تحسن سعر الصرف.. فُرصة أم صدفة؟
منذ أيام بدأ سعر صرف الريال اليمني يشهد تحسنا كبيرا بفعل تدابير أولية للحكومة والبنك المركزي، أو نتيجة تهديدات أمريكية لكبار مسؤولي البنوك وشركات الصرافة في اليمن.
وقد أثار تعافي العملة المحلية بعض الشكوك والمخاوف لدى المراقبين والمواطنين على حد سواء، سيما وأن الريال استعاد نحو نصف قيمته خلال ثلاثة أيام فقط.
شكوك البعض في إمكانية صمود العملة عند هذا المستوى ترجع في الغالب إلى أن هذا التحسن ليس ناجما عن إصلاحات اقتصادية جذرية أو حصول البنك المركزي على منحة أو وديعة كما حصل في مرات سابقة، وعليه فإن المتشككين يتوقعون أن يعاود الريال هبوطه مرّة أخرى في أية لحظة.
في المقابل فإن الموقف الراهن يُلزم -الجميع حكومة ونخب وإعلام ومجتمع- الاستفادة من هذه الفرصة وتعزيزها والمحافظة عليها واعتمادها أساساً للخطوات والإجراءات الضرورية للإصلاح الاقتصادي حتى يصبح تحسن سعر الصرف واقعاً تسنده الحقائق والمعالجات الضرورية التي لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها. وبدونها فإن هذا التعافي لن يصمد حتى تغلبه الظروف المحيطة، ولن يلبث لصوص المضاربة والتلاعب حتى يخرجون ساخرين بالجميع وهم يقررون مستقبل سعر الصرف غير مكترثين بمعيشة الناس ولا بقرارات الحكومة وبنكها المركزي.
في مقدمة هذه الإصلاحات تأتي معالجة إشكالية عدم التزام بعض المؤسسات بالتوريد للبنك المركزي والتي بلغ عددها 147 جهة حسب حديث محافظ البنك المركزي الذي نشره عنه الزميل العزيز فتحي بن لزرق الأسبوع الماضي، وفي هذا السياق جاء قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة الموارد برئاسة محافظ البنك وعضوية عدد من الوزراء والوكلاء والمختصين في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية.
إن دعم اللجنة وجهودها ومتابعتها المستمرة أمر ضروري لأن ذلك سيؤدي إلى دعم البنك المركزي ورفده بمليارات الريالات التي كانت تذهب للبنوك الخاصة وشركات الصرافة وتستخدم في المضاربة والتنافس والأسواق السوداء، ويقف البنك المركزي عاجزاً عن الوفاء بتسليم رواتب الموظفين لعدة أشهر.
ولاشك أن نجاح جهود هذه اللجنة يعني نجاح الحكومة والبنك المركزي في مهمة رئيسية وإجراء ضروري لابد أن تتبعه بقية الإجراءات والإصلاحات الضرورية في الجانب الاقتصادي.
والخلاصة أنه ليس بالضرورة أن تنتهي الرقابة الحكومية أو المجتمعية عند تفاصيل سعر المواد الغذائية حسب المنشورات اليومية، بل إن هذه الرقابة هي جزء من رقابة ومتابعة أشمل وأكثر أهمية تركز على المعالجات الاقتصادية الحقيقية، ولا تقف عند المظاهر والنتائج التي لاشك أنها ستكون متغيرة وغير ثابتة.