
"صهاريج عدن".. أعجوبة المياه اليمنية تدخل التراث العربي
أدرجت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) الصهاريج الطويلة، وهي شبكة من خزانات المياه القديمة المنحوتة في جبل شمسان باليمن، في سجلها للتراث العمراني العربي، ما يمثل إنجازا مهما لأحد أقدم المعالم الثقافية في اليمن.
تتبع الألكسو، ومقرها تونس، جامعة الدول العربية، وهي تُعنى بتطوير وتنسيق الأنشطة المتعلقة بالتربية والثقافة والعلوم في العالم العربي. وكانت أعلنت في يوليو/تموز إدراج هذه الصهاريج التاريخية في محافظة عدن بجنوب اليمن ضمن الدفعة الأولى في سجل التراث المعماري والعمراني العربي.
وتأتي هذه الخطوة حصيلة تعاون بين اللجنة اليمنية للتربية والثقافة، وهيئتي الآثار والمتاحف، والمحافظة على المدن التاريخية بعدن، بحسب ما صرحت آنذاك حفيظة الشيخ الأمين العام للجنة اليمنية للتربية والثقافة والعلوم.
وتعد صهاريج عدن التاريخية الواقعة على سفوح الجبال المحيطة بمدينة كريتر في عدن القديمة من أشهر المعالم التاريخية في اليمن وتقع في قمة مصبات وادي الطويلة من الجهة الغربية لمدينة كريتر.
وقدر الباحثون عددها بحوالي 55 صهريجا في الماضي، أما ما هو قائم حاليا فعدده 18 تستوعب نحو 20 مليون جالون من الماء.
وتتصل الصهاريج بقنوات ومصارف داخلية كانت تعرف قديما بأنها "شبكات ري وسقيا" تصل إلى مختلف مناطق سكان المدينة والمزارع المحيطة بها. والطويلة اليوم هو حي من أشهر أحياء مدينة عدن القديمة، وسميت الصهاريج باسم الحي.
وتقول هيفاء مكاوي أستاذة الآثار والحضارة الإسلامية في جامعة عدن إن هذه الصهاريج، التي تعكس براعة راسخة منذ قرون في إدارة المياه، تقع في قلب مدينة عدن وكانت تلبي احتياجات سكان المدينة والسفن العابرة.
وأفادت في حديثها لتلفزيون رويترز، "الصهاريج الطويلة تعتبر واحدة من أهم المعالم الموجودة في مدينة عدن وفي اليمن… والآن أصبحت واحدة من مواقع التراث العربي، وإن شاء الله تكون من ضمن مواقع التراث العالمي".
وأضافت "ارتبطت أهمية هذه الصهاريج بتزويد المياه للسكان وللسفن، وأيضا كمان كان لها أهمية (مرتبطة) بحماية المدينة (عدن) من الفيضانات التي كانت تحصل نتيجة الأمطار الغزيرة التي كانت تسقط على المدينة"، ولا يزال هذا الموقع التاريخي يجذب الزوار والباحثين على حد سواء.
وتابعت "معنا احنا تقرير (الليفتنانت سير البريطاني روبرت لامبرت) بلايفير اللي يقول انه صهاريج عدن عددها حوالي 50 صهريجا، لكن بعد الحفر والتنظيف لهذي الصهاريج ما تبقى أمامنا الآن هو 18 صهريجا موجودا في منظومة الصهاريج الطويلة فقط".
ولا يُعرف تاريخ محدد لإنشاء الصهاريج على وجه الدقة لكن المراجع التاريخية تشير إلى أنها تعود إلى ما قبل الميلاد.
وتعرضت الصهاريج بمرور السنوات للإهمال وتراجعت أهميتها كمصدر للمياه بالمدينة مع تجديد شبكات المياه واعتماد عدن على مياه الآبار الجوفية، ما تسبب في إغلاق مصارف المياه وانسداد قنوات الري.
لكن عادت السلطات المحلية، مؤخرا، للاهتمام بالصهاريج وتحديثها وصيانتها بشكل دوري، حفاظا على المدينة التي تقع أسفل الصهاريج من الفيضانات وسيول الأمطار المتدفقة.
وعزز إدراج ألكسو للصهاريج الطويلة في الآونة الأخيرة شعور الفخر بالموروث الثقافي في اليمن وأحيا آمالا في أن يحظى الموقع باهتمام دولي.
وقال أنيس الخراز، أحد زوار الصهاريج، "دائما نسمع عن عظمة الإنسان اليمني، ولكن إذا (كنا) نريد أن نسمع عن عظمة الإنسان اليمني، فيجب أن نزور المعالم الأثرية عشان تبين لنا كيف كانوا أجدادنا، كيف كان الذين استطاعوا أن يفتحوا مشارق الأرض ومغاربها. ما فتحوها إلا بعظمتهم وشيَدوا هذه الأمور (الصهاريج) إلا بعظمتهم".
المصدر: رويترز