بغية القاصد من أحسن القصائد.. إضافة جديدة للأدب اليمني

المدنية/عدن/ خاص/إبراهيم حيدره

صدر حديثًا عن دار جامعة عدن للطباعة والنشر, ديوان "بغية القاصد من أحسن القصائد" للشيخ محمد بن سالم البيحاني, تحقيق ودارسة الباحث محمد أبوبكر شوبان مدرس اللغة العربية بكلية التربية جامعة عدن.


وجاء الكتاب في (478) صفحة وزعه المحقق إلى قسمين؛ القسم الأول دراسة موجزة عن حياة الإمام البيحاني وخصائص واتجاهات شعره, والقسم الآخر تحقيق علمي للديوان الذي حوى بين دفتيه (98) قصيدة.


وبعد نبذة قصيرة عن حياة البيحاني ومولده ونسبه ونشأته وثقافته, خلص المحقق أن الإمام محمد بن سالم البيحاني (1908 – 1972) استقى فكره وثقافته من ثلاث مدارس هي:
- مدرسة الشاطري ذات المنهجية الصوفية, نسبة إلى السيد عبد الله بن عمر الشاطري – تريم – حضرموت.
- مدرسة العبادي ذات الاتجاه السلفي, نسبة إلى الشيخ أحمد محمد العبادي, وهو الذي بعث البيحاني للدراسة في مصر, وهذه المدرسة مستندة إلى فكر الأفغاني ومحمد عبده المتميز بالمنهجية المتحررة – الشيخ عثمان – عدن.
- مدرسة الأزهر الشريف التي حوت بين دفتيها على مزيج متكامل جامع بين الأصالة والمعاصرة – القاهرة – مصر.


وتطرق المحقق في مبحث خاص للخصائص الفنية في شعر البيحاني, واكتفى بإبراز الشائع منها, كأستيحاء التراث والتقليد الشكلي للقصيدة القديمة في مختلف الأغراض, كغيره من شعراء الاتجاه التقليدي, كما تناول الملامح التجديدية في شعر البيحاني التي اشتملت على الشعر الوطني والقومي والاجتماعي.


ملامح التجديد في شعر الإمام البيحاني استمدها - كما يقول المحقق - من وحي الأحداث والتطورات التي شهدتها الساحة السياسية في وطنه اليمن بشطريه – آنذاك – والوطن العربي والإسلامي الذي كان مثقلًا بأعباء النظم الاستعمارية وحكم الاستبداد.


ويؤكد المحقق أن البيحاني استفاد من ثقافة الآخر خاصة بعد ذهابه إلى مصر للدراسة الاكاديمية في الأزهر الشريف أواخر الاربعينيات من القرن الماضي, التي شهدت تطورًا في نظم الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية, فأفاد من ذلك, مع الحفاظ على الشخصية العربية..
وأشار المحقق أن موقف البيحاني أتخذ طابع العودة إلى العربية؛ حفاظًا على هذه الشخصية وتحصينًا لها.


وقال أنه عند ملاحظته لقصائد البيحاني, وجد كلماتها تتوزع على ثلاثة مجموعات وهي: المعجم التراثي, الذي يتكون من الكلمات التي أخذت البعد التراثي القديم, ثم المعجم الحديث, وهي الالفاظ التي تأثر بها الشاعر من بيئته وحياته اليومية ومن وسائل الإعلام, كأسماء العملات وأدوات الحرب والمصطلحات السياسية, إلى جانب الفاظ آخرى..ثم المعجم الديني, ووجد المحقق الكثير من الالفاظ التي انسابت في قصائد البيحاني من منابع التراث الديني الاسلامي الصرف, كتلك التي تدعو إلى الخير وتحذر من الشر, وبعض الكلمات التي تدل على منهج البيحاني ووسائل مشروعه الإصلاحي في المجتمع.


ولفت المحقق في مقدمة دراسته أن الكثير من نتاج البيحاني ظل مغمورًا حتى وقتنا الحاضر, خصوصًا وأن البيحاني أحد أعلام الفكر والأدب في اليمن.


وقال: "إن رجال السياسة والفكر والثقافة والإعلام لم ينصفوا هذه الشخصية التي اندثر بعض تراثها العلمي والثقافي دون أن يُعلم عن مصيره حتى الآن وسيظل حلقة مفقودة في الثقافة والفكر اليمني".


يذكر أن دراسة وتحقيق ديوان البيحاني هي رسالة نال بها الباحث درجة الماجستير بامتياز من كلية التربية بجامعة عدن في العام 2008م وأوصت لجنة الإشراف بطباعتها.


وتحقيق الديوان وخروجه إلى النور وتوزيعه على المكتبات بعد أكثر من خمس سنوات من الانتظار وإجراءات الطباعة؛ يعدُ وفاءً وعرفانا من الباحث محمد أبوبكر شوبان, للإمام العلامة محمد بن سالم البيحاني, ليس في مجال الأدب فقط ولكن في كل المجالات الفكرية والسياسية والدعوية والاجتماعية التي خاضها البيحاني, كما أنه خدمة وإضافة جديدة للأدب اليمني.