ضغوط على زعماء القبائل ومخصصات مالية للتعبئة في ريف صنعاء

“أسبوع الشهيد” الحوثي.. غطاء الجماعة لحملة تجنيد واسعة

المدنية أونلاين/صحف:

بدأت الجماعة الحوثية، خلال الأيام الماضية، تنفيذ عملية تجنيد واسعة في محافظة صنعاء (ريف العاصمة)، مستغلة احتفالاتها بالذكرى السنوية لما تسميه «أسبوع الشهيد» و«يوم الشهيد» الموافق للرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الذي اتخذته غطاء لحملة تجنيد واسعة، حسب مصادر محلية.

ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن المصادر ذاتها بإن قيادات حوثية عقدت، أواخر الأسبوع الماضي، لقاءات منفصلة مع شيوخ وزعماء القبائل في عدة قرى تتبع مديريات جحانة، وهمدان، ومناخة، وصعفان، وبني مطر، وبلاد الروس، وسنحان، وبني حشيش، وغيرها، في محيط العاصمة صنعاء، وألزمتهم بسرعة تجنيد مقاتلين جُدد، وذلك بأوامر وتعليمات من زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي.

وإلى جانب ذلك، ذكرت المصادر أن مشرفين وقادة حوثيين زاروا، خلال اليومين الماضيين، عدداً من القرى المستهدفة بعمليات التجنيد، مصحوبين بعدد كبير من المرافقين المسلحين على متن عربات عسكرية، وطلبوا من زعماء القبائل والأهالي تسليم قوائم جديدة تضم أسماء شباب القرى، لإلحاقهم بدورات ثقافية وعسكرية، تمهيداً لإرسالهم إلى ميادين القتال.

ورصدت الجماعة جزءاً من المبالغ المُخصصة للإنفاق على إقامة فعاليات ما يُسمى «أسبوع الشهيد»، إلى مشرفيها وقادتها الميدانيين وبعض شيوخ القبائل لإنجاح حملة التجنيد، فيما تواصل استخدام أساليب ضغط مُتعددة على عدد من وجهاء القبائل الذين تأخروا في الاستجابة لطلباتها والتعاون معها بتجنيد المقاتلين، مثل الحرمان من بعض الامتيازات، واعتقالهم أو اختطاف أقاربهم رهائن.

تهريب الأبناء

دفعت تلك الممارسات والضغوط عديداً من العائلات في مديريات ومناطق بني مطر وصعفان وبلاد الروس وهمدان في صنعاء، إلى تهريب أبنائها لمناطق أخرى أكثر أماناً، وفقاً لما تحدث به أحد شيوخ القبائل لـ«الشرق الأوسط».

وأشار الشيخ إلى أن «الجماعة لم تترك لعائلات الشبان أي خيار، إذ تُلزمها بإلحاق أبنائها بالقوة في صفوفها، ومن يرفض يتهمونه بالعمالة». وكشف الشيخ القبلي الذي تحفظ على هويته لدواعِ أمنية، عن تسليم بعض الأسر أبناءها إلى الجماعة، بدافع الخوف من العقاب.

وقال إن «عشرات من أبناء هذه القرى الذين جرى إلحاقهم في فترات سابقة بدورات تعبوية وعسكرية، لم يعودوا إلى قراهم وذويهم». وأضاف أن بعضهم أُرسل إلى جبهات القتال في مأرب وتعز والضالع والساحل الغربي، ولا يُعرف مصيرهم.

وألقى عبد الملك الحوثي خطاباً بمناسبة «يوم الشهيد» الخاص بجماعته، زعم فيه أن هناك معركة قادمة تقتضي مواصلة جميع الأنشطة في أوساط القبائل، والاستعداد والجهوزية التامَّيْن والوفاء للقتلى على كلِّ المستويات.

استغلال الحاجة

وعبّر سكان في ريف صنعاء عن قلقهم البالغ من عودة الجماعة الحوثية مُجدداً إلى تكثيف تحركاتها ونزولها الميداني إلى مناطقهم، لمطالبتهم بإلحاق أبنائهم قسراً بجبهات القتال، مبدين خشيتهم من «المصير المجهول» الذي ينتظر من يجري إلحاقهم بالقوة في الجبهات.

ويقول محمد، وهو مواطن من سنحان، إن مندوبين حوثيين جابوا منذ يومين عدة قرى تتبع مناطق وادي جبيب، والفروات، وعناقة، وقاح الحباب بالمديرية، وعقدوا لقاءات منفصلة مع زعماء القبائل والأهالي، بغية إقناعهم بشتى الطُرق بتجنيد مقاتلين جُدد.

وبينما حذّرت مصادر محلية أهالي المناطق المستهدفة من مغبة الرضوخ لمطالب الجماعة التي قد تنتهي باستقطاب أبنائهم وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، وتحويلهم إلى وقود لعملياتها العسكرية؛ يشير محمد إلى أن تلك التحركات الحوثية قُوبلت برفض وتجاهل كبيرَيْن في أوساط الأهالي.

ووثقت تقارير حقوقية محلية وأخرى دولية حالات تجنيد قسري لأطفال تقل أعمارهم عن 14 عاماً، محذّرة من تنامي هذا الاستهداف والاستغلال في ظل التدهور غير المسبوق للأوضاع المعيشية والاقتصادية وغياب التعليم وفرص العمل، ما يجعل الآلاف من الشباب والأطفال هدفاً سهلاً لهذه الحملات.

ويؤكد مراقبون أن استمرار الصراع واستغلال الجماعة الحوثية للفقر والجهل يعمّق مأساة المجتمعات الريفية، ويخلق جيلاً جديداً من المقاتلين الذين فقدوا التعليم والأمان، في وقت تتراجع فيه آمال السلام يوماً بعد آخر.