السجون الحوثية.. شاهد على فشل مشروع الجماعة

تمثل الحرية أهم الحقوق التي حصل عليها اليمنيون بعد ثورة 26 سبتمبر، وقبل هذا التاريخ كانوا مجرّدين منها في ظل نظام إمامي كهنوتي يعتقد في قرارة نفسه أن الشعب لا يملك الحرية في حياته وقراراته، وكانت سجون الإمامة، المنتشرة في القلاع المحصنة تعُجّ بالأحرار، ويكفي أن لا يرضى الإمام أو أحد عماله عن أحدهم ليقضي عشرات السنين مغيباً في سجون الإمامة، وهذا المشهد بسوداويته يتكرر اليوم على يد جماعة الحوثي الإرهابية التي تمارس نفس السلوك وبنفس الطريقة الإمامية المقيتة.

إن أهم منجزين حققتهما هذه الجماعة المارقة خلال فترة انقلابها المشؤوم تمثلا في انتشار المقابر وتوسع السجون، وهو ما يعني المزيد من نشر الموت والظلم بحق اليمنيين، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم ولا يمكن التصالح معها أو تبريرها، وتمثل وصمة عار في جبين هذه الجماعة، التي تصرّ على أن تُظهِر لنا قبح وجهها الحقيقي، وسعيها الدؤوب إلى استعادة النموذج الإمامي الذي أسقطه اليمنيون في 26 سبتمبر.

ممارسات الحوثيين في اختطاف اليمنيين وتغييبهم في سجونها تعيد التذكير بأن جوهر المعركة بين اليمنيين والجماعة الحوثية لا ينحصر في السلطة أو السياسة، بل هو صراع وجودي حول الكرامة الإنسانية، والتمسك بقيمة الحرية التي افتقدها الشعب اليمني تحت حكم الإمامة القديمة، وعاد ليستردّوها في 26 سبتمبر، وهي مرادف للكرامة، فعندما تُقيد الحرية في السجون، تُهدر الكرامة معها عبر ممارسات التعذيب والتضييق والتعذيب النفسي والجسدي، الرامي لكسر الكرامة الإنسانية، وهو جوهر منهج الإمامة القديمة والحديثة، لكن في المقابل، يمثل هذا سبباً رئيسياً لإصرار اليمنيين على رفض هذا النموذج الذي لا يرى في الإنسان إلا خادماً أو تابعاً.

الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها اليوم وكل يوم مذ حلّت هذه الجماعة الفوضوية في حياة اليمنيين هي أن كل حملة اختطافات ينفذها الحوثيون هي دليل جديد على فشل الجماعة في كسب أي تأييد شعبي حقيقي، إذ لو كان مشروعهم يحمل أي صلاح أو عدالة لما احتاجوا إلى هذا الكم الهائل من القمع والترهيب وتجريد الناس من حريتهم وكرامتهم، ومنهج الخطف والتغييب هو اعتراف صريح بأن مشروعهم يقوم على الإكراه وليس القناعة، ولا يمكن لمشروع كهذا أن يقدم للوطن والمواطن إلا شرًا محضًا وبلاءً مستطيرًا.

لقد غاب عن بال هذه الجماعة أن السجون رغم قسوتها لن تستطيع إطفاء جذوة الحرية والكرامة في قلوب اليمنيين، والتاريخ يشهد أن الزنازين تلهب روح المقاومة وتلد الأبطال، ومن ذاق مرارة الأسر وعذابات القيد فإنه يخرج أشد صلابة وأكثر شدة وحنكة، وتلك إحدى سنن الحياة ليس في اليمن فقط، ولكن في كل أرض عاث فيها ظالم وانتفش مجرم، فالعزيمة تُروى بالمعاناة، والكرامة تُصان بالتحدي.

دمتم سالمين..

مقالات الكاتب