عقب أنباء عن قرب الاجتياح الإسرائيلي لـ"رفح"..

مصر تؤكد السيطرة على حدودها مع غزة و"الجامعة العربية" تحذر من التصعيد

المدنية أونلاين/متابعات:

تصاعدت حدة المخاوف من تداعيات اجتياح إسرائيلي محتمل لمدينة رفح الفلسطينية، أقصى جنوبي قطاع غزة، في ظل تأكيدات إسرائيلية بقرب تنفيذ العملية، التي سبق وحذر مسؤولون عرب وأجانب من «تبعاتها الكارثية على الوضع الإنساني في القطاع».

وبينما حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية من أي «تصعيد محتمل» إذا تسبب اجتياح رفح في «دفع الفلسطينيين نحو سيناء». أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، الاثنين، أن «بلاده لديها السيادة الكاملة على أرضها وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية مع غزة أو إسرائيل».

وقال رشوان، في تصريحات نقلها التلفزيون المصري الرسمي، إنه «تم تدمير أكثر من 1500 نفق وتقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «كل دول العالم تعرف جيداً حجم الجهود التي قامت بها مصر في آخر 10 سنوات لتحقيق الأمن في سيناء وتعزيز الأمن على الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة».

وجدد رفضه ما وصفه بـ«مزاعم وادعاءات باطلة حول عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية».

وسبق ونفت مصر، في يناير (كانون الثاني) الماضي، عبر بيان من الهيئة العامة للاستعلامات «مزاعم إسرائيلية» بشأن عمليات تهريب على الحدود، واستعرضت «الخطوات التي اتخذتها للقضاء على الأنفاق بشكل نهائي».

تصريحات رشوان، تزامنت مع تأكيدات هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «تعمل على توسيع المنطقة الإنسانية في قطاع غزة في إطار التجهيزات لعملية برية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة».

ويثير تنفيذ مخطط اجتياح رفح، المخاوف من دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية، لا سيما أن المدينة باتت الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون شخص نزحوا إليها هرباً من الحرب في قطاع غزة.

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، «التأكيد على رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، لا سيما إلى سيناء». وقال، في تصريحات تلفزيونية مساء الأحد، إن «هذا الأمر مرفوض بالكامل؛ لأن نقل السكان الأصليين من مناطقهم غير مقبول وفقاً للقانون الدولي الإنساني».

وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية من تبعات تنفيذ «مخطط التهجير»، محذراً من أنه «قد يدفع لمواجهة مباشرة بين الجيش المصري وإسرائيل». وقال إن «حكومة نتنياهو تتبع أسلوباً شريراً بدفع الفلسطينيين إلى الجنوب حتى يضغطوا على الحدود المصرية»، وإن «الدخول إلى سيناء يمثل جريمة كبرى بحكم القانون الدولي».

وأوضح أبو الغيط أن «الفلسطينيين إذا دخلوا سيناء لن يتوقفوا عن المقاومة، وبالتالي سيتصدون لإسرائيل من داخل الأراضي المصرية، ثم تقرر إسرائيل معاقبتهم داخل الأراضي المصرية، والجيش المصري موجود».

وتابع مخاطباً نتنياهو: «أنت تأخذنا في مواجهة عسكرية، وبالتالي ستكون هناك عواقب»، مشيراً إلى أن «واشنطن متنبهة لخطورة اجتياح رفح».

ولا يكف نتنياهو عن التلويح بشنّ هجوم برّي على رفح بداعي «القضاء على آخر معقل لـ(حماس)». لكنّ دولاً عربية وأجنبية ومنظمات دولية عارضت هذه العمليّة، خشية أن تتسبّب في سقوط الضحايا المدنيّين.

وأكد مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة لـ«الشرق الأوسط»، أن «اجتياح رفح مسألة حتمية رغبة من إسرائيل للوصول إلى خط النهاية، ومداهمة المعقل الأخير لـ(حماس)»، وأنه «يأتي استجابة لضغوط في الداخل الإسرائيلي، تدعو للقضاء التام على (حماس)، حيث تعد المدينة المربع الأخير الذي لم يتم التعامل معه»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يتجاهل البعد الإنساني للمسألة، رغم تحذيرات العالم كله، وفي مقدمته واشنطن، من خطورة مثل هذه الخطوة وتداعياتها الكارثية على الوضع الإنساني».

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني د. أيمن الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اجتياح إسرائيل لرفح يبدو أنه بات مسألة حتمية، وتنفيذه مقترن بترتيبات لوجيستية». وأضاف أن «نتنياهو يسعى من خلال الاجتياح لممارسة مزيد من الضغط على (حماس)، وتحقيق انتصارات على الأرض قد تسهم في تحسين وضع صفقة الأسرى».

وعدّ الرقب تهديدات نتنياهو بالضغط على «حماس»، «محاولة من جانبه لتحسين شروط الصفقة».

وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوسيط في مفاوضات تستهدف تحقيق هدنة في قطاع غزة، وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، لكن جهود الوساطة المستمرة منذ يناير الماضي لم تنجح حتى الآن في الوصول إلى اتفاق.

وفي اتصال هاتفي الاثنين، مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مستجدات الجهود الرامية للتوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، بحسب إفادة رسمية للمتحدث الرئاسي المصري المستشار أحمد فهمي.

وحذر الرئيسان من «خطورة انزلاق المنطقة إلى حالة واسعة من عدم الاستقرار، بما يفرض الالتزام بأعلى درجات الحكمة وضبط النفس». واتفق الرئيسان على «ضرورة وقف التصعيد على مختلف الأصعدة»، بحسب الإفادة الرسمية.

وفي إطار جهود الدفع نحو وقف إطلاق النار في غزة، من المقرر أن يزور وزير خارجية آيرلندا مايكل مارتن، مصر والأردن قريباً، بحسب وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية.

وبعد 6 جولات من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لوّحت قطر بإمكانية «تجميد دورها وسيطاً في المفاوضات»، رداً على انتقادات إسرائيلية لدورها، في وقت رفضت فيه حركة «حماس» مقترحاً أميركياً للتهدئة عرضه مدير المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، خلال جولة مفاوضات أخيرة في القاهرة.

ويرى الرقب أن «مسار المفاوضات لم يتوقف، لكنه يمر بمرحلة صعبة، في ضوء إعلان قطر إعادة تقييمها لدورها وسيطاً في ظل الانتقادات الإسرائيلية لها».

ولفت إلى أن «الجولة الأخيرة شهدت عثرات؛ من بينها عدم قدرة حركة (حماس) على توفير 40 أسيراً من المدنيين لتتم مبادلتهم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق حيث عرضت 20 أسيراً بدلاً من ذلك». وقال: «رغم العثرات فالأبواب لم توصد تماماً، وإن كان لا يوجد موعد لجولة جديدة حتى الآن».

ويشير مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية» إلى أن «اجتياح رفح سيكون له تأثير سلبي على مسار المفاوضات». وقال إن «نتنياهو يستخدم تصريحاته لمغازلة الرأي العام الداخلي، والمجتمع الدولي، وهي عادة ما تكون مغايرة للحقيقة وللخطة المقررة للتحركات عسكرياً وسياسياً»، مشيراً إلى أن «نتنياهو لم يحقق أهدافه المعلنة حتى الآن، وهذا القدر من التشدد من جانبه لا ينتج عنه سوى مزيد من القتل والدمار».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد هاجم «حماس» في كلمة مصورة له نشرها على حسابه في منصة «إكس» الأحد، وتوعدها بمزيد من الضغط العسكري. وقال: «سنوجّه ضربات إضافيّة ومؤلمة... في الأيّام المقبلة، سنزيد الضغط العسكري والسياسي على (حماس)، لأنّ هذا هو السبيل الوحيد لدينا لتحرير الرهائن وتحقيق النصر».

وأكد عكاشة أن «الوسطاء، لا سيما مصر والولايات المتحدة يدفعون نحو الهدنة وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، وإيقاف إطلاق النار لفترة مؤقتة، تزامناً مع انفراجة على مسارات أخرى، على رأسها زيادة المساعدات الإنسانية»، لكن «سلوك نتنياهو وعدد من أعضاء حكومته، يشير إلى محاولة الالتفاف على استحقاقات الاتفاق والإفلات من الالتزامات في هذا الصدد».

وأوضح أن «هناك مخاوف لدى جناح في إسرائيل بأن تسفر الهدنة عن إيقاف مشروع الحرب، بحيث لا يستطيع نتنياهو تسويق استئنافها بعد الهدنة على المستوى الدولي، ما يجعل هذا الجناح يرى في الهدنة إجهاضاً للمشروع الإسرائيلي».

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد أكد في مقابلة له مع شبكة «سي إن إن» الأميركية الأسبوع الماضي، أن «المحادثات مستمرة ولم يتم قطعها أبداً. هناك أفكار مستمرة تطرح وسنستمر في ذلك حتى يتحقق الهدف».

المصدر : الشرق الأوسط