سنا سبتمبر
لمراحل النضال اليمنية، رجال سطروا أحداثاً سجلّها التاريخ في أنصع صفحاته، ونحن اليوم نعيش ذكرى حدث وطني عظيم، شكّل وما زال أيقونة النبض التحرري لليمنيين من عهود الإمامة الظلامية والاستعمار ومخلفاتهما، والتي ماجت إرادة الشعب وغضبه من تحت أقدام الطغاة، لتنطلق ثورة، وتمتد عروقها يوماً بعد آخر، وتتجذر فكرة سامية، يؤمن بها كل فئات الشعب، وعقيدة وطنية راسخة، لا يمكن لأحد أن ينال منها، مهما امتلك من قوة وجبروت، ووسائل قهر وتسلط.
كل ذلك مهّد لانطلاق ثورة عظيمة، تعلي من قيمة الإنسان وتحرره، وتكسر قيود العبودية والتمييز الطبقي السلالي البغيض، وتنهي عزلة فرضتها أنظمة الحكم المستبدة والبائدة آنذاك، وتطوي وإلى الأبد عصوراً اتسمت بالظلام والجهل والجوع المرض.
لتكون محطة تحول كبيرة لليمنيين بانعتاقهم من أغلال الإمامة، ونير الاستعمار، والانطلاق نحو الحياة الكريمة، والمواطنة المتساوية والحق في الثروة والحكم والعيش بكرامة،وهو الهدف السامي، الذي ناضل من أجله الأحرار، بكل فئاتهم، ليشعلوها ثورة في الـ "26 من سبتمبر"من العام 1962، لينهوا عهد الفرد والأسرة والسلالة، ولتكون مفتتحاً لطرد المحتل الغاصب والتخلص من كل مخططاته، التي حاول زرعها كمخالب متحكمة تعود له بالنفع على حساب حرية الشعب واستقلاله وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية.
ثورة يمنية خالصة، فجرّها أحرار لتبقى بأهدافها ضوءاً يهتدي بها اليمنيون، ومنطلقاً لحاضرهم ومستقبلهم، وعمدوها بأنهار من الدماء الزكية والتضحيات الكبيرة، حتى غدت ثورة عمّ خيرها كل أرجاء الوطن.
واليوم ونحن نعيش الذكرى الـ59 لهذه الثورة الخالدة، يستلهم أجيال الحاضر من أحداثها الدروس والعبر، وهم يخوضون معركة مصيرية، لا تقل عن تلك التي خاضها أجدادنا وآباؤنا، من حاملي مشعل "سبتمبر الوضاء" ضد الإمامة الأولى، التي تحاول في نسخة جديدة العودة باليمن أرضا وإنساناً إلى عهود غابرة ظلامية، عبر سياسة التمزيق والتقسيم والتفرقة، وزرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد.
وعلى عهد سبتمبر المجيد، شق شعبنا اليمني طريقه نحو الخلاص، ليطلق أول رصاصة في نعش الاستعمار، من قمم جبال ردفان الشماء، في الـ "14 من أكتوبر" 1963، واستمرت حتى طرد آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن، في الـ "30 من نوفمبر"من العام 1967، ليتجدد العهد والوعد اليوم باجتثاث الإمامة الجديدة وإنهاء انقلابها المشؤوم، المدعوم من نظام إيران الإرهابي، الذي لا يريد لوطننا والمنطقة الأمن والاستقرار.
وفي ظل ذكرى هذه الثورة السبتمبرية، يواصل أبطال القوات المسلحة المسنودين برجال القبائل والمقاومة الباسلة، خوض معركة الخلاص بهمة واقتدار، ضد قوى البغي والإجرام والإرهاب الحوثية، ويحققون أروع الانتصارات بإسناد من تحالف دعم الشرعية بقيادة الأشقاء في المملكة العربية السعودية، كما يرسمون صورة للنصر زاهية، نحو يمن اتحادي جديد، محروس بالمؤسسات الضامنة للحياة الكريمة والعيش بسلام ووئام.