تغيير الوجوه لا يكفي للسفر إلى المستقبل!

-تجاوز عهد النظام السابق وموروث الماضي بحاجة إلى تغيير وسائل التعامل وأدوات العمل لا الأشخاص فقط؛إذ لا يكفي تغيير رأس النظام وبعض رموزه والإبقاء على أسلوبه ووسائله في العمل والتعامل اليومي مع الناس ومع الدولة،لن نستطيع تجاوز هذا العهد ونحن ما نزال غارقون في الماضي بكل تفاصيله وانقساماته وعصبياته.

 

-القيادة التي أفرزتها الثورة لتسيير شؤون البلاد يفترض بها الترفع عن خلافات وتشضيات الماضي التي أنتجت الواقع المزري الذي قامت الثورة من أجل تصحيحه،فمن غير المنطقي والمعقول أن تكون القيادة التي انيطت بها مسؤولية ومهمة الانقاذ ما تزال غير قادرة على تجاوز الماضي وبدلاً من أن تكون جزء من الحل تصبح وهي على هذا الحال جزء من المشكلة القائمة وتستمر الحكاية..إقصاء..واستبعاد.. وسيطرة واستحواذ..وإنتاج دكتاتورية استبدادية جديدة.

 

- إذا كانت العشرين النقطة المقدمة من لجنة الحوار لرئيس الجمهورية لا تصلح لمعالجة القضية الجنوبية وإعادة تطبيب الوضع قبل بدء الحوار..فلتقل لنا صنعاء ما هو مشروعها أو رؤيتها لحل قضية الجنوب؟ مع العلم أن تطبيق النظام الفيدرالي في حال تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار سيحتاج وقت طويل قد يمتد لسنوات...وفي مقابل تدهور الأوضاع الأمنية والخدمية وعدم وجود مشروع واضح وحقيقي للحكومة فإن الأوضاع قد تسوء وربما لن تنفع حلول القوة في التعامل معها وهذا لن يخدم سواء بقايا النظام وجماعات العنف التي أنتجها تطرفه وتوظيفه للقوة والإستبعاد الإجتماعي في الماضي.

 

-تحتاج المرحلة لشيء من الإلهام، والإبداع، والخيال الواسع المنتج للجديد والمفيد، فاليمن تعيش وضعاً بدائياً في كل شيء، والانتقال بها إلى المستقبل صوب الدولة المنشودة يتطلب تجاوز عملية التفكير بطرق ماضوية عصبوية وتقليدية إلى التفكير بصورة إبداعية وخيالية لا حدود لها.

 

-الخارج مع اليمن...مع بناء الدولة والأهم هو كيف تستثمر القيادة اليمنية هذا الإهتمام والدعم لمصلحة مشروع بناء الدولة لا مشروع إنتاج الماضي أو إبقاء البلاد في حالة غيبوبة (لا هيه بنائم ولا هيه بصاحي) ،إذن على القيادة اليمنية فرض مشروعها على الجميع بالإقناع وليس بالقوة وستجد الإحترام والدعم من الجميع،سيحترمها الخارج وسيسير بعدها الداخل وسيكون بمثابة حامي حمى هذا المشروع،غياب المشروع الوطني معناه العودة إلى المربع الأول أو الذهاب إلى خيارات كارثية.

 

-المشروع الوطني كما أفهمه هو المشروع الذي يتجه صوب الشعب لا النخب بدرجة رئيسية،المشروع الذي يعيد الإعتبار لوظيفة الدولة الأمنية والصحية والتعليمية وووو..في وجدان الناس قبل كل شيء،ثم نأتي على شكل الدولة الجديدة.فمن العيب أن نتحدث عن فيدرالية وشكل النظام الجديد والكهرباء تنقطع عشر ساعات أو اكثر عن عاصمة البلاد ومثلها في عدن والحديدة وحضرموت،ولا يحصل المريض على أبسط عناية في مستشفى حكومي،وتستمر عملية الغش في المدارس في ظل تعليم متردي،وترتفع أجرة المواصلات وقيمة الغذاء والعلاج بشكل جنوني في ظل أجور متدنية وفقر متزايد..لا بد من واقع جديد يشعر الناس معه بالأمن والأمان في كل شيء وبعد ذلك نبني اليمن بالشكل الذي يلبي تطلعات وطموحات الجميع بصورة إبداعية حضارية جديدة نحرص معها كل الحرص في أن لا يشعر في ظلها شعبه بالظلم ولا بالإقصاء مرة أخرى.

مقالات الكاتب