خرج من الوظيفة بمعاش تقاعدي فأضطر للعمل على البيجوت لسد احتياجات أسرته..فرج بن طالب من المكلا:الله بينصف

كتب: شفيع العبد

بعد ان هبطت طائرة السعيدة مساء هذا اليوم في مطار الريان الدولي بحاضرة حضرموت، وطئت قدماي ارضية المطار صوب صالة الوصول، وانتظرت بداخلها وصول حقيبتي، فغادرت البوابة الرئيسية قاصداً موقف سيارات الأجرة، ففاوضت هناك عن سعر الأجرة الى وسط مدينة المكلا- كما هي عادتي في مطارات صنعاء وعدن- لكنني وجدت اصحاب السيارات هنا ملتزمين بتسعيرة موحدة، وايضاً بالطابور. فركبت "بيجوت" سائقه رجل ستيني. اكتشفت من خلال حديثي معه انه تربوي قديم قدم عصارة شبابه خدمة للتربية والتعليم، وتم احالته للمعاش بعد إتمامه لسنوات الخدمة الوظيفية.

خرج من الوظيفة بمعاش تقاعدي لا يكفي لسد احتياجاته الأسرية، فأضطر للعمل فوق البيجوت.

الى هنا وحكاية العم "فرج بن طالب"تبدو متشابهة في فصلها هذا مع آلاف الموظفين، لكن قسوتها تكمن في انه شغل منصب مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية ثمود بمحافظة حضرموت لمدة 15 سنة، ولديه حالياً اربعة من ابناءه حملة شهادات جامعية بكلاريوس في مجالات مختلفة " تمريض - محاسبة - حاسوب"، لم يحصلوا على حقهم في التوظيف، علماً بأن اكبرهم لديه قيد في مكتب الخدمة المدنية بالمحافظة منذ 2004م.

لا مجال لمقارنة خدمة العم "فرج" بخدمة موظفين صغار جداً، لديهم ارصدة وسيارات وفلل واطفال موظفين.

تحدث بمرارة عن المحسوبيات والرشاوي التي تتحكم في عملية التوظيف لكنه قالها بثقة: "لدينا ايمان كبير بأن الله متى ما اراد لهم ان يتوظفوا بيتوظفوا".. واقسم على نفسه انه لن يدفع ريالاً واحد كرشوة لتوظيف احد ابناءه او جميعهم.

فوق هذا كله، فمنزل الأسرة قد تضرر جراء فيضانات السيول التي شهدتها المحافظة عام 2008م، ونزحت الى احدى المدارس قبل ان تضطر للسكن بالإيجار لما يقارب العام، ولعجزهم عن تحمل تكاليف الإيجار عادوا الى منزلهم المتهالك.

صندوق اعادة اعمار حضرموت، كذبة كبرى صدقها الناس هنا، قبل ان يصحوا على وقع اقدام الفاسدين وهم ينهبونه طولاً وعرضاً.

يؤكد العم "فرج" انهم قطعوا وعداً له بتعويضه بشقتين، وهي الوعود التي تبخرت.

الحديث كان شيق رغم ماحملها من معاناة، ولم انتبه الا ونحن امام بوابة الفندق، فقال لي: "في كل صلاة وفي كل لحظة اردد " حسبي الله ونعم الوكيل.. الله بينصف".

ودعته وانا اقول: " ونعم بالله..الله بينصف"!