وصمة هادي والتعديلات الاخيرة

في حال صح أن التعديل الحكومي تم من دون التشاور مع رئيس الحكومة، فإن على الوزراء الذين اختارهم الرئيس "الشرعي" هادي، التريث قبل المسارعة إلى أداء القسم، إن لم يكن من أجل "الشرعية" فمن أجل سمعتهم إذ ما من "وصمة" قد تلصق بيمني أفظع من أن يوصم بأنه من رجال هادي.

حكومة بحاح تشكلت بالتوافق بعد اجتياح الحوثيين العاصمة. هي بالتالي من مخرجات اتفاق السلم والشراكة الذي صار مرفوضا من قبل الكثير من الأطراف التي رفضت لاحقا انقلاب الحوثيين واعلانهم الدستوري. لكن الرئيس هادي نفسه، بمعيار المدة التي انتخب على أساسها (عامان فقط) وبمعيار المهام التي انتخب من أجلها، وبمعيار سلوكه في الرئاسة منذ انتخابه في فبراير 2012، وبخاصة بعد فبراير 2014، غير شرعي بالمرة.

*** ما يحدث في اليمن هو حرب باسم الشرعية! والشرعية ليست مجسمة بهادي فحسب. وإنما بمرجعيات المرحلة الانتقالية، وبالتوافق بين أطراف العملية السياسية. *** الشعب اليمني عالق في اللحظة الراهنة. هناك "شرعجيون" يقودهم هادي، و"ثورجيون" بالتشارك مع صالح (الرئيس السابق).

هناك حكومة شراكة برئاسة خالد بحاح، الذي صار بعد العاصفة نائب رئيس. ماذا يفعل الرئيس هادي ب"الشرعية" المفترى عليها؟ يتابع التمثيل بها بدلا من تمثيلها بالخطاب والسلوك. يجري تعديلا حكوميا دون التشاور مع رئيس هذه الحكومة! لكنها ليست حكومة هادي ليتصرف فيها على هواه وطبقا لتفضيلاته التي لا تتلاقى غالبا مع توقعات الناس. *** هادي هو العدو الأول مكرر، بعد تحالف الحوثيين وصالح، ل"الشرعية" في اليمن.

وها هو يغرس اسفينا آخر في خاصرة الشرعية باتخاذ قرارات أحادية كان يمكن تمريرها بهدوء بالحكمة والصبر والاستئناس بقادة الأحزاب المواليه ل"الشرعية".

*** هناك انقسام جلي في معسكر الشرعية المكتظ بالصغائريين الذين يتسابقون على المناصب بينما شعبهم يكتوي بنيران حرب ما كانت لتندلع لو أنهم لم يتصدروا المشهد السياسي في اليمن. *** هناك تعديل حكومي جرى رغما عن رئيس هذه الحكومة. وهذا يبرهن على وجاهة وصف "الشرعية" ب"الشرعجية"! *** الشرعية في اليمن هي "شرعية توافقية".

هناك اشكال في ما يخص هيئات هذه "الشرعية"، رئيسا وحكومة وبرلمانا. والسجال حول التعديل الحكومي، كما هو واضح، هو توكيد جديد على ضحالة الرجال الذين يتصرون المشهد "الشرعي" وعن فضائحية الأولويات التي تتصدر جداولهم في لحظة الشؤم هذه التي تغمر بنعمها اليمن!

لو أن لدى الشرعية حسا وطنيا لكان السجال بين اقطابها هو على التصورات والبرامج والمشاريع الاستنهاضية والانقاذية للدولة والمجتمع.

لكن السباق يستعر بين رجال الشرعية على مناصب في سلطة لم تتمكن حتى الآن من استعادة قسم شرطة في عدن. الأكيد ان بعض من اختارهم الرئيس هادي جدير بأرفع المناصب. لكن اليمن يحتاج من "أبطال" الشرعية ابداع رؤية متكاملة لما بعد الحرب، قبل أي توزير أو تزوير.

مقالات الكاتب