زيارة هي الأولى منذ 11 عاماً..

وزير الخارجية التركي في القاهرة اليوم لاستكمال تطبيع العلاقات

المدنية أونلاين/الشرق الأوسط:

يبدأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم السبت، زيارة رسمية إلى القاهرة هي الأولى من نوعها لمسؤول تركي بهذا المستوى، منذ لقاء الرئيسين التركي والمصري، على هامش حضورهما افتتاح بطولة «كأس العالم» في قطر، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو اللقاء الذي أنهى جموداً وتوتراً في العلاقات بين البلدين منذ عام 2013.

وأفادت مصادر مصرية مطّلعة على ملف العلاقات المصرية التركية، بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيستقبل أوغلو والوفد المرافق له، خلال زيارته للقاهرة.

وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمها، لـ«الشرق الأوسط»، أنه من المنتظر أن يبحث اللقاء «إجراءات أكثر تقدماً» على مسار تطبيع العلاقات بين البلدين، وأن القاهرة «منفتحة على عدد من الإجراءات المستقبلية، التي من شأنها أن تسهم في تقريب وجهات النظر، سواء على المستوى الثنائي، أم فيما يتعلق بالملفات الإقليمية ذات الأهمية للبلدين».

من جانبه، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن زيارة وزير خارجية تركيا إلى مصر «تُعدّ بمثابة تدشين لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وإطلاق حوار مُعمق حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وبهدف الوصول إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الدولتين والشعبين الشقيقين».

وأوضح المتحدث، في تصريحات صحافية، الجمعة، أن وزير الخارجية المصري سامح شكري سوف يستقبل نظيره التركي في لقاء ثنائي بمقر وزارة الخارجية بقصر التحرير، تعقبه مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، على أن يعقب ذلك مؤتمر صحافي مشترك.

وتمثل الزيارة، وفق عدد من المراقبين، «نقلة نوعية» في مسار ومستوى العلاقات بين القاهرة وأنقرة، إذ تمثل الزيارة الأولى لوزير خارجية تركي إلى القاهرة منذ 11 عاماً، وبعد أسبوعين فقط من زيارة وزير الخارجية المصري إلى تركيا، والتي اكتسبت طابعاً إنسانياً، للإعراب عن التضامن من الشعب التركي عقب زلزال 6 فبراير (شباط).

واعتبر السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الزيارة مؤشراً على تنامي وتيرة العلاقات بين البلدين، في أعقاب ما وصفه بـ«إذابة الجليد» بين البلدين بلقاء الرئيسين التركي والمصري على هامش افتتاح بطولة «كأس العالم»، مشيراً إلى أن «تطور مستوى اللقاءات من قادة الأجهزة الأمنية ونواب وزيري الخارجية، إلى المستوى الوزاري، يعكس رغبة البلدين في المضي قدماً نحو تطبيع العلاقات».

وتوقّع حسن، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن تسفر الزيارة عن إجراءات ثنائية، منها ترقية التمثيل الدبلوماسي المتبادل إلى مستوى السفراء، فضلاً عن توافقات مهمة بشأن عدد من الملفات الثنائية والإقليمية، وفي مقدمتها الملف الليبي. وأوضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن ملف المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا يمثل أهمية قصوى في رؤية البلدين، وإذا جرى التوصل إلى تفاهمات بشأنه، فإن العلاقات بين القاهرة وأنقرة ربما تشهد نمواً متسارعاً بوتيرة كبيرة في المرحلة المقبلة، وربما تنتقل إلى مستوى لقاءات أعلى بين مسؤولي البلدين.

وشهدت العلاقات بين البلدين توتراً حاداً عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، بعد تظاهرات شعبية حاشدة، كما تسببت ملفات إقليمية مثل الأزمة الليبية والتوتر في شرق المتوسط، في مزيد من تأجيج العلاقات بين البلدين.

وأجرى البَلدان جولتي محادثات استكشافية بدأت 2021، برئاسة نائب وزير الخارجية التركي السفير سادات أونال، ونظيره المصري حمدي لوزا، إلا أنها لم تسفر عن تقدم في مسار العلاقات.

وأسهم زلزال 6 فبراير في دفع العلاقات الثنائية قدماً، إذ تلقّى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالاً هاتفياً من نظيره المصري أعرب خلاله عن التضامن مع ضحايا الزلزال، وأرسلت مصر مساعدات إغاثية للمنكوبين.

واعتبر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة استكمالاً للمباحثات التي بدأها وزير الخارجية المصري، خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا، لافتاً إلى أن تبادل الزيارات على المستوى الوزاري «يضع العلاقات بين البلدين على المسار الصحيح».

وأوضح فهمي، لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة الوزير التركي «تعكس جدية أنقرة في مسعاها لتطبيع العلاقات مع القاهرة»، مشيراً إلى أن القاهرة في المقابل «تبدي تجاوباً مع التحركات التركية».

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الملف الليبي، والوضع في منطقة شرق المتوسط، والسلوك التركي في الإقليم ستكون محور قضايا النقاش خلال زيارة أوغلو، وأن تلك الزيارة يمكن أن تكون «بداية لمسار أكثر تقدماً، وقد تفتح الباب أمام مقاربة إقليمية أوسع تمتد إلى دول وزانة في الإقليم، كما قد تفضي إلى توافقات مهمة بشأن المسار السياسي الليبي، وتصفية نقاط الخلاف في وجهات النظر بين تركيا ومصر، وهو ما سينعكس بدروه على المنطقة برمتها».