مطاردة الخونة

طول فترة الانقلاب الحوثي والحرب التي أعقبته تواجدت رذيلة الخيانة في أكثر من مكان وزمان بهدف ضرب مناطق الحكومة الشرعية ومواقع تواجد الجيش الوطني ونشر الفوضى والجرائم فيها ، وخصصت المليشيات الحوثية جهداً ووقتاً ومالاً ووسائل إغراء متنوعة لاقناع وتدريب وارسال خونة ينفذون المهام القذرة لصالحها كجزء من سلوكها المليشاوي الدموي ، واللافت أن الخلايا والأفراد الذين تم كشفهم عددهم اكبر بكثير من الذين نجحوا في جرائمهم ، وبين الفينة والأخرى تطل علينا الأجهزة الأمنية والاستخبارية بأخبار القبض على المزيد من الخونة الذين باعوا أنفسهم للشيطان ، وانطلت عليهم هرقطات ومغالطات المليشيا الحوثية وإغراءتها لتحولهم إلى أدوات للموت ومصادر للفوضى سواءً في مارب أو تعز أو عدن أو بقية المناطق المحررة الأخرى.

ليس بغريب على جماعة مليشاوية دموية أن تسلك طريق اقناع البعص بخيانة بلده وأهله وناسه فالخيانة هي ديدنها ، وأن تبذل كل جهودها وأموالها وإغراءتها لتحول مواطن صالح إلى "خائن" فذاك هو من أسوأ سيئاتها ، لكن الغريب أن يتجاوب البعض مع هذه المليشيات فيلغي عقله وضميره وينسى دينه ومعتقده ، فيكون سبباً لإراقة دماء بريئة في مجتمعه ، ويتحول إلى خائنٍ وقاتلٍ في آنٍ واحد ، وهو هنا يتجرد عن قيم اليمني الأصيل الذي يأبى أن يكون أداة ومطية لمجرم ، ولعمري أي مصيبة تحلُّ على الخائن حين يتسامح مع خيانته ويتعايش معها ، ويدفن عقله وضميره للأبد فينحطُّ إلى أرذل الأرذلين ، وتقوده نفسه المريضة إلى الدرك الأسفل من الدنائة والانحطاط ، ولا أسوأ ولا أحقر من هذا المسلك الوضيع.

إن ما يتطلبه الواقع اليوم أن لا يتساهل المجتمع والدولة والجيش والأمن مع أي خائن تحت أي مبررٍ كان ، فكل تساهلٍ أو تجاهلٍ أو تجاوزٍ نتيجته الطبيعية المزيد من الآلام والأوجاع والدماء في جسد الوطن وأبنائه ، وحين يصل بأحدهم أن يصبح خائناً وأداة بيد الحوثي المجرم يستخدمه لقتل أهله فلا مجال أبداً لاعتبارات القرابة والمعرفة والصداقة ، فالخائن حين باع نفسه تنكر لأهله ومجتمعه ووطنه وقيمه ، ولايمكن التعامل مع هؤلاء إلا بالضرب بيدٍ من حديدٍ وكفٍ من فولاذ وأصابعَ من نَّار ، والمجتمع ككل هو العين الحارسة من عبث وفوضى وعمالة هؤلاء ، وبتكاتف الجهدين الشعبي والرسمي لمطاردتهم وتعقبهم والقبض عليهم تتحقق هزيمتهم وايقاف جرائمهم التي يخططون لارتكابها تنفيذاً لمتطلبات الخيانة واستجابة لأوامر مجنِدِيهم من جماعة الحوثي التي تسعى لإراقة المزيد من الدماء ، وإيقاع أكبر عدد من القتلى تطبيقاً لقاعدتها السيئة "نحكمكم أو نقتلكم".

المؤكد أن هناك جهوداً تُبذل وتُكلَّل بالنجاح ، وهناك وطنيون يسهرون لمطاردة وتفكيك هذه الخلايا وكشف من فيها من خونة وايقاعهم في شر أعمالهم ، كما أن هناك حاضنة شعبية تشارك في هذا الجهد ، ولايمكن بالمطلق إنكار ما تقوم به الأجهزة الرسمية بدعم وتعاون المجتمع ، لكن المطلوب اليوم هو المزيد من اليقظة والحذر وابتكار آليات فعَّالة للكشف المبكر عن نشاط الخونة في مناطق الشرعية والوصول إلى مرحلة صفرية الثغرات ، وتحديد وسائل أمنة وسريعة تتيح للمواطنين الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة وبمعلومات كافية ودقيقة تتيح للجهات الرسمية التعامل مع أي مصدر تهديد في وقت مبكر ، وكلنا ثقة أن هناك من يحمل هذا الهم وأن التعاون والتكامل بين المواطن والدولة هو السبيل الوحيد لتجنيبنا المزيد من الأوجاع ففينا منها الكثير.

دمتم سالمين..

مقالات الكاتب