الأمن الغائب يعلم الفوضى

منذ انتصارنا وتحررنا من المليشيات الانقلابية وطيلة الفترة التي تلت الحرب المشؤومة والعبثية على عدن، لم تسطيع الجهات المسؤولة بسط (الأمن) والحفاظ على السكينة العامة للمدينة وتثبيت رواسي الاستقرار الذي يتمناه كل مواطن ليعيش حياة آمنة من غير خوف يلاحقه أو قلق ينتابه ليلاً ونهاراً، فالانفلات الأمني الذي تشهده عدن أصاب الجميع بخيبة أمل كبيرة ببناء المدنية التي نصبوا لترسيخها في مجتمعاتنا فلا يمكن إصلاح أي أمر بعدم وجود أمن قوي يتيح الفرصة للجميع ويصاحب دور كل واحد في مجالات الحياة والبناء المنشود أكان إنساناً أو أرضاً، (فالأمن أولاً) وأي شيء آخر يأتي بعد ذلك.

 

فقد ساعد الغياب التام للأجهزة الأمنية التابعة للدولة وسهل بشكل كبير لظهور الجماعات المسلحة المتشددة وانتشارها،، فمن خلال ذلك استطاعوا فعل ما يريدون وتنفيذ مؤامراتهم التخريبية دون وازع، ولعدم وجود الرادع لهذه الجماعات تمكنوا من التحرك والتواصل لتحقيق أهدافهم وغاياتهم بسهولة ويسر دون الاكتراث لهيبة الدولة واستقرار أمنها،، فلولا وجود رجال المقاومة الذين ساهموا وبشكل كبير على الحد والتقليل من التوسع لهذه الجماعات المتشددة لرأيناهم يصولون ويجولون في كل مكان، وتوسعت الاغتيالات بالدراجات النارية وذلك بسبب سهولة الحركة بها وإمكانية دخولها للأماكن الضيقة والشوارع المزدحمة وسرعة الهروب والاختفاء لصغر حجمها، وكذلك أصبح حمل السلاح لكل من هب ودب، فنرى الكثير من القتل الخاطئ والراجع المميت.

 

فما نأمله الجهات المختصة منع قيادة الدراجات النارية حتى يتم ترتيب العملية بطريقة مناسبة ولا يتم امتلاك أي دراجة نارية إلا بأخذ رخصة قيادة وأوراق ثبوتيه لمالكها واعطاءه لوحة رقمية خاصة لكل دراجة يتم التعرف على مالكها من خلالها، كما أنه يجب على الدولة كذلك إعادة الدور الأمني وتفعيل مراكز الشرطة في جميع المديريات بأسرع وقت ممكن للقضاء على الجماعات المسلحة المتشددة وزجرهم دون هوادة، وادراج المقاومة الشعبية ضمن أجهزة الدولة المختلفة (الأمنية والعسكرية والمدنية) واستيعابهم بشكل رسمي، ليكون حمل السلاح فقط للمعنين بالأمر ومنع امتلاكه من قبل عامة الناس والقضاء على تفشي حمل السلاح بشكل عشوائي.

وعلى نفس قافية المثل المعروف (المال السائب يعلم السرقة) نستلهم منه مثل آخر يوضح ما وصلنا إليه وهو (الأمن الغائب يعلم الفوضى).

مقالات الكاتب