عبدالله باذيب قبل 64 عاما: الحشوش فن وفلسفة وسياسة

عبدالله عبدالرزاق باذيب، رحمه الله، ظاهرة استثنائية قل أن تجد له مثيلا، وتجد شواهد ذلك هنا وهناك، فقد صدر أول كتبه وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وأصدر مع زملائه في سن الدراسة مجلة "المستقبل الشهرية".

يعتبر عبد الله باذيب من مؤسسي الاتحاد الشعبي الديمقراطي، والذي اندمج مع التنظيم السياسي "الجبهة القومية" ثم الحزب الاشتراكي اليمني (YSP)، والذي تكون من الفصائل الثلاث:

الجبهة القومية + الاتحاد الشعبي الديمقراطي + حزب الطليعة الشعبي (فتاح + باذيب + أنيس).

فجع الوطن بوفاته في عدن يوم الإثنين 16 أغسطس 1973م، وكانت شريكة حياته السيدة الفاضلة مرام زوقري التي أنجبت من الفرسان الثلاثة: أوسان، واعد ووضاح.

نشرت صحيفة "البعث" وصاحبها محمد سالم علي الشخصية الوطنية والاجتماعية والصحفية البارزة الموضوع الموسوم "الحشوش فن وفلسفة وسياسة" بتاريخ 1 يناير 1955م، ورد في مطلعه: "لن أحمل العصا وأعتلي المنبر وأعظكم بالا تحشوا..

حشوا حشوا علي وعلى أنفسكم وعلى كل ما تكرهونه وتمجه أذواقكم وتغذى به عيونكم".

يمضي باذيب في دعوته: "فليس الحشوش شراً أو رذيلة أو رجساً من عمل الشيطان والنفس الأمارة بالسوء؛ ولكنه لفظة مرادفة للسخرية: السخرية بالأوضاع الفاسدة القائمة، وبالأناس الذين صنعوا بجهلهم واستبدادهم وشذوذهم تلك الأوضاع".

الحشوش أو السخرية كما يراها باذيب بأنها: "الرئة الثالثة التي يصطنعها الناس لأنفسهم في مجالسهم الخاصة في مقايلهم ومجتمعاتهم؛ ليتنفسوا من خلالها الهواء الحر النقي، وينتقد بواسطتها كل ما هو محرم عليهم وهم في منجى من قوانين البطش وسياط الجلادين".

الحشوش كما يراه باذيب "هو فننا الكاريكاتوري الذي لم تحمله صحفنا بعد، والحشوش ضحكة ثائرة تطلقها الشعوب المعذبة في وجه كل من تكره".

"الحشوش ضحكة تطلقها الجماهير وهي تبكي في أعماق سريرتها، وهنا يجب أن أقف لأقول لك: أي حشوش أعني؟ وأي حشوش نريد؟ الحشوش الذي أعنيه هو الحشوش السياسي، وعندنا منه الكثير الكثير، والحشوش الذي نريده هو الحشوش البناء والخلاق، الحشوش الذي يبني رأياً ووجهة نظر، ويخلق وعيا ويعلم الشعب فن السخط وما أعظمة من فن".

"وبعد.. أفلا تستحق هذه الكلمة (الحشوش) أن تدخل تاريخنا ولغتنا بعد أن دخلت حياتنا كلها؟ وحشوا حشوا".

يا أبا واعد إننا لا نزال أسرى التخلف والتعنت، لا نزال أسرى النهب والقتل ولو أن الله أحياك يا أبا واعد لأصبت على الفور بجلطة دماغية ولعدت مرة أخرى عاجلا لا آجلا إلى قبرك والعياذ بالله.

مقالات الكاتب