى اختطاط نظام تعليمى حديث فى اليمن، إضافة إلى الدعم الفنى من خلال الخبراء المصريين الذى ساهموا فى تأسيس المنشآت وتشغيلها.

كذلك الحال فى جنوب الوطن؛ حيث وقفت مصر إلى جانبنا، فى ثورة 14 أكتوبر 1963 على الاستعمار البريطاني، وقدمت للثورة مختلف أشكال الدعم العسكرى واللوجيستى والسياسى اللامحدود، واليوم أيضا لا يمكن إغفال أن مصر تستضيف برحابة صدر، أعداداً كبيرة من المواطنين اليمنيين، الذين اضطرتهم الحرب الحوثية الإجرامية للنزوح الخارجي، وهم يتلقون معاملة كريمة من السلطات والمؤسسات المصرية.

والحقيقة أنه فوق ما تتضمنه العلاقات اليمنية ـ المصرية من عمق وفرادة، فآفاقها أيضاً غير محدودة، مما يجعل هذه العلاقات قابلة لاستيعاب مزيد من التطوير والتوسع، وتقديم مزايا وتسهيلات متبادلة لمواطنى البلدين، ونحن حريصون، فى ضوء توجيهات القيادة السياسية للبلدين، انطلاقاً من هذا التاريخ العريق، على استمرار الدفع بهذه العلاقات إلى آفاق رحبة، بما يخدم المصالح المتبادلة، وزيارتنا للقاهرة تأتى فى هذا الاتجاه، بما فى ذلك استئناف اجتماعات اللجنة اليمنية المصرية، وتفعيل اتفاقيات التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، إضافة إلى بحث سبل التنسيق الأمني، وتعزيز حماية الملاحة البحرية فى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وبحث افاق التعاون الاقتصادي

تواجه عملية السلام ووقف الحرب فى اليمن تحديات كبيرة، فى ظل تعنت جماعة الحوثيين ، وفى ضوء ما تردد عن رفض الحكومة الشرعية لمسودة الحل الشامل التى اقترحها المبعوث الأممى مارتن جريفيث، كيف ترون آفاق الحل السلمي، وأسباب الاعتراض على المشروع الأممي؟ 

موقف الحكومة الشرعية تجاه عملية السلام هو موقف ثابت وراسخ، فنحن مع سلام دائم وشامل، يستند على المرجعيات الثلاث المعترف بها، دون تجاوز أو انتقاص، فالمرجعيات الثلاث المتمثلة فى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومقررات مؤتمر الحوار الوطنى وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفى مقدمتها القرار 2216، هى الركائز الأساسية للحل السياسى فى اليمن، وأى محاولة لتجاوز هذه المرجعيات أو القفز عليها هو أمر غير مقبول، لأن ذلك لن يقود سوى إلى مزيد من الحرب والاقتتال، وإطالة أمد النزاع.

ومؤخراُ، وفى ضوء استئناف التحركات الأممية والدولية، لإنعاش عملية السلام المتعثرة بسبب تعنت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ورفضها الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها التى قطعتها أمام المجتمع الدولى فى السويد، وبناء على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث لإيقاف إطلاق النار وتوحيد الجهود لمواجهة جائحة كورونا، أعلنت الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، منذ شهر أبريل الماضي، وقف إطلاق النار من طرف واحد، وتعاطت بالموافقة مع المقترحات التى تضمنتها المسودة المقدمة حينها، من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ، إلا أن الميليشيا الحوثية لا تزال ترفض كل هذه المبادرات، وتصر على وضع شروط جديدة تنتهك معها سيادة البلد، وحق الدولة الحصرى فى إدارة مؤسساتها، وهذا ما ترفضه الحكومة بكل وضوح.

وتصرفات الميليشيات الحوثية تؤكد بوضوح، أنها غير جادة فى السلام، والرضوخ المستمر من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للابتزاز، والمطالب غير المشروعة للانقلابيين، إلى جانب كونه يمثل تجاوزا فاضحا لكل القرارات والقوانين الدولية، فإنه يعمق أسباب الفوضى والحرب ، ويشجع هذه الميليشيات على مزيد من التمادى فى الاشتراطات والإملاءات، الهادفة لنسف كل جهود السلام وإطالة أمد الحرب، تنفيذاً لأجندات النظام الإيراني، ورغبته فى الاستمرار فى تهديد الأمن والاستقرار الإقليمى والدولي، لذلك فأى تصورات أو مقترحات للحل السياسي، يجب أن تكون متوافقة مع المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وأن تميز بوضوح لا لبس فيه، بين الدولة اليمنية وحكومتها الشرعية ومؤسساتها، وبين أى جماعات وفصائل، وعلى رأسها الجماعة الحوثية المتمردة، لأن أى انحراف عن هذا الإطار، لن يكون مقبولاً وسيؤدى فقط إلى تعقيد جهود السلام. 

لعب التحالف العربى فى اليمن بقيادة السعودية، دورا مهما فى منع الحوثيين وإيران من السيطرة على البلاد ، لكننا من وقت لآخر نسمع عن خلافات بين بعض الأطراف فى التحالف، فما حقيقة ذلك؟ وكيف ترون دعم التحالف العربي؟ 

الشعب اليمنى وحكومته لا يمكن أن ينسى الوقفة النبيلة والشجاعة، للأشقاء فى تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، فى معركته المصيرية والوجودية، ضد ميليشيا الحوثى الانقلابية المدعومة من إيران، وفى العلاقة بين أطراف التحالف، لا شك أن هناك بعض التباين فى وجهات النظر، حول بعض القضايا، التى دائماً ما يتم تجاوزها فى إطار الحرص المشترك على إنجاز أهداف التحالف، فى هزيمة المشروع الإيرانى واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.

ماذا عن الدور القطرى فى اليمن، خاصة مع وجود أطراف محسوبة على الشرعية تعزز التواجد القطرى لدعم أطراف يمنية بالسلاح، فى بعض مناطق نفوذهم فى محافظتى تعز وشبوة، وكذلك ما يتردد عن عرقلة الأطراف الموالية لقطر لاتفاق الرياض، واقتسام السلطة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي؟

بداية أرى أنه من الخطأ مقاربة الدور القطرى فى اليمن، بحصر الحديث عن مناطق مثل تعز أو شبوة، التى تعمل سلطاتها المحلية والجيش الوطنى على تعزيز واستعادة نفوذ الدولة، أو حصر الأمر بتنظيم معين، إذ لا يمكن فهم ما تقوم به قطر من أدوار تخريبية فى اليمن الآن، بمعزل عن سياسة قطرية عملت على نشر الفوضى فى اليمن، واستخدامها منذ فترة ليست بالقصيرة، فمنذ وقت مبكر دعمت قطر الميليشيا الحوثية بالمال والسلاح والإعلام والعلاقات، وعملت على زعزعة الاستقرار فى اليمن، ومنذ الأزمة الخليجية صارت هذه السياسة القطرية واضحة، وصار الدعم القطرى للميليشيا الحوثية علنيا، فضلا عن عملها الآن على إضعاف الحكومة الشرعية، وإفشال جهود استعادة الدولة، وخلق بؤر توترات فى بعض من المحافظات، وتمويلها وإطلاق حملات تشويش هى جزء من هذه السياسة التخريبية. 

والحقيقة أن الدولة لن تقبل بوجود مجاميع مسلحة خارج مؤسساتها ولن تقبل بنشاط مجاميع ترتبط بأجندات غير وطنية، ونحن فى الحكومة اليمنية، ومن منطلق ثوابتنا فى أهمية التقارب والتكامل العربي، نتمنى أن تعود قطر إلى محيطها العربي، وأن تعمل مع الأشقاء فى منطقة الخليج على تعزيز التكامل والتعاون العربي، أما بالنسبة لاتفاق الرياض فهو ليس اتفاق تقاسم سلطة، لأن السلطة حصرية للدولة، ومضمون اتفاق الرياض هو استيعاب كافة القوى ودمجها، وإعادة تنظيمها داخل بنية الدولة وتحت مظلتها، والحقيقة أن الكثير قد تحقق بالفعل، فى طريق تجاوز الصعوبات التى اعترضت تطبيق اتفاق الرياض، بجهود كبيرة من فخامة الرئيس وقيادة المملكة العربية السعودية. 

تنطلق منذ فترة بعض الدعوات المحلية، لتدخل تركيا فى اليمن على غرار ليبيا وسوريا، بالتزامن مع رغبة أنقرة فى إقامة قواعد عسكرية فى اليمن، فكيف تنظرون إلى مثل هذه الدعوات؟ 

الحديث عن التدخل التركى أو الحديث عن قواعد عسكرية فى اليمن، أمر غير وارد على الإطلاق، وليس محل نقاش أو بحث ولا يمكن القبول به، والحقيقة أن هذه الدعوات لم تصدر إلا من أصوات مرتهنة بلا وزن، فى مواقع التواصل، وهى تأتى ضمن محاولات بائسة، تستهدف التشويش على مواقف الحكومة الواضحة، والتأثير على علاقتنا مع دول تحالف دعم الشرعية. 

لا يكاد يمر شهر، إلا ويعلن عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية كانت فى طريقها للحوثيين، أو سفن إيرانية تمارس أنشطة غير مشروعة فى المياه الإقليمية اليمنية، كيف تتعاملون مع هذه المسألة والدور الإيرانى فى اليمن؟

- اليمن فعليا يتعرض لاعتداء إيرانى سافر، سواء عبر دعم إيران وتمويلها للانقلاب الحوثى بالمال والسلاح والخبرات العسكرية، أو من خلال تعاملهم مع ممثلى الانقلاب رسميا، أو من خلال الاعتداء على المياه الإقليمية اليمنية، و موقف إيران من اليمن هو جزء من مخطط توسعى يستهدف الدول والهوية العربية، فمن خلال وجودها فى اليمن، سوف تعمل على زعزعة الاستقرار فى منطقة الخليج العربى والبحر الأحمر وباب المندب، ونحن ودول التحالف العربى لدعم الشرعية فى جبهة واحدة، لمواجهة المشروع الإيرانى العدائى والتخريبى ضد الدول الوطنية العربية، وحماية الأمن القومى العربي.

وافق الحوثيون على السماح لخبراء الأمم المتحدة بفحص ناقلة النفط «صافر»، القابعة فى البحر الأحمر منذ خمس سنوات، وتهدد بتلوث البيئة والملاحة، وسط تشكيك من الحكومة فى نيات الحوثيين، واتهامات لهم بالتخطيط لإعاقة الملاحة فى البحر الأحمر، وتفجير زوارق بحرية، فما هى القصة الحقيقية؟ 

- قضية خزان صافر من أخطر القضايا التى تتجاوز مخاطرها اليمن، والصراع الحالى إلى الإقليم والمستقبل، وهى مثال كاشف للطبيعة الإرهابية للميليشيا الحوثية، التى تستخدم كل شيء كأدوات ورهائن للحرب، بدءا من المواطنين فى مناطق سيطرتهم، إلى تعريض الملاحة الدولية والبيئة لمخاطر كارثية، و الحوثيون يستخدمون «خزان صافر» كسلاح حرب، ولذا رفضوا طوال السنوات الماضية كل المقترحات والجهود من أجل تفريغ الخزان، وحل هذا التهديد الخطير، وموافقتهم الأخيرة على فحص الخزان المهدد بخطر التسرب، جاءت استباقا لجلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة هذه القضية، ولمواصلة خداع المجتمع الدولي، وإيهامه بأنهم متعاونون ومنفتحون على السلم، بينما خزان صافر يمثل خطرا قد يسبب أكبر كارثة بيئية فى العالم، والحل الجذرى لمشكلة صافر يأتى عبر تفريغ الخزان فورا. 

 أما عن تهديدات الحوثيين الأخرى للملاحة فى مياه البحر الأحمر، فهى مثبتة بعدد كبير من الوقائع، التى تتوزع بين استهداف السفن التجارية بالصواريخ البحرية، ونشر الألغام وإطلاق الزوارق الحربية الملغومة، بهدف تفجيرها فى السفن العسكرية التابعة للتحالف العربي، التى تتولى تأمين الملاحة البحرية، ولدينا كما لدى الأشقاء فى القيادة العسكرية للتحالف، توثيق تفصيلى بوقائع الاعتداءات الحوثية فى البحر الأحمر.

لوحظ خلال الأيام الأخيرة تصعيد كبير فى المواجهات العسكرية مع الحوثيين، خاصة فى جبهتى الحديدة ومأرب، تزامنت مع تكثيف عمليات استهداف المدن والمنشآت السعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.. فكيف تفسرون ذلك؟ وما هو موقف العمليات على الأرض خاصة مع استماتة الحوثيين من أجل السيطرة على منابع النفط فى مأرب؟ 

التصعيد الأخير يكشف بوضوح عن حقيقة موقف الحوثيين من جهود السلام، ورؤيتهم القائمة على الحرب، فهو خلاصة استعدادات الحوثى خلال عام كامل من الهدنة، التى رعتها الأمم المتحدة فى السويد، وانخرطت فيها الحكومة فى مسارات تطبيق اتفاقية استوكهولم، وعملت على تسخير جهودها وامكانياتها لتخفيف حدة الازمة الإنسانية، وتحسين فرص السلام، فعلى سبيل المثال عملت الحكومة فى عام 2019 على دفع رواتب ومعاشات 123 ألفا من الموظفين والمتقاعدين فى مناطق سيطرة الحوثيين، واتفاقية استوكهولم جاءت فى لحظة ضعف عسكرية للحوثين، وأوقفت استرداد الحكومة لمدينة الحديدة الميناء الأكبر، وخلال هذا العام استمرت إيران فى تهريب الأسلحة الى الحوثيين، وتم القبض على بعض السفن المحملة بالأسلحة النوعية المرسلة للميليشيا، واستمر الحوثيون فى التحضير للتصعيد، بينما الموقف الميدانى يتحسن باطراد لمصلحة الجيش الوطني، ورجال القبائل فى محاور القتال الممتدة، من الجوف إلى نهم وصولاً إلى البيضاء، حيث خسائر الحوثيين البشرية والمعنوية والميدانية تفوق ما خسروه فى أى وقت مضى، وفى الحديدة تقع اشتباكات محدودة ومناوشات جراء خروقات من جانب الحوثيين، أما الموقف العام هناك فلا يزال محكوماً باتفاق ستوكهولم.

يواجه المشهد فى جنوب اليمن صعوبات جمة، فى ضوء سيطرة المجلس الانتقالى على جزيرة سقطرى، وإعلانه الإدارة الذاتية وادعائه تمثيل كل المحافظات الجنوبية، مما أعاق مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض وإعادة تشكيل الحكومة، فما هى أسباب تعثر المفاوضات مع المجلس الانتقالي؟ وهل يمكن أن يؤدى اقتسام السلطة إلى تهديد وحدة اليمن وإعادة عجلة الانفصال مرة أخرى؟ 

الصعوبات متوقعة لتنفيذ أى اتفاق سياسي، فى خضم الصراعات الأهلية، لكن التغلب عليها ممكن، وما يجرى من تشاور فى الرياض حاليا قطع شوطا كبيرا لتجاوز هذه الخلافات، وفى تقديرى أن الشراكة السياسية فى زمن الحرب – خصوصا الحرب الأهلية-  وتمثيل القوى السياسية فى الحكومة، عملية جوهرية لإبقاء الطموحات والمصالح فى الإطار المشروع، والشراكة الوطنية فى الحكومة ستمكننا من استعادة البوصلة وتوحيد الجهود لإنهاء الانقلاب، والشراكة بين الشمال والجنوب فى الحكومة بالمناصفة، كان أحد مخرجات الحوار الوطني، كإحدى الضمانات، وبقيتها تضمنته مسودة الدستور الاتحادي، وهى كفيلة بالحفاظ على اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، وأى قضايا سياسية تطرح على الطاولة بعد التغلب على الانقلاب، واستعادة السيطرة وبسط نفوذ الدولة على كافة الاراضي، التى تقع تحت سيطرة الميليشيات.

عقدت محكمة عسكرية تابعة للحكومة اليمنية فى محافظة مأرب، جلسات لمحاكمة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثى و174 آخرين من جماعته، بتهمة الانقلاب على الشرعية، وتشكيل «تنظيم إرهابى مسلح»، بدعم من إيران وحزب الله.. لماذا تأخرت هذه الخطوة وما دلالاتها حاليا؟

هذه هى الخطوة الطبيعية، وما ليس طبيعياً هو ترك هؤلاء المجرمين فى قيادة الجماعة الانقلابية، دون إسقاط الحماية القانونية عنهم، وهم الذين تزعموا الانقلاب على نظام الدولة العام، والنظام السياسي، وأشعلوا الحرب على الشعب، ودمروا الحواضر ونهبوا عائدات الموارد العامة، وأباحوا ملايين المواطنين للمجاعة والأوبئة والأمراض، وقد كان ينبغى الشروع فى محاكمة قادة الحوثيين، بعيد اقترافهم لجرائمهم الأكثر من جسيمة، لكن بسبب الانقلاب وتخريب مؤسسات الدولة والنظام العام، بما فيها مؤسسات القضاء، فقد تطلب بناء المؤسسات والأنظمة العامة من جديد، فى المدن المحررة وقتاً طويلاً، بسبب جملة من المصاعب الميدانية واللوجيستية، ومن ثم تأخرت محاكمة القادة الضالعين فى الانقلاب والحرب، والدلالة هنا مجابهة قادة الانقلاب، فالحرب مستمرة على كل الأصعدة، وبكل السبل القانونية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية.

تقارير دولية عدة حذرت من وجود كارثة إنسانية فى اليمن، بسبب تفشى فيروس كورونا وانهيار نظام الرعاية الصحية فى البلاد، فما هى الحقيقة حول أوضاع جائحة كورونا فى اليمن؟

الوباء يمثل تحدٍيا مضاعفا حينما نتحدث عن اليمن، فبعد خمس سنوات من الحرب القطاع الصحى فى اليمن متهالك، والتجهيزات شبه منعدمة، ونحن نواجه الوباء بأقل نسبة أدوات فحص فى العالم، ولدينا نقص حاد فى محاليل وأدوات الفحص، إلى جانب عدد محدود من أجهزة التنفس، وأسرة العناية المركزة، بينما نحو 80% من المواطنين يعتمدون فى معاشهم على الدخل اليومي، أو على شراء احتياجاتهم الغذائية بصورة يومية، وهذا يعقد مسألة فرض قيود على الحركة.

  وقد تعاطت الحكومة بمسئولية عالية وشفافية كاملة مع وباء كورونا، فشكلت لجنة طوارئ عليا يرأسها نائب رئيس الوزراء، وعملت على دعم القطاع الصحي، واتخاذ سياسات تحد من تفشى الوباء، وكونت فرقا صحية للعمل فى المنافذ المختلفة، وجهزت مراكز للعزل، وأعلنت وقف اطلاق نار من طرف واحد، ووجهت مبادرات علنية لتشكيل إدارة صحية موحدة للأزمة، وتم تخصيص ميزانيات إضافية للقطاع الصحى - حسب الإمكانيات المتاحة- لتوفير الإمدادات الطبية الخاصة بمكافحة كورونا، والتنسيق مع رأس المال الوطني، للإسهام فى توفير وسائل الحماية والتطبيب، والوضع مختلف فى مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، فهناك استخفاف بأرواح المواطنين، فى ظل رفضهم الإعلان عن الإصابات، وترهيب الطواقم الطبية العاملة والمرضى، وهو ما يجعل الوضع كارثيا بكل المقاييس.

نحن نتواصل بشكل مستمر مع منظمات الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية، ولدينا شراكات معها فى نشر الوعى وإدارة المحاجر الصحية، ونعمل معها لتوفير النقص من المستلزمات والأجهزة الطبية.

والحقيقة أن الدعم الدولى تأخر عنا كثيرا، فحتى هذه اللحظة ما تم تقديمه لنا، يكاد لا يذكر مقارنة بحجم التحدى الذى يمثله الوباء، ومعظم الجهود تتم حتى الآن بدعم حكومي، لكن هناك تعهدات من عدد من الشركاء الدوليين، والحكومة تبحث معهم تخصيص هذا الدعم بشكل سريع، للقطاع الصحى والقطاعات المتضررة من الوباء.