دمت: فوهة بركان نشأت بالمقلوب

المدنية أونلاين ـ متابعات خاصة :

تتخذ كل البراكين في العالم شكلاً مخروطياً، على هيئة مثلث، تضيق فوهته من الأعلى، وتتسع قاعدة البركان أكبر وأكبر من الأسفل. لكن فوهة بركان دمت عكس ذلك تماماً مما يجعلها اعجوبة حقيقة بنظر الجيولوجيين. ففوهة دمت تتسع من الأعلى وتضيق أكثر وأكثر كلما اتجهت الى الأسفل.

ويصنف الجيولوجيين دمت باعتبارها مدينة نائمة على فوهة بركان ملتهب. حيث فقد هذا البركان نشاطه منذ زمن سحيق. حيث كانت قديماً متنفساً لذلك لبركان هائج. كان البركان عنيفاً، ومن دمت تنفس ليخلف وراءه هذه المنطقة التي تعد قطعة من عصر الثورات البركانية التي شهدتها المنطقة في العصر "الثلاثي" وفقاً للدراسات الجيولوجية.

ونتيجة لذلك النشاط البركاني الهائل، خلف البركان منطقة غنية بالمياه الكبريتية الساخنة وفوهات بركانية طبيعية ضخمة ونادرة. فبعد سلسلة الثورات البركانية فقد هذا البركان في دمت نشاطه. وجعلت معادنه المنصهرة تجعل من المياه حمامات حارة تندفع بقوة من باطن الأرض عبر عيون طبيعية ساحرة. كما يرفع بها عبر منافذ الأحواض والآبار المفتوحة من قبل بعض المستثمرين بغرض تغذية حماماتهم بالمياه المعدنية الساخنة. لتلبية احتياج الوافدين والسياح إلى تلك المياه التي يبحثون عنها للاستشفاء والعلاج والتي أكد الخبراء الدوليون أنها تصلح للكثير من الأمراض الشائعة والمستعصية.

وبحسب احدى المصادر، فإن هذه الفوهات البركانية أصبحت تزين وجه المنطقة في دمت، وتتناثر في جغرافيا دمت عدد من الفوهات البركانية الساحرة والمدهشة، والتي تعرف علمياً باسم "النتوءات الكلسية"، فيما تعرف شعبياً "الحرضات" بحسب ما يطلق عليها السكان المحليون، لكونها تشبه الوعاء الشعبي (الحرضه) أو ما يسمى حرضة "السلتة" المستخدمة في الموائد اليمنية.

دمت: الموقع والتاريخ

تقع حرضة دمت، في مدينة دمت التابعة لمحافظة الضالع، وهي من مستوطنات السكنى القديمة للإنسان بحكم محيطها الجغرافي الخصيب وتوفر المياه بغزارة في وديانها المتفرعة من وادي بناء على مدار العام وكثرة الأشجار المثمرة والأعشاب فيها.

وفي العصور التاريخية الحضارية كانت ضمن إطار مناطق نفوذ الدولة الأوسانية ثم آلت إلى وريثتها الدولة القتبانية من (القرن السابع قبل الميلاد) حتى أفول الدولة القتبانية في مطلع (القرن الأول الميلادي) وقعت تحت سلطة الريدانين حتى مطلع (القرن الخامس الميلادي) وتركت مراحل تعاقب الحضارات على مديرية دمت الغنية بمواردها الزراعية وحماماتها الطبيعية المعدنية والكبريتية العلاجية كثيراً من الشواهد الأثرية مثل:

فوهة بركان دمت

في طليعة التغيرات التي أحدثتها الثورة البركانية "التغيرات الظاهرية" وعلى رأسها مجموعة من الفوهات المتناثرة على قمم وقيعان دمت بلغ عددها 7 فوهات (حرضات) متفاوتة الأحجام والأشكال.

جميعها عبارة عن هضاب كلسية مخروطية عريضة القاعدة يقل عرضها كلما ارتفعت إلى الأعلى ومجوفة من الداخل إضافة إلى أعماق تجاويفها المتفاوتة التي لا تخلو من وجود المياه الهائجة في غليانها بشكل دائم والتي لو سقط حيوان أو إنسان في قعرها لسلق جسده خلال بضع دقائق من شدة فورانه.

أكبر تلك الفوهات (الحرضة الكبرى) أو بالأصح (فوهة البركان الأكبر) الواقع شرق مدينة دمت والتي يراها القادمين إلى المدينة من الاتجاهين (على بعد 3 كم). وتقع قاعدتها على مساحة تقدر حوالي 200 متر مربع. أما ارتفاعها يصل إلى حوالي 100 متر. وتصل مساحة علوها إلى حوالي 100 متر مربع. كما أن فوهة البركان الأكبر يصل قطرها إلى حوالي 50 متر وعمقها يصل تقديرياً لقرابة 120 متر. وتتفاوت المسافات بين جدار الفوهة وحافة البركان الخارجية أو كما تسمى بالحرضة بحوالي 20،25، 35، 40 متراً بكل اتجاهاته الملتوية.

حمامات المياه الكبريتية

تشير الدراسات والأبحاث التي أجريت على اختبار المياه الكبريتية لحمامات دمت الكبريتية أنها تتمتع بخصائص علاجية هامة طبقا لتلك الدراسات والأبحاث وهي مياه من نوع الكالسيوم ـ البيكربون ـ الكلوري، ومؤشرها الهيدروجيني يصل إلى (6,9 ) وهي من المياه النادرة التي تتميز بخصائص علاجية واستشفائية محبذة لدى الكثير من الناصحين والمختصين في مجال التداوي الطبيعي بالمياه البركانية.

وبحسب المصادر، كانت عدد الحمامات الحارة داخل مدينة دمت تقدر بقرابة 20 حماماً موزعة على مساحة لا تزيد عن 1,5 كيلومتر مربع، بعض منها توقف عن العمل نتيجة الإهمال وجفاف ينابيعها، والبعض الآخر بسبب منافسة الحمامات الحديثة التي أقامها مستثمرون بمواصفات حديثة، بملحقات للإقامة والسكن، جعلتها أكثر جذبا للزوار من مختلف مناطق اليمن. وهناك حمامات خاصة داخل بعض منازل المدينة وهي غير مفتوحة للعموم فيما المفتوحة لعموم الزائرين حاليا هي 9 حمامات فقط تنساب في بعضها المياه الحارة من الينابيع الصخرية العلوية، والبعض الآخر تتدفق مياهها من فوهات أرضية بغزارة وقوة كبيرة. وتتفاوت كميات المياه المتدفقة من ينبوع إلى آخر حيث تصل في أكثرها غزارة إلى 80 لترا إلى 70 لترا في الثانية وفي أدناها تقدر بحوالي 20 إلى 15 لترا في الثانية.

المصدر: حلم أخضر