
صادرت مساحات شاسعة بعمران.. اتساع حملات الحوثيين للاستيلاء على الأراضي
وسّعت ميليشيا الحوثي حملاتها لمصادرة الأراضي وتجريف ما تبقى من ممتلكات السكان في محافظة عمران شمال صنعاء، ضمن عمليات استيلاء ونهب منظم تنفذها الجماعة بذريعة أن تلك الأراضي «مملوكة للدولة» أو «مخصصة لمشروعات سكنية».
ووفق مصادر محلية، تركزت العمليات الأخيرة في ضواحي مدينة عمران وعدد من مديرياتها؛ حيث استولى قادة حوثيون نافذون على مساحات زراعية شاسعة تعود للسكان، في إطار ما وصفه الأهالي بـ«مسلسل النهب الممنهج» الذي يستهدف ما تبقى من ممتلكاتهم الخاصة تحت ذرائع متعددة.
ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن المصادر، قولها، إن الجماعة نفذت قبل أيام حملة مداهمة في منطقة الملحّة التابعة لمديرية جبل عيال يزيد، اعتقلت خلالها نحو ثمانية من السكان، بعد رفضهم توقيع تعهدات تمنعهم من الاعتراض على قرارات المصادرة.
وبحسب المصادر، فإن الحملة نُفذت بناءً على أوامر من القيادي الحوثي المكنّى بـ«أبو ماجد الجيش»، الذي ينتحل صفة نائب مدير أمن المديرية، ويُعد من أبرز المنفذين الميدانيين لحملات المصادرة.
وأطلق السكان المتضررون نداءات استغاثة إلى المنظمات الحقوقية والجهات المعنية لوقف ما وصفوه بـ«المخطط الحوثي المستمر لنهب أراضيهم»، مؤكدين أن الجماعة تستهدف مصدر رزقهم الوحيد، وأنهم متمسكون بحقهم في أراضيهم التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم.
وقال عدد من الأهالي لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين نفذوا نزولاً ميدانياً إلى منطقة الحلة في المديرية ذاتها؛ حيث جرى حصر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وإجبار بعض المزارعين على توقيع تعهدات تتيح للجماعة مصادرتها. وقد قوبلت تلك الإجراءات برفض واسع واستنكار شعبي.
وتزامنت تلك الحملة مع عمليات مماثلة في ضواحي مدينة عمران، استولت خلالها الجماعة على أراضٍ ومزارع واسعة مملوكة للأهالي، ضمن توجهها المتصاعد للهيمنة على الأراضي في المحافظة التي تُعد معقلاً رئيسياً للجماعة منذ انقلابها على الدولة.
أكبر حملة مصادرة
ووفقاً لمصادر محلية، تشن الجماعة، منذ أواخر مارس (آذار) الماضي، أوسع حملة استيلاء على الأراضي والممتلكات الخاصة في عمران، شملت مديريات ريدة، وحوث، وسفيان، وجبل يزيد، وخمر، بحجة «التخطيط لإنشاء مدن سكنية».
وأكدت المصادر أن الجماعة استولت، منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، على نحو ألف لبنة (وحدة قياس محلية تعادل 44 متراً مربعاً لكل لبنة)، في محيط مدينة عمران، مشيرة إلى أن عمليات النهب تجري تحت إشراف مباشر من قيادات أمنية وعسكرية حوثية، بعضها يتبع ما يسمى «جهاز الأمن الوقائي» التابع للجماعة.
وتحدثت المصادر عن انتشار العربات العسكرية الحوثية في مناطق مختلفة من المحافظة؛ حيث تعمل على تطويق الأراضي الزراعية وإغلاق المداخل المؤدية إليها، في الوقت الذي تُمنع فيه أي محاولات للاعتراض من قِبل الملاك الأصليين.
ويبرر الانقلابيون هذه الإجراءات بأنها عمليات تنظيم عمراني تهدف إلى إنشاء «مدن جديدة»، في حين يؤكد السكان أن المستفيدين من تلك المشاريع هم قيادات ومشرفون حوثيون يستحوذون على الأراضي لصالحهم الشخصي أو لصالح عائلاتهم.
تحذيرات قبلية
في المقابل، حذّر وجهاء قبليون في عمران، خلال تجمع عُقِد مؤخراً، من تفجر صراع اجتماعي واسع في حال استمرار الجماعة في مصادرة الأراضي. وقالوا إن الحوثيين «يفتحون باب فتنة طويلة الأمد» قد تمتد إلى مديريات أخرى، مؤكدين أن ما يجري هو استغلال سافر للنفوذ الأمني والعسكري في فرض السيطرة على أراضي المواطنين دون مسوّغ قانوني.
ويرى مراقبون محليون أن هذه الحملة الجديدة تأتي ضمن سياسة الحوثيين لتوسيع نفوذهم الاقتصادي، عبر السيطرة على الأراضي والعقارات، بعد أن استكملوا خلال السنوات الماضية الهيمنة على مؤسسات الدولة والإيرادات العامة في مناطق سيطرتهم.
ويخشى سكان محافظة عمران أن تتحول أراضيهم الزراعية الخصبة إلى مشاريع خاصة أو تُمنح كمكافآت لقيادات ميدانية، كما حدث في مناطق أخرى؛ حيث عمدت الجماعة إلى توزيع مساحات شاسعة من الأراضي على أتباعها في إطار سياسة ممنهجة لإعادة تشكيل البنية الاجتماعية والاقتصادية في مناطق سيطرتها.