هل تم استكمال تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض.. ام تعثر؟
ما يزال المتابع اليمني مشدود لمتابعة البنود والخطوات التي نفذت من الشق العسكري والأمني في اتفاق الرياض والبنود التي لم تنفذ رغم إعلان تشكيل الحكومة اليمنية التي اشترط إعلانها بتنفيذ كامل للشق العسكري والأمني في الاتفاق المذكور الذي تم التوقيع عليه من قبل القيادة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي قبل عام من الآن في العاصمة السعودية الرياض.
ويقول مراقبون سياسيون إن الشق العسكري والأمني لم ينفذ بالكامل وأن ما تم تنفيذه اقتصر على إيقاف الحرب في أبين فقط والانسحاب المحدود للقوات المتحاربة وكان الهدف من ذلك ممارسة الضغط على القيادة اليمنية لإعلان الحكومة حيث يعتبر التحالف وبالأخص المملكة السعودية إعلان الحكومة انتصارا لجهودها الدبلوماسية في حل الأزمة في جنوب اليمن.
فيما يرى ناشطون أن ما تم تنفيذه هو أهم ما كان ينبغي أن ينفذ والمتمثل بإيقاف الحرب وإحلال السلام وانسحاب القوات المتصارعة إلى مناطق التماس وإحلال قوات من ألوية العمالقة بدلا عنها لفض الاشتباك والحفاظ على عدم عودة الاقتتال مرة أخرى.
في الوقت الذي يرى مهتمون بالشأن العسكري ان تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض يهدده الفشل اذا لم تواصل القوات العسكرية للطرفين المتصارعين استكمال انسحاباتها كما نص عليه الاتفاق والسماح للقوات الأمنية (أمن عام وأمن خاص) التابعة للحكومة الشرعية دخول عاصمة محافظة ابين، زنجبار، لإدارة العملية الأمنية إلى جانب الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي بالإضافة الى دخول اللواء الأول حماية رئاسية من شقرة الى قصر المعاشيق في العاصمة عدن لحماية حكومة الشراكة التي اعلن عنها الجمعة قبل الماضية.
ويبدو ان اللجنة العسكرية السعودية المشرفة على تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ بقية بنود الاتفاق بسبب تصلب بعض الأطراف المعنية بالتنفيذ فيما يرى اخرون انها تعمل ببطء شديد أو انها اكتفت بإيقاف الحرب في ابين تاركة ما تبقى من بنود للتفاهمات التي من المتوقع ان تكون بين الانتقالي والحكومة في قادم الأيام.
ما الذي تم تنفيذه؟
بحسب المعلومات التي نشرتها وسائل الاعلام فإن اللجنة السعودية المكلفة بتنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض قد عملت على ايقاف الحرب في ابين التي استمرت لستة اشهر متتالية وطرفاها المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية وقضى ايقاف المواجهات العسكرية في ابين بانسحاب قوات المجلس الانتقالي من منطقة الشيخ سالم صوب زنجبار كمرحلة أولى على ان تواصل انسحابها في المرحلة الثانية صوب عدن كما قضى بانسحاب قوات الشرعية من شقرة ومنطقة الطرية صوب قرن الكلاسي ومنطقة احور على ان تحل قوات عسكرية تابعة لألوية العمالقة في مواقع الطرفين التي تم الانسحاب منهما لفض الاقتتال والحفاظ على الهدوء والسكينة في المنطقة.
واستبشر الناس بإيقاف الحرب في ابين، مشيرين إلى ان هذه الخطوة هي اهم خطوة في اتفاق الرياض كون الحرب تعرض المناطق المحررة لعدم الاستقرار وتبقى القوى السياسية في حالة تشرذم في الوقت الذي يفترض بها التوحد لمواجهة المد الايراني في اليمن وذراعه المتمثل بجماعة الحوثي.
كما ان الحرب مثلت حالة استنزاف للقوى المتصارعة في العتاد والارواح وهي صممت لتكون كذلك دون ان ينتصر فيها احد وهذا يستنزف اموالا كثيرة ما تزال البلاد بحاجة لها لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين وتحريك عجلة التنمية في المناطق المحررة.
وإلى اليوم ما تزال هناك بنود في الشق العسكري والأمني لم تنفذ على الرغم من مرور اسبوعين على ايقاف حرب ابين والانسحاب المحدود لقوات الطرفين. وطالب عسكريون بضرورة تنفيذ ما تبقى من بنود في الشق العسكري والامني، محذرين من ان عدم تنفيذها قد يعيد الاوضاع إلى مربع الصفر وقد تعود معه المواجهات العسكرية من جديد.
ما الذي تبقى؟
كان من المتوقع بعد ايقاف الحرب في ابين ان تنسحب القوات بشكل كامل للمناطق التي حددتها بنود الاتفاق غير ان هذه القوات ما تزال متمركزة بالقرب من جبهاتها السابقة وقد تعيد الانتشار مرة اخرى اذا اهملت البنود الأخرى القاضية بالانسحاب الكامل واعادة توزيع القوات على جبهات القتال ضد الحوثيين في كل من مأرب والساحل الغربي وهذا التساهل قد يؤدي الى فشل الاتفاق وربما عودة المواجهات العسكرية من جديد.
وحذر الصحافي علي منصور مقراط من صراعات وحروب أهلية أخرى داخل الجنوب اذا لم تنسحب هذه القوات بصورة كاملة للمواقع الجديدة التي حددها الاتفاق.
وتساءل مقراط، وهو رئيس صحيفة الجيش ومتحدث رسمي في وساطات تهدئة وسلام عديدة، عن توقف حركة انسحابات القوات العسكرية لطرفي الصراع الدامي في أبين الشرعية والانتقالي وعدم وصولها إلى مواقع تموضعها الجديدة التي حددتها بنود خارطة اتفاق الرياض، والاكتفاء بالانتقال من ميدان المواجهة بضعة كيلو مترات فقط في زنجبار وجعار وشقرة وقرن الكلاسي.
ودعا الصحافي مقراط اللجنة العسكرية السعودية المشرفة على انسحابات قوات الطرفين إلى إلزام القوات بالانسحاب الكامل ولو باستخدام القوة للتنفيذ ضد أي طرف معرقل وعدم التفكير بعودة تفجير حرب في أبين والسماح بدخول الأمن والحماية إلى أبين وعدن للتمهيد لوصول حكومة الشراكة.
وبعد ايقاف الحرب وانسحاب القوات العسكرية من مناطق المواجهات كان من المتوقع الانتقال الى الخطوات التالية وهي السماح للأمن العام والقوات الخاصة التابعة للشرعية بالدخول من شقرة إلى زنجبار للمشاركة في إدارة الأمن إلى جانب الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي لكن هذه الخطوة لم تتم حتى الآن رغم الحديث عنها من قبل اللجنة السعودية كما كان من المتوقع القيام بالخطوة الرامية الى دخول قوات اللواء الأول حماية رئاسية الى عدن وتحديدا الى قصر المعاشيق للمساهمة في حماية الحكومة اثناء قدومها من الرياض لكن هذه الخطوة هي الأخرى لم تتم حتى الآن رغم اقتراب عودة الحكومة الذي من المتوقع ان يكون يوم الاثنين.
وقال الصحفي مقراط إن محبي السلام ووقف نزيف الدم استبشروا خيرا بالانطلاقة القوية والسريعة للجنة الإشراف السعودية بتحرك المقاتلين من المتارس والخنادق، لكن توقف مشهد الانسحابات وتنفيذ ما تبقى من بنود منذ أكثر من أسبوع يخلق قلقا في أوساط الشارع الجنوبي الذي يرفض الحروب الأهلية التي قسمت النسيج الاجتماعي واضرت بالأمن والاستقرار.
وبحسب بنود الشق العسكري والأمني فإنه بعد الانتهاء من ابين سيتم الانتقال الى عدن وهناك ستشرف اللجنة السعودية على انسحابات القوات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي من العاصمة عدن على ان يعاد تموضعها في جبهات القتال في الساحل الغربي لكن مراقبون يرون التعثر في ابين مقدمة لعدم الجدية بتنفيذ الاتفاق في عدن وان ما تم تنفيذه من ايقاف الحرب في ابين والانسحابات المحدودة لقوات الطرفين كان الهدف منه الوصول الى اعلان الحكومة اليمنية او حكومة المحاصصة التي تعتبرها الدبلوماسية السعودية نصرا سياسيا لها قد يعمل على تحسين الصورة لدى الإدارة الامريكية الجديدة بقيادة جو بايدن.
ما الذي يريده اليمنيون؟
يريد اليمنيون تنفيذا كاملا لاتفاق الرياض لاسيما وقد اصبح وثيقة سياسية مهمة لحل الخلاف في عدن بين الشرعية والمجلس الانتقالي ويأملون ان تنفذ بنود الاتفاق بشكل سريع من شانه ان يسهم في عودة الأمور الى طبيعتها وحلحلة كافة المعوقات من امام حكومة الشراكة فضلا عن تطبيع الاوضاع الأمنية واعادة دمج القوات الامنية تحت راية وزارة الداخلية بالإضافة الى دمج القوات العسكرية تحت لواء وزارة الدفاع وتأسيس جيش وطني يلبي تطلعات اليمنيين في الشراكة عدا عن ذلك فإن تحسن الأوضاع الأمنية قد يؤدي الى عودة الرئيس هادي الى العاصمة عدن وانعقاد جلسات مجلس النواب وتحريك الأمور في عدن لتصبح قبلة سياسية واقتصادية للدبلوماسية والمهتمين بالشأن اليمني.
ويطالب المواطنون القيادة السعودية باستكمال ما بدأته من خطوات في اتفاق الرياض لمساعدة الشعب اليمني والدولة اليمنية في استعادة مؤسساتها المصادرة والمدمرة واعادة تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة ،وايقاف الحروب، وحشد كافة الجهود لمواجهة الحركة الانقلابية على الدولة والمتمثلة في جماعة الحوثي ومشروع ايران في اليمن.