قرار نقل البنوك يربك الحوثيين.. ومصدر حكومي: لمحوا إلى التراجع عن حظر تصدير النفط
تعاني ميليشيات الحوثي في اليمن من إرباك متصاعد منذ أيام، وذلك عقب صدور قرار محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، في الثاني من نيسان (أبريل) الجاري بإمهال البنوك التجارية مدة 60 يوماً لنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن.
وأفادت مصادر مصرفية "النهار العربي"، أنّ حاكمية المصرف المركزي في صنعاء التابعة للحوثيين اجتمعت مع ممثلي البنوك التجارية، وتوعدت بفرض عقوبات عليها، إذا نفّذوا قرار النقل إلى عدن، لكنها وقفت عاجزة بعدما طلبت منها البنوك إيجاد حل للمعاملات الخارجية البنكية ونظام السويفت الذي يتحكّم به البنك المركزي في عدن، إذا أرادت الجماعة بقاء مراكز البنوك الرئيسية في صنعاء.
وسبق للقياديين الحوثيين حسين العزي وعبد الملك العجري أن حاولا التودد للمملكة العربية السعودية من خلال تغريدات على منصّة "إكس"، قائلين إنّهما يتوقعان من الرياض التدخّل لثني البنك المركزي في عدن عن قراره.
وقال مصدر حكومي رفيع المستوى، فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ"النهار العربي"، إنّ الحوثيين بدأوا بإرسال رسائل عبر الوسطاء يبدون فيها استعدادهم لرفع المنع الذي تفرضه الميليشيات على تصدير الحكومة الشرعية للنفط الخام، مقابل نسبة مالية للحوثي وإلغاء قرار نقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء إلى عدن.
معطيات لا تخدم الحوثي
المحلل الاقتصادي اليمني وفيق صالح قال في حديثه مع "النهار العربي" إنّ هذا الوضع يأتي في ظروف مختلفة عن السابق، وفي ظل تصعيد كبير من الحوثيين ضدّ القطاع المصرفي والبنك المركزي اليمني في عدن، تمثل بصك عملة معدنية جديدة من فئة 100 ريال، الأمر الذي شكّل ضربة لكل الجهود والمحاولات المبذولة لتنسيق السياسة النقدية وإنهاء معاناة المواطنين.
وأضاف: "أعتقد أنّ البنك المركزي في عدن اتخذ هذا القرار بناءً على معطيات جديدة قد تساعده هذه المرة في تنفيذ قراراته فعلياً". وأشار إلى أنّ البنك المركزي اليمني يملك ورقة القانون والمشروعية، إضافة إلى أنّه البنك المعترف به دولياً ويتمّ التعامل معه من المؤسسات الدولية، وبالتالي من خلال استخدام هذه الورقة فقط يمكنه إلزام كل المصارف بتنفيذ توجيهاته في إطار سياسته النقدية والمالية المعتمدة في البلاد.
وأوضح صالح "أنّ هذا القرار سيضيف مزيداً من التعقيد على وضع القطاع المصرفي، كون الحوثيين يستخدمون القوة والقبضة الأمنية ضدّ البنوك التجارية والمصارف الإسلامية، وارغامهم على عدم الاستجابة لمطالب مركزي عدن".
ويختتم قائلاً: "طوال السنوات الماضية، عانى القطاع المصرفي بشكل كبير وجرى استنزافه بشكل حاد، خصوصاً في المناطق التي يديرها الحوثيون، حيث جمّدت جماعة الحوثي استثمارات وفوائد أذون الخزانة الخاصة بالبنوك في مركزي صنعاء، علاوة على إصدارها قانون منع الفائدة ضدّ البنوك والمصارف، الأمر الذي أفقد هذه البنوك أهم وظائفها المالية والمصرفية".
التعامل مع الإرهاب
من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة حضرموت الدكتور محمد الكسادي، في حديثه مع "النهار العربي"، أنّ البنوك التجارية يجب أن تلتزم بقرار البنك المركزي وتنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، حتى تعمل في بيئة مالية سليمة تحت أمرة سياسة مالية واحدة. كما أنّ تعاملات البنوك الخارجية لا يمكن أن تتمّ من دون موافقة البنك المركزي اليمني، كون النظام المالي العالمي مرتبطاً بعضه بالبعض الآخر، والعمليات التجارية الدولية تتمّ عبر نظام السويفت في عدن.
ويقول الكسادي إنّ "استمرار البنوك التجارية في التعامل مع الحوثيين كمركز رئيسي يوقعهم في فخ التعامل مع الإرهاب، لأنّ جماعة الحوثي مصنّفة الآن إرهابية، وأيضاً متهمة بتزوير العملة".
وأشار إلى أنّه بعد قرار النقل سيكون بإمكان البنك المركزي مراقبة الأموال في مناطق سيطرة الحوثي ومكافحة غسيل الأموال، وكذلك معرفة الأصول الخاصة بالبنوك وعدم التلاعب بحقوق المساهمين.
وأوضح أنّ هذا القرار سيؤدي في النهاية الى التقليل من عملية المضاربة واستقرار سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار.
مفترق طرق
بدوره، قال المحلل الاقتصادي ماجد الداعري لـ"النهار العربي" إنّ البنوك اليمنية أمام مفترق طرق وأخطر تحدّ مصيري يواجهها طوال تاريخها. وأضاف: "هي أمام خيارين أحلاهما مرّ، أي الانتقال إلى عدن، ويعني ذلك أن تضحّي بمراكزها الرئيسية وأصولها وكل ما تمتلكه في مناطق سيطرة الحوثيين، لأنّهم لن يتركوها وسيكون مصيرها مثل مصير شركة "سبأ فون" للاتصالات التي نقلت مركزها الرئيسي الى عدن، فبسط الحوثيون سيطرتهم عليها عبر ما يسمّى الحارس القضائي".
ويتابع: "في المقابل، فإنّ البنك الذي لن ينقل مقره الرئيسي الى عدن سينتهي عمله قانونياً في اليمن، كون البنك المركزي يمكنه إنهاء دور أي بنك مخالف عبر إلغاء التراخيص أو إقفال نظام السويفت ومنعه من التعامل الخارجي، ووضع اليد على أصوله وممتلكاته في المناطق المحررة".
ونصح الداعري البنوك التجارية باعتماد خيار الانتقال إلى عدن، حتى لو أدّى الأمر للتضحية بأصولهم ومراكزهم في مناطق سيطرة الحوثيين، حتى تبقى لهم الإمكانية للاعتراف بهم في المناطق المحررة.
ولفت إلى أنّ قرار نقل المراكز الرئيسية للبنوك الى عدن تعتبره الحكومة الشرعية قراراً مصيرياً، وذلك لتصحيح الاختلالات والسيطرة على إدارة القطاع المصرفي في اليمن.
*عن جريدة "النهار" اللبنانية