التصعيد يعود إلى اليمن.. ما هو دور الإمارات؟

المدنية أونلاين ـ خالد عبدالواحد

بات اليمن معلقًا بين الآمال بإنهاء الصراع الدائر منذ خمس سنوات، وبين الواقع المحلي المعقد المفرق بين مصالح الفواعل الإقليمية، فلا هو في مرحلة الحرب الحاسمة ولا في مرحلة ما بعدها، فالتصعيد الميداني يصل إلى ذروته من المعارك والقصف حينًا، وينخفض في أحيان أخرى، دون حلول شاملة للملفات التي لا زالت عالقة. بينما تدخل إلى الصراع أطراف جديدة، مدعومة من جهات خارجية، فتزيد من التعقيد على الأرض ومن التعثر على طاولات التفاوض.

في خضم هذا الواقع الضبابي، لقي 116 جنديًا من القوات الحكومية مصرعهم، في قصف استهدف معسكر الاستقبال في منطقة الميل غربي محافظة مأرب شرق البلاد، ناهيك عن إصابة 70 آخرين في الهجوم، الذي لم تتبنه أي جهة حتى الآن.

وفي العشرين من كانون الثاني/يناير 2020، سقط صاروخ باليستي قرب المنطقة العسكرية الثالثة بمحافظة مأرب شرقي اليمن، ما أسفر عن سقوط خمسة جرحى، كانوا يتواجدون في أحد الأماكن  القريبة من مكان الانفجار. بعدها، استهدف صاروخ يوم أمس الخميس، منزل النائب في برلمان الحكومة الشرعية، مسعد السويدي، ما أوقع قتلى بين أقاربه.

تصعيد جديد.. هل للإمارات دور؟

مائة وستة وثمانون قتيلًا وجريحًا من قوات الجيش اليمني، معظمهم ينتمي للواء الرابع حماية رئاسية، بقيادة العميد مهران القباطي الذي غادر العاصمة المؤقتة عدن عقب اشتباكات مع مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، والتي أفضت إلى سيطرة المجلس على المدينة.

كان من المتوقع أن تعود هذه القوات إلى العاصمة المؤقتة عدن خلال الأيام القادمة، وفق اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والانتقالي، لكنها اُستهدفت قبل ذلك، ما فتح تكهنات حول الجهة التي تقف وراء الاستهداف. ويُعتبر مهران القباطي العدو اللدود للسلطات في أبوظبي، وأيضًا للمجلس الانتقالي في عدن. وسبق أن تعرض اللواء الرابع حماية رئاسية في عدن لغارات جوية من مقاتلات إماراتية في آب/أغسطس الماضي، خلال المواجهات التي شهدتها العاصمة الموقتة عدن بين القوات الحكومية ومسلحي المجلس الانتقالي.

وفي حين اتهم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ووزارة الدفاع اليمنية وقيادة الجيش اليمني وجهات حكومية أخرى الحوثيين، بالوقوف وراء الهجوم، واعتبرته انتقامًا حوثيًا لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قتل بغارة أمريكية في العراق، فإن الجماعة المدعومة من طهران، لم تتبن الهجوم بشكل رسمي، كما تفعل في كثير من الأحيان.

وعلى العكس، فقد نفى مسؤول حوثي وقوف جماعته وراء الهجوم، قائلًا إنه لو كانت الجماعة هي من استهدفت المعسكر لتبنت الهجوم. وقال محمد البخيتي وهو عضو بالمكتب السياسي الأعلى للجماعة، في تصريح لقناة الجزيرة، "لم نتبن هجوم مأرب ولو نفذناه لأعلنا عن ذلك". الأمر نفسه حدث مع استهداف مجلس النائب اليمني، حيث لم تعلن الجماعة أي مسؤولية عن الهجوم.

أصابع اتهام أخرى وجهها متابعون وناشطون يمنيون، نحو الإمارات العربية المتحدة، الدولة الثانية في تحالف الحرب على اليمن، بالتسبب بالتصعيد الأخير في البلاد، خصوصًا وأن القوات التي تم استهدافها تتبع ألوية الحماية الرئاسية درع الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، وكان من المفترض أن تعود لمقرها في المدينة، خلال الأيام القادمة.

وزير النقل في الحكومة الشرعية صالح الجبواني، طالب باجتماع عاجل للحكومة اليمنية في الرياض للخروج بطلب لجنة تحقيق دولية في هذه الحادثة، التي وصفها بـ"المجزرة". وكان  قائد اللواء الرابع حماية رئاسية العميد مهران القباطي قد دعا في بيان له إلى تشكيل لجنة لمتابعة ومعرفة الجهة التي تقف خلف هذا الهجوم الذي تعرض له جنوده .

وفي ذات السياق اتهم كتاب ومحللون سياسيون، من بينهم سعوديون، من "يسعون لتقويض الوحدة" اليمنية، بالوقوف وراء التصعيد، في إشارة إلى أن هؤلاء الجنود كانوا في طريقهم إلى عدن، وهو الأمر الذي ترفضه أبوظبي والمليشيات التابعة لها.

القيادي في "المقاومة الجنوبية" عادل الحسيني، اتهم من جانبه الإمارات ضمنيًا بالوقوف وراء الهجوم. وفي تغريدة على "تويتر" إن "الكتيبة التي تم استهدافها في مأرب  تتبع القائد مهران القباطي العدو اللدود للإمارات ولكن سيتبناها الحوثي والحليم تكفيه الإشارة!".

 

وعقب الحادثة، اشتعلت المعارك في جبهتي صرواح ونهم شرقي العاصمة صنعاء والعديد من جبهات القتال الأخرى، بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثيين، وأدت المواجهات إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، ناهيك عن زيادة أعداد الغارات الجوية لمقاتلات التحالف السعودي الإماراتي. 

وبحسب مراقبين فإنه من المتوقع أن تزداد حدة التصعيد بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثيين في جبهات القتال المختلفة عقب الحادثة، ناهيك عن فشل تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، لانهيار الثقة بين الطرفين، وتستر الطرف الذي يقف وراء الهجوم.