دبلوماسي بريطاني: المنظمات سهّلت صعود الحوثيين وحرفت مسار الأزمة اليمنية

في اعتراف نادر وغير مسبوق، كشف السفير البريطاني الأسبق لدى اليمن، إدموند فيتون براون، أن منظمات إنسانية كبرى مثل أوتشا، أوكسفام، والعفو الدولية لعبت دورًا جوهريًا في تغيير موقف المجتمع الدولي من الحرب في اليمن، بما صبّ عمليًا في مصلحة جماعة الحوثي وساهم في تقويض الدعم الدولي للحكومة اليمنية الشرعية.

وفي مقال نشره منتدى الشرق الأوسط، انتقد فيتون براون ما وصفه بـ"الانحراف الخطير" في السياسة الدولية تجاه اليمن، مشيرًا إلى أن الاستجابة الدولية التي كانت في بدايتها عام 2014 موحدة وواضحة، انتهت إلى اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018، الذي اعتبره "اتفاقًا مشينًا" منح الحوثيين اعترافًا سياسيًا غير مستحق، ومكّنهم من استغلال الملف الإنساني للضغط على المجتمع الدولي وابتزازه.

وأشار السفير الأسبق، الذي شغل منصبه بين عامي 2015 و2017، إلى أن التحالف العربي بقيادة السعودية تدخل عسكريًا بطلب رسمي من الحكومة اليمنية، ووفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، في مواجهة تحالف غير شرعي بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي سعى للعودة إلى السلطة عبر وسائل غير دستورية، معتمدًا على ميليشيا لا تمثل التنوع اليمني الحقيقي وتحمل مشروعًا طائفيًا مدعومًا من إيران.

وانتقد فيتون براون بشدة ما أسماه بـ"اللوبي الإنساني"، الذي تشكّل من منظمات دولية استخدمت خطابًا إنسانيًا ضيق الأفق، فاق في تأثيره قرارات وزارات الخارجية نفسها، ودفع باتجاه تقييد العمليات العسكرية ضد الحوثيين. وأكد أن هذا اللوبي كان أكثر انزعاجًا من الغارات الجوية للتحالف من الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها الحوثيون، والتي شملت القتل والتعذيب والاعتقالات التعسفية، متهمًا وسائل الإعلام الغربية بتغطية منحازة وغير دقيقة لتطورات الصراع.

وأضاف أن محادثات الكويت عام 2016، واتفاق ستوكهولم لاحقًا، جسّدا ميل المجتمع الدولي لتلبية مطالب الحوثيين، مقابل غياب الالتزام الجاد من جانبهم بأي حل سياسي. وأشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جون كيري، تبنّى نهجًا تصالحيًا مع الحوثيين تحت تأثير سلطنة عُمان، ما ساهم في إضعاف موقف الحكومة الشرعية.

وفي قراءته للواقع الراهن، أكد فيتون براون أن استمرار تهديد الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر لن يتوقف ما لم يُمزق اتفاق ستوكهولم، داعيًا إلى عودة الدعم الدولي لإعادة السيطرة على مدينة الحديدة والساحل الغربي. وانتقد تراجع الحماسة السعودية، مشددًا على أن الموقف يتطلب تدخلاً مباشرًا من واشنطن، خاصة في ظل ما وصفه بوضوح إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في دعم حلفائها الإقليميين.

وفي ختام مقاله، شدد على أن إيران تظل المصدر الأساسي لزعزعة الاستقرار في اليمن والمنطقة، من خلال دعمها للحوثيين وحزب الله والمليشيات العراقية، داعيًا إلى إعادة ضبط السياسة الأمريكية تجاه طهران، وعدم الرهان على الاتفاقيات المرحلية مثل "خطة العمل الشاملة المشتركة"، التي تمنح النظام الإيراني مزيدًا من الوقت دون تغيير سلوكه، بل تُستخدم كأداة للمناورة السياسية.

كما قال: "لن تتغير طبيعة الجمهورية الإسلامية أو الحوثيين، بل سيتغير سلوكهم فقط إذا تم إجبارهم على ذلك".