الحوثيون واليمن ثلاثة أيام لرفع العتب

تدحرجت كرة اللهب ..! عساها من تلتهم في النهاية ..؟

 

بدأ عام 2014 بشرر من نار على اليمن ، وقواه السياسية ، والاجتماعية كافة ، لتتطاير هذه النار في سماء اليمن ، وتحرق أرضها ، لتزلزل كل ما هو حيّ ، ظهرت صبغته في الحوارات الناضجة ، والأحلام المفعمة ، في أن يخرج الوطن من مأزقه السياسي .
إذ وصلنا بداية 2015 ليعم الحريق كل القلوب ، ويُنتزع السلم من بيننا ، ليحل بدلاً عنه الإفك ،والدمار ، والخراب .

 

فكان صاحب هذا الفعل المشين مُتفاجئاً ، إذ نُزع عنه الغطاء باستقالة رئيس الجمهورية وحكومته ، وهو مالم يرجوه ، ولم ينتظره ، أما وقد حدث فقط أصبح الثائر المدمر في حيرة من أمره ، والكيفية التي يمكن له بها الإفصاح عن عنوانه ، وخلفياته .

 

فإما أن يظل ثائراً مدعيّاً فحينها لا يستطيع تحقيق أجنداته المستترة باسم الوطن ، وإما أن يُفصح عن نفسه ، ويكشف هويته الحقيقية غير الوطنية بإرتهانه للخارج ، ومحاولة بسط النفوذ على البلد ليضع اليمن في علاقته الإقليمية والدولية في مهب الريح خاصة أنه يستهدف تجيير موقع اليمن للضغط على الدول التي هي في حالة تفاوض مع إيران من أجل خلق موازنات تُمكن الملف الإيراني من تحقيق كثير من المكاسب .

 

ومادام أن الأحداث قد فرضت نفسها على الشعب اليمني وفق مالا يريد الحوثي ، الذي كان يتمنى استمرار سلطة الرئيس عبدربه وحكومته حتى يستطيع النفاذ من خلالها إلى كل ما يطمح إليه .

 

تسارعت الأحداث ، وحدث الفراغ الدستوري ، والسياسي ، وكُشف الغطاء عن قوة مهيمنة في مقابل قوى ومكونات ليس لها من الأمر شيء إلا التفرج ، وأخذ ما يُرمى إليها من فُتات السياسة.

 

 إذ دخلت القوى المتصارعة بُغية الخروج برؤية يُعالج بها الوضع القائم ، ولكن المؤسف أن القوى المتفاوضة مع الحوثي لا تملك ما تقدم ،ولا ما تضغط به عليه ، خاصة انها قد نأت نفسها عن الصراع بشكل مباشر منذ انتهاء مؤتمر الحوار الوطني وحتى الآن .

 

والملاحظ أننا قد وصلنا إلى لحظة الإملاءات ، وليس التفاوض ، فما يستند إليه الحوثي من غلبة وقوة تمكنه من فرض شروطه ، ولا تمكنه من قيادة البلد ، لذلك يبحث عن الوسيلة التي يسيطر بها على السلطة ، والثروة ، بعيداً عن تحمله المسؤولية .

 

 فأعطى مؤتمر الحوثي القوى السياسية ثلاثة أيام للخروج ببرنامج يحقق به أجندته في إضفاء الشرعية على انقلابه ، وتمكين أدواته بالتحالف مع صالح من حكم البلد بغطاء القوى ، والمكونات السياسية التي إن اشتركت معه في هذا الأمر مكنته مما يريد في إقصاء البلد ، والمجتمع عن الولوج إلى حل حقيقي .

 

وهو يعرف أن ثلاثة أيام لا تمكن القوى السياسية المرتعشة من الوصول إلى حل أو رؤية واضحة ، لاسيما أن القوة تُعد الموجه الحقيقي للمفاوضات .

 

والمؤلم أن القوى السياسية تُدرك ذلك ، وتعرف أنها لن تصل إلى نقطة توافق ، وإن حدث فإنه سيكون على حساب مصير الوطن والديموقراطية .

أما الموفد الأممي الذي يحرص أن يظهر بطل الموقف ، في هذه اللحظة لن تًتاح له الفرصة من أجل تحقيق ذلك .

ومع هذا الجميع يُصر على الظهور في هذا الحدث بمظهر الحريص ، ومن يمتلك مفتاح الحل .

والحقيقة أن مفتاح جميع الحلول بيد من انقلب على شرعية الحوار والتوافق ، إذ يستطيع إن امتلك الجرأة الانسحاب من كافة مؤسسات الدولة ، والعاصمة ، وجميع المحافظات ، وإعادة كلما نهبه من ممتلكات الدولة ، وأدواتها ، والاعتذار للشعب اليمني عما صنع ؛ لتُسوى أرضية الملعب السياسي من جديد ، وحينها يستطيع الجميع الدخول في نقاش وطني على قاعدة المساواة ، والندية بخلفية وطنية ، و رؤية تنبثق من أحلام اليمنيين إلى المستقبل الأفضل والاستقرار عبر إعادة الثقة فيما بين الأطراف المتصارعة من جهة ، وما بين اليمن والقوى الإقليمية والدولية من جهة أخرى . كي نستطيع جميعاً التغلب على المعضلات السياسية ، والاقتصادية ، والأمنية بهدف إعادة لليمن أحقيته في السلم والاستقرار ، والاسهام في الرقي بمكتسبات الوطن والأمة .

 

وهذا يستدعي أن لا يتمترس الحوثي خلف ما يعتنقه من أفكار ،سياسة الهيمنة ، والغلبة ، بإعطاء مهل وشروط غير واقعية بغرض رفع العتب عن ما يريد الوصول إليه من التفرد في تقرير مصير البلد .

 

وعليه أن يدرك أن هذا الامر هو الأخطر لما سيفرزه من نتائج كارثية على الوطن والمواطن أشدها خطورة تمزق البلد ، والدخول في حرب أهلية ، واشتداد الصراع بين أصحاب النفوذ والقوة ، ما يؤدي إلى عدم استقرار البلد والمجتمع ، وانعكاسات ذلك سلبياً على النسيج الاجتماعي ، وحصار اليمن سياسياً واقتصادياً ، ما سيفرض مباشرة العزلة على الوطن من قبل العالم .

 

وهنا نؤكد أن الحل السياسي لا يمكن أن يأتي عبر الضغوط والقوة ، وإنما لابد على الجميع الإدراك أن مصلحة الوطن العليا تكمن في الجلوس إلى الحوار والتفاوض من دون مرجعيات غير وطنية ، خصوصاً أولئك اللذين مكنتهم الظروف غير السوية من السيطرة على أدوات الدولة المختلفة ، كي تطرح الرؤى المختلفة لحل قضيتنا في هذا الوطن بمرجعية واحدة هي (العيش المشترك ، الوطن للجميع ، المستقبل الأفضل لليمن ) ، من دون ذلك لا يمكن أن يحدث أي تقدم .

 

ـ عضو الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني .

 

مقالات الكاتب