الأوراق النقدية التالفة.. معضلة أخرى من صنيع الحوثيين

المدنية أونلاين/صحف:

استطاع عصام بعد عناء مضنٍ جمع 50 ألف ريال يمني (تعادل 92 دولاراً)، وهو المبلغ المطلوب منه إيجاراً للمنزل الذي يقطنه في حي جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، ليفاجأ بوجود معضلة أخرى تمثلت برفض مالك المنزل قبول المبلغ من فئة 100 ريال؛ كون معظم أوراقه تالفة وغير قابلة للتداول.

يتحدث عصام الذي يعمل سائق أجرة في صنعاء عن فشل محاولاته بإقناع مالك المنزل قبول المبلغ الذي جمعه بصعوبة في ظل ركود سوق العمل وندرة من يستقلون سيارات الأجرة، حيث اشترط المالك فئة 1000 ريال، وأن تكون غير تالفة.

وفي ظل استمرار غياب أي حلول من قبل سلطة الانقلاب الحوثي لحل مشكلة تهالك العملة، تستمر معاناة اليمنيين في التصاعد، حيث يلجأ كثير منهم إلى البحث عن حلول ولو مؤقتة لتخطي المشكلات التي ترافق تداول الأوراق النقدية التالفة.

وتمنع الميليشيات الحوثية تداول الطبعات الجديدة من العملة التي أصدرها البنك المركزي اليمني في عدن، حيث فرضت نظاماً مصرفياً ونقدياً موازياً مكتفية بالطبعات القديمة في مناطق سيطرتها، كما أنها لا تستطيع طباعة أوراق نقدية لجهة أنها سلطة انقلابية غير معترف بها دولياً.

صعوبة في البيع والشراء

مثل عصام يعاني آلاف اليمنيين من صعوبات أثناء استخدام الأوراق النقدية في عمليات البيع والشراء، إذ برزت المشكلة إلى السطح بعد طرح جماعة الانقلاب الحوثي المليارات من تلك الفئات النقدية المهترئة للتداول بها، عقب عجزها عن طباعة أوراق جديدة.

ويقدر اقتصاديون يمنيون في صنعاء حجم الأوراق النقدية التالفة من الريال اليمني والمنتشرة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بأكثر من 80 في المائة من إجمالي العملة الوطنية المتداولة، بعد أن كانت قبل 7 سنوات تقدر بنحو 65 في المائة.

ويتهم مصرفيون في صنعاء جماعة الحوثي بأنها ضخت على مراحل أوراقاً نقدية تالفة على شكل مرتبات بعضها سبق سحبه نهائياً، وأخرى أُتلفت من قبل المركزي اليمني بعد استبدالها من مواطنين خلال سنوات ما قبل الانقلاب والحرب.

ويشاهد المتجول في المراكز والأسواق التجارية في صنعاء انتشار كميات ضخمة للعملة المحلية من فئات 50 ريالاً، و100 ريال، و200 ريال، و250 ريالاً، و500 ريال، بعد أن أصبحت تالفة وتحمل بعضها توقيعات لمحافظين تعاقبوا على المركزي اليمني في فترة سبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

نصف راتب ممزق

ويقول الموظفون الحكوميون في صنعاء ومدن أخرى إن الجماعة حين تقوم بصرف نصف راتب كل عدة أشهر، من فئة 100 ريال وأحياناً من فئة 250 ريالاً، من العملة التالفة، ويؤكدون أن ذلك يقحمهم في خلافات مع الناس لحظة تداولهم لها.

ويكشف موظف بدائرة حكومية في صنعاء عن قيامه بعملية فحص أثناء تسلمه نصف الراتب المقدر بـ40 ألف ريال (يعادل 75 دولاراً) ليكتشف أن 25 في المائة من تلك الأوراق ممزقة ويرفض الكثير قبولها.

ويضطر موظفون إلى توثيق نصف الراتب الذي يتسلمونه من وقت لآخر من جماعة الانقلاب الحوثي وتداول صورة الأوراق المهترئة على منصات التواصل، ويؤكدون أن الكثير من الأوراق مرممة بلواصق بلاستيكية وأخرى مجمعة من فئات متعددة.

وبمقابل التدهور المستمر للريال اليمني مقابل العملات الخارجية تندرج الأوراق النقدية التالفة ضمن قائمة المعاناة اليومية التي يكابدها السكان في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يواجهون بشكل يومي كثيراً من المشكلات، خصوصاً عند تسيير تعاملاتهم التجارية.

وسبق أن أصدر جهاز أمن الميليشيات الحوثية تعميمات بمناطق سيطرتهم تحض على تقديم بلاغات ضد الرافضين التعامل مع الأوراق النقدية التالفة، وتوعد بفرض غرامات مضاعفة بحق المتخلفين.

وحسب صحيفة «الشرق الأوسط»، فقد تحدثت مصادر محلية عن تسجيل مناطق متفرقة بصنعاء وضواحيها المئات من حوادث النزاع والعراك بالأيدي بين مواطنين على خلفية القبول أو الرفض للعملات.

حلول مؤقتة

ويلجأ عثمان وهو مالك محل تجاري بصنعاء، لابتكار حيل مؤقتة لحل مشكلة تلف الأوراق النقدية، الأولى تتمثل بطباعة كارت صغير بمثابة سند إيصال يسلمه للزبون حال الشراء وتبقي بعض المال، بينما الأخرى تمثلت بشراء مجموعة حلوى متنوعة، وفي حال تبقى للزبون مبلغ بين 50 و250 ريالاً يعطيه البائع بعضاً منها عوضاً عن الأوراق التالفة.

ويفيد عثمان بأنه كان في السابق لا يكاد يمر عليه يوم من دون الدخول بمشادات كلامية أو عراك مع بعض زبائنه جراء التلف الحاصل في الأوراق النقدية بجميع فئاتها.

ويؤكد صاحب متجر في صنعاء أنه تعرض للاعتقال ودفع الغرامة من قبل الحوثيين؛ لأنه رفض من أحد عناصرهم قبول ورقة من فئة 100 ريال تالفة لم يتبق منها سوى أقل من النصف، وقال إنه بعد الواقعة كلف اثنين من أولاده القيام بمهمة تلصيق الأوراق النقدية التي تصلهم ممزقة من الزبائن، بصورة يومية.

وكانت إحصائيات سابقة للبنك المركزي في صنعاء بينت أن حجم التالف في العملة اليمنية بلغ خلال عام 2013 18 ملياراً و171 مليوناً و432 ريالاً يمنياً، مقارنة بـ11 ملياراً و215 مليوناً و12 ألفاً و500 ريال في 2012.