
أردوغان: تركيا مستعدة لتحمل المسؤولية لحقن الدماء بغزة
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إن أنقرة مستعدة لتحمل المسؤولية لمنع مزيد من إراقة الدماء والدمار والدموع في قطاع غزة.
جاء ذلك في كلمة خلال منتدى قناة "TRT World" التركية الإنجليزية، الذي انطلق الجمعة في إسطنبول تحت شعار "الازدهار معا: المسؤوليات والإجراءات والحلول".
وقال الرئيس أردوغان، إن "تركيا مستعدة لتحمل المسؤولية لمنع المزيد من إراقة الدماء وحدوث الدمار وذرف الدموع".
ولفت إلى مقتل صحفي كل يوم في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ أكثر من شهرين، واستهجن قائلا: "لكن المؤسسات التي تتشدق بحرية الصحافة منذ سنوات لا تقول شيئا".
وتابع: "أكثر من 70 إعلاميا قُتلوا في غزة، أين العالم؟ أين وسائل الإعلام العالمية الشهيرة؟ لماذا لا نسمع صوتها؟ لدينا شهيد من وكالة الأناضول ومصور مصاب في غزة".
وأضاف: "للأسف الأبرياء هم من يدفعون ثمن كل لحظة تضيع دون تحقيق سلام دائم، وليس الغرب الذين يصبون الزيت على النار".
وهنأ أردوغان قناة "تي آر تي" ووكالة الأناضول والمؤسسات الإعلامية التركية على فتح اتصال حيوي من غزة إلى العالم رغم كل أنواع المخاطر.
ولفت إلى أن تحالفات الإعلام العالمية "تحاول التغاضي عن الوحشية في غزة والتذرع بوجود حركة حماس لإضفاء شرعية على المذبحة بحق الصحفيين".
وأردف: "بتنا ندرك بشكل أفضل أن المنظمات الدولية المسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين لا تملك القدرة على حل المشاكل".
وتابع: "أعتقد أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وأعوانه سيحاكمون بالطريقة نفسها التي حوكم وأدين فيها (الرئيس الصربي السابق سلوبودان) ميلوسوفيتش (جزار البلقان) وسيدانون في نهاية المطاف. إنهم (نتنياهو وداعميه) إرهابيون وسيحاكمون بالتأكيد بمحكمة العدل في لاهاي".
وأشار إلى أن إسرائيل لا تستطيع كسر عزيمة المقاومة التي يتحلى بها سكان قطاع غزة رغم كل همجيتها، وأنها تخسر أيضا الحرب الدعائية في وسائل الإعلام.
وأضاف: "إذا لم نتمكن من منع وحشية إسرائيل فلن يشعر أحد في أي مكان بالعالم بأمان".
وقال: "نمر بمرحلة مؤلمة للغاية على الصعيد العالمي، وخاصة المجزرة المستمرة في غزة، ونعيش في زمن نحتاج فيه إلى السلام، وخاصة السلام العادل أكثر من أي وقت مضى".
وأكد الرئيس أردوغان أن الصحافة وخاصة الحرة منها التي لا تؤجر قلمها وشاشتها للقوى العالمية، باتت حاجة لا يمكن الاستغناء عنها للديمقراطيات.
وأضاف: "ليس عبثا أن تعتبر الصحافة القوة الرابعة إلى جانب السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية من أجل ديمقراطية سليمة وفعالة".
ولفت إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة بكل شراسة، مبينا أن خطة السلام التي طرحت بجهود تركيا في الأشهر الأولى من الحرب أصبحت قيمتها مفهومة بشكل أفضل يوما بعد يوم.
وأكمل: "بات واضحا الآن كيف أن الذين أججوا النار في ذلك الوقت بدلا من إطفائها قبل أن تتفاقم، ألحقوا ضررا كبيرا بمنطقتنا والعالم أجمع".
واستطرد الرئيس التركي أن المجازر المتواصلة في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ذكرتهم بأهمية الصحافة العادلة وصاحبة الضمير وليس الحرة فقط.
ولفت إلى أن إسرائيل قتلت وما زالت تقتل الصحفيين أيضا وهم يسعون للقيام بواجبهم في ظل ظروف صعبة للغاية، مؤكدا أن الأسوأ من هذا هو تقبل المؤسسات الإعلامية العالمية للأمر.
وأوضح أن من لا يرفعون صوتهم ضد مقتل الصحفيين في غزة اليوم، لن يكون لهم الحق في التحدث عن أي قضية أخرى مستقبلا.
وزاد: "الشيء الأساسي هو التحدث والكتابة وشرح الحقيقة اليوم، والقدرة على إيصال صرخات المضطهدين والضحايا، ووسائل الإعلام التركية تسعى للقيام بذلك وتحقيقه".
وأعرب أردوغان عن تقديره لجهود مكافحة المعلومات المضللة في مواجهة آلة الدعاية الإسرائيلية المليئة بالأكاذيب.
وتطرق أردوغان إلى استشهاد مصور وكالة الأناضول منتصر الصواف في غزة جراء قصف إسرائيلي، وقال: "لدينا شهيد من وكالة الأناضول، ومثلما واضح هنا (مشيرًا إلى صورة كاميرا مكسرة) لدينا كاميرا جريحة، أين؟ في غزة".
ولفت إلى أن مركز (مكافحة المعلومات المضللة التابع لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية) فضح أكثر من 130 كذبة إسرائيلية، مؤكدا أهمية ذلك.
وشدد على أنه رغم تحطيم القوات الإسرائيلية كاميرات تصوير الحقيقة الخاصة بالصحفيين الأتراك، فإنها لم تتمكن من منع ظهور الحقيقة.
وأردف: "أود أن أعرب عن شكري للإعلاميين الذين أظهروا جهدا وتضحيات استثنائية وأوصلوا المأساة الإنسانية في غزة للعالم، وأترحم على الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في الهجمات الإسرائيلية".
ولفت أردوغان، إلى أن "بعض الدول الغربية تتصرف بإحساس بالحرج، رغم أنها تعرف جيدا الجرائم التي ترتكبها إسرائيل".
وبيّن أن الإدارة الإسرائيلية الحالية "تستغل المحرقة كذريعة تحاول، للأسف، إسكات العالم بها".
وأضاف "معاداة السامية التي نقول في كل فرصة إننا نعتبرها غير إنسانية، يؤججها نتنياهو وشركاؤه لتحقيق مكاسب سياسية، فلا مأساة المحرقة ولا الاتهام بمعاداة السامية يمكن أن تكون ذريعة للبقاء صامتين بشأن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل".
وتابع الرئيس التركي، "مستقبل غزة والشعب الفلسطيني بشكل عام ليس تعويضا يمكن أن يقدمه أولئك الذين يمتلكون عقلية أنهم مدينون لإسرائيل، فنحن لا نقبل مطلقًا الاستخدام الوحشي لوسائل الإعلام لإضفاء الشرعية على مثل هذا السيناريو القذر والدموي وغير الأخلاقي".
وشدد أنه "على جميع أصحاب الضمائر الحية، وخاصة الإعلاميين، أن يكونوا شجعانًا وأصحاب موقف، ويقولوا الحقيقة بقلب مستريح".
وشدد أردوغان، على أن "الحكومات في الولايات المتحدة والدول الأوروبية تلحق الضرر الأكبر بنفسها من خلال تجاهل صرخات الشعب الفلسطيني، وخاصة المضطهدين في غزة".
وأكد أن حكومته ستواصل تحركها الدبلوماسي المكثف والمساعدات الإنسانية لغزة.
وقال الرئيس التركي، "كل حادثة نشهدها، تُظهر مدى صوب اعتراضنا، الذي طرحناه لسنوات، بالقول: العالم أكبر من خمسة".
وأضاف "أنا على يقين من أن العجز الذي أظهره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بصفته أهم آلية تعاون وأمن عالمية في قضية غزة، آلمت قلوبكم كما آلمت قلوبنا، ومع الأسف فجهود الأمين العام أنطونيو غوتيريش، لترجمة الضمير المشترك للإنسانية، تتعرض للإفشال من قبل أعضاء بالمجلس".
وأشاد أردوغان، بتفعيل غوتيريش للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، وهنأه على هذه الخطوة (وصف الوضع في قطاع غزة وإسرائيل باعتباره "تهديدا للسلم والأمن الدوليين).
وأكد أنه لم يعد بوسعهم الوقوف مكتوفي الأيدي "ومشاهدة الأبرياء يدفعون ثمن الآليات (الدولية) الحالية غير القادرة على إنتاج حلول يحتاجها العالم والإنسانية".
وأضاف "تحرُكنا بشكل فوري بات لزامًا، وإلا فلا مفر من أن نقع في قبضة الفوضى، التي ستجعل العالم غير صالح للسكن".
وخلال حفل افتتاح المنتدى، تم عرض فيلم قصير يتحدث عن بحث العالم عن "مفتاح السلام"، شارك فيه مجموعة أطفال يمثلون مناطق مختلفة الأكثر تضررا من الحروب في العالم.
وعقب العرض، قدم الأطفال المشاركون في الفيلم "مفتاح سلام العالم" للرئيس أردوغان، ممثلًا عن جهود السلام، الذي أظهرتها تركيا، حيث قبّل أردوغان، يد أحد الأطفال، واحتضن جميع الأطفال، والتقط معهم صورة تذكارية.