أخلاق المحاربين !!

في حرب صيف ٩٤م هُزمنا عسكريًا وسياسيًا ، ورغم قسوة الهزيمة وفداحة الكارثة ، فلم نستسلم ، ولم نمت ، وإنما نهضنا ثانية ،وتمكنَّا من مقاومة نظام عائلي ، قبلي ، جهوي ، بوليسي ، وهو في عِز قوته ، ونشوة انتصاره المزعوم في ٧ يوليو .

اتدرون ما سر نهضتنا بعد السقوط ؟ وما سبب نجاحنا في إنهاك تلك القوة الغاشمة ؟؟ إنَّها " أخلاقنا " التي بقت شامخة بكبرياء ، فلولا الأخلاق لما قُمنا ، ولما ثُرنا ، ولما كسبنا تعاطف وتقدير كافة القوى الوطنية والإنسانية ..

الآن - وللأسف - البعض يُجُرّنا رغبة وكرهًا إلى معارك خاسرة بكل المعايير الأخلاقية والسياسية والعسكرية ، فمنذ تحرير محافظات الجنوب قبل خمسة أعوام ، ونحن في خضم معارك ثانوية اخذتنا بعيدًا عن جوهر المعركة الأصل التي هي مع ميليشيات آتية من كهوف الثأر والانتقام ..

وما يحسب لهذه المعارك البينية أنها استنزفت الكثير من الرجال والدم والوقت والمال والأخلاق ، وحتى التعاطف والأفكار والأصدقاء .

وحين تسقط الأخلاق في وهاد الانحطاط القيمي والسلوكي والذهني والوجداني ، فلا معنى لأي انتصار تحرزه في أي مضمار حياتي أو سياسي أو عسكري ، ما لم يصبغ بروح الانتصار للقيم والمبادئ والأخلاق .

نعم ، فمن هزم صالح واسقط نظامه ، هو تفريطه بأخلاق المنتصرين . كما وسَيُهُزم الحوثيين أو سواهم ممن يظنون أن الانتصار في الحروب لا يستوجب غير سيطرة وترسانة وجُند .

فما من مواجهة كفاح مشرفة يمكن تحقيقها بمعزل عن أخلاق القوم ، وصدق أمير الشعراء ، أحمد شوقي حين قال :
وإذا أُصيب القومُ في أَخلاقهم .. فأَقم عليهم مأتمًا وعويلًا ..

مقالات الكاتب