
ديكو يستخدم إنجاز إنريكي لتخفيف أزمة برشلونة
في موسمه الثاني على مقعد القيادة الفنية لبرشلونة، يجد الألماني هانز فليك نفسه أمام معادلة هجومية حساسة، تتعلق بالمهاجم الصريح الذي يقود الخط الأمامي للفريق الكتالوني.
فبعد مرور 10 مباريات منذ انطلاق الموسم، لم يعد البولندي روبرت ليفاندوفسكي، البالغ من العمر 37 عامًا، هو الخيار الوحيد في المقدمة، إذ بات الإسباني فيران توريس الذي اعتاد اللعب على الأطراف أحد الأوراق التي يعتمد عليها المدرب الألماني في مركز رأس الحربة.
تناوب اللاعبان في أداء هذا الدور، وتبدلت التشكيلات، لكن السؤال الذي بات يفرض نفسه بقوة الآن: هل يحتاج برشلونة إلى مهاجم "9" جديد يُعيد الهيبة للخط الأمامي؟
خلال الأيام الماضية، ارتفعت الأصوات مجددًا داخل أروقة الصحف الإسبانية وربطت اسم برشلونة بالعديد من المهاجمين، في إطار الشائعات المعتادة التي ترافق النادي كلما اقترب الميركاتو الشتوي.
وجاء الأرجنتيني جوليان ألفاريز مهاجم أتلتيكو مدريد الحالي على رأس قائمة المرشحين لبرشلونة وفقًا للتقارير الأخيرة، ثم سيرهو جيراسي مهاجم بوروسيا دورتموند.
إلا أن ديكو، المدير الرياضي للفريق، خرج عن صمته ليضع حدًا لتلك التكهنات في مقابلة صريحة مع برنامج "Tot Costa" بإذاعة "راديو كتالونيا "، مؤكدًا أن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن صفقات أو تجديدات، خصوصًا فيما يخص ليفاندوفسكي.
وقال ديكو بوضوح: "لن نتحدث عن تجديدات في أكتوبر، نسير خطوة بخطوة. ليفاندوفسكي أحد أفضل المهاجمين في السنوات الأخيرة، وقيمته لا تُمس. لقد قدم الكثير للفريق وسجل أكثر من 40 هدفًا. لكن الآن، ما يهم هو استعادة اللاعبين المصابين، وليس الدخول في مفاوضات جديدة".
كانت كلماته هادئة، لكنها حملت رسالة واضحة بأن إدارة برشلونة ترفض الانجراف وراء العناوين الرنانة، وتفضل التركيز على استقرار الفريق الحالي بدلًا من اللهث وراء الأسماء الكبيرة.
المدير الرياضي البرتغالي، الذي بات يتحدث بنغمة تعكس رؤية اقتصادية وفنية متزنة، شدد على أن السياسة الجديدة للنادي تركز على "الاستقرار الداخلي" أكثر من "الصفقات البراقة".
وأضاف: "التجديدات هي صفقاتنا الكبرى، لا ينبغي أن نُصاب بهوس المهاجم رقم 9، فقد تخطئ حين تبحث عنه فقط لأن الآخرين يمتلكونه. أحيانًا يمكن أن تلعب من دون رأس حربة صريح".
وأشار ديكو إلى مثال حديث نسجه المدير الفني لويس إنريكي في الموسم الماضي.
وقال: "باريس سان جيرمان فاز بدوري أبطال أوروبا من دون مهاجم 9، وهذا يثبت أن كرة القدم الحديثة تتغير".
وبهذا التصريح، أراد المدير الرياضي أن يؤكد أن الحلول الفنية داخل الفريق قد تكون كافية لتعويض غياب "القناص التقليدي"، وأن المرونة التكتيكية تمنح المدرب فليك أدوات متنوعة دون الحاجة إلى صفقة جديدة مكلفة.
ورغم الجدل الدائر حول مستقبل ليفاندوفسكي، فإن ديكو لم يُظهر أي نية للتخلي عن النجم البولندي أو فتح ملفه قريبًا، مكتفيًا بالتلميح إلى أن كل الأمور ستُدرس في وقتها.
وقال موضحًا: "نحن نحلل الموسم خطوة بخطوة، ولا داعي للعجلة. ما يهمنا الآن هو أن يعود المصابون مثل بيدري، وجافي، وفرمين، لأن هؤلاء هم مستقبل النادي الحقيقي".
كلماته حملت إشادة واضحة بجيل الشباب الكتالوني الذي يعيد تشكيل هوية الفريق. ديكو يرى أن بقاء هؤلاء اللاعبين، وتجديد عقودهم، هو أكبر انتصار ممكن في سوق الانتقالات.
وأضاف: "الكثير من الأندية تتمنى أن تملك لاعبين مثل بيدري، جافي، وفرمين لوبيز. نحن نملك فريقًا بطلًا، بمستوى عال جدًا، علينا فقط تحسين بعض التفاصيل".
ومن بين سطور حديثه، ظهرت فلسفة جديدة تتبناها إدارة برشلونة بقيادة خوان لابورتا وديكو، وهي الابتعاد عن الاعتماد على السوق كمنقذ دائم، وبناء فريق مستقر قادر على المنافسة دون الحاجة إلى تغييرات جذرية كل صيف.
فالماضي القريب كان شاهدًا على فترات اضطراب بسبب الديون وصفقات لم تؤت ثمارها، أما اليوم، فالميل نحو الاستقرار يبدو هو الخيار الاستراتيجي الأوضح.
وأكد المدير الرياضي للنادي الكتالوني في ختام حديثه: "حين نجدد للاعب بعينه، فنحن بذلك نكون قد أبرمنا صفقة جديدة. لقد نجحنا في الحفاظ على أهم نجومنا دون الحاجة إلى بيع واحد منهم، وهذا بحد ذاته يعد إنجاز ملموسا".
هكذا، رسم ديكو بخطوط هادئة ملامح المرحلة المقبلة داخل برشلونة. لا اندفاع في السوق، لا ضجيج إعلامي حول المهاجم المنتظر، بل واقعية وتخطيط طويل المدى.
الفريق الحالي يملك الأسلحة الكافية للمنافسة، والمستقبل يُبنى على أساس من الشباب والثقة، لا من الأسماء البراقة فقط.
وربما تكون تلك هي أولى علامات النضج في ناد تعلم من أخطائه، وبدأ يدرك أن البطولة الحقيقية لا تبدأ في سوق الانتقالات بل في غرفة الملابس.