ليندركينغ: متحمسون لزيارة بايدن إلى السعودية وعلى الحوثيين تنفيذ الهدنة (حوار)

المدنية أونلاين/صحف:

تخيل أن تكون مبعوثاً خاصاً لرئيس الولايات المتحدة إلى اليمن. إنها وظيفة إنسانية. مثيرة. محفزة. تستطيع استخدام أي صفة؛ لكنك لن تتجرأ على أن تقول إنها وظيفة سهلة.

تخيل أن تكون صحافياً، وتحضر منتدىً دولياً يمنياً في السويد، وتراقب المبعوث الأميركي، وتصاب بقليل من التشتت: هل يوجد أكثر من مبعوث؟ ففي الجلسات المفتوحة يبرز كلما ألقيت نظرة متسللة، وفي ورشات العمل يساهم بفاعلية، وفي البهو الأساسي لمقر المنتدى، لن تجده يتحدث جانباً بشكل متكرر، بقدر ما تجده آتياً من الغرف المخصصة للاجتماعات الثنائية. وفي إحداها؛ اقتنصت صحيفة «الشرق الأوسط» 15 دقيقة من وقت المبعوث الذي اتجه بعد السويد إلى جولة مكوكية أخرى في المنطقة.

تخيل أن تكون حوثياً، وتتابع كيف بدأت مهمة تيم ليندركينغ؛ المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، وتعرف يقيناً أنها تزامنت مع تركيز أميركي على الحل السلمي وصناعة زخم دبلوماسي للملف اليمني... ستعمل وجماعتك على إحباط ليندركينغ ورئيس ليندركينغ الذي واجه انتقادات على مجانية إزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب كما أحبطت اليمن وجيران المنطقة. ومضى عام 2021 بتصعيد داخلي وخارجي لم يتوقف إلا عندما تيقنت الجماعة من أن مأرب لن تسقط، وأن العمل العسكري لم يفلح في الحصول على أي نتيجة. وأن الحل السلمي هو الأهم.

تخيل أن تكون يمنياً؛ من المؤكد أن أبرز ما سيسيطر على متابعاتك خلال شهر يوليو (تموز) المقبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية. والزخم الذي يرافق الزيارة، وانعكاس ثمارها على الملف اليمني.

سألت صحيفة «الشرق الأوسط» المبعوث الأميركي إلى اليمن عن الملف اليمني في الزيارة، فقال: «نحن متحمسون جداً؛ لأن الرئيس بايدن سيتوجه إلى السعودية. أعتقد أنه انعكاس لحقيقة أن هناك قدراً كبيراً من الأهمية المعلقة على العلاقات الأميركية ـ السعودية أولاً وقبل كل شيء. لكن من دون أدنى شك؛ أعتقد أن التقدم الذي يشهده اليمن يسهل مثل هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات... وإذا قرأت الإعلان العام للزيارة فستلاحظ أن اليمن يحتل موقعاً بارزاً في جميع التصريحات المرتبطة. لذا؛ أعتقد أنها ستكون مناقشات بناءة للغاية حول اليمن خلال هذه الزيارة».

«هل هناك أي مفاجآت؟»؛ يجيب المبعوث: «أعتقد أن التفاصيل ستكون أوضح كلما اقتربت الزيارة، وأعتقد أن الرئيس مسرور جداً لرؤية أن هناك هدنة في اليمن تعود بفوائد ملموسة على الشعب اليمني. وأن الدبلوماسية الأميركية دعمت بقوة العملية التي تقودها الأمم المتحدة»... يكمل قائلاً: «بالطبع نحن نقدر الخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية والحكومة اليمنية لدعم الهدنة وتنفيذ بنودها. وسيود الرئيس أن يعرب عن تقديره لذلك. وبالمثل مع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لإظهار دعمها هذا الأمر. وأعتقد أن هذا التجمع سيكون مهماً للغاية؛ لملفات متعددة».

تمديد التمديد

تخيل أن تكون من سكان تعز، وتشاهد الهدنة؛ التي بدأت في أبريل (نيسان) لمدة شهرين، وجرى تمديدها شهرين آخرين حتى أغسطس (آب)، تنعكس على كثير من المناطق اليمنية: مطار صنعاء، وسفن الحديدة، ووقف النار في الجبهات... إلا محافظتك التي تعيش حصاراً منذ 7 أعوام، وهي من بنود الهدنة التي يقر المبعوث بأنه الوحيد الذي لم ينفذ.

وتختلف الحكومة اليمنية مع الحوثيين؛ رغم اجتماعهم في جولتي مفاوضات بالعاصمة الأردنية عمّان، حول الطرق المراد فتحها. وتصر الحكومة على فتح طريق رئيسية في الحوبان (شمال غربي المحافظة) وتريدها واضحة لكي تسهم في وصول الناس والحركة التجارية، ولكي تكون أي محاولة حوثية لإغلاقها لاحقاً بارزة للعيان، فيما يتذرع الحوثيون بمخاوف أمنية.

يقول المبعوث: «نعتقد أنها مسؤولية الحوثيين، وعليهم تطبيق الهدنة، وهناك ضرورة إنسانية واضحة للغاية؛ فثالثة كبرى مدن اليمن مقسمة إلى قسمين. أهالي تعز يعيشون في ظروف شبيهة بالحصار؛ العائلات منقسمة، والخدمات الطبية والموارد الطبية أيضاً منقسمة. وبالتالي؛ نشعر بقوة بأن الاعتبارات الإنسانية لفتح هذه الطرق الرئيسية يجب أن تكون أولوية خلال الأسابيع القليلة المقبلة».

وحول تمديد الهدنة، يشدد ليندركينغ على مساعي تثبيتها، ويقول: «بكل تأكيد؛ نأمل تثبيت هذه الهدنة الحالية التي تم تمديدها حتى 2 أغسطس مرة أخرى. ومن المهم جداً أن يلتزم الطرفان ببنود الهدنة التي سبق أن اتفقا على القيام بها...».

«...لقد رأينا سفناً نفطية تصل إلى ميناء الحديدة وتفرغ حمولتها. لقد رأينا رحلات تجارية من مطار صنعاء. أعتقد أن اليمنيين والمجتمع الدولي يتطلعان إلى حدوث اختراق حول ملف فتح المعابر والطرق؛ لا سيما في تعز، بوصفها أحد الخطوط العريضة للاتفاق»... يكمل الدبلوماسي الأميركي قائلاً: «يظهر أنه كلما تم فتح هذه الطرقات للحركة التجارية وتعزيز التنقل والوصول لليمنيين؛ فإننا سنرى حلاً أكثر استدامة، ويمكننا حقاً البدء في تصور وقف إطلاق نار أكثر ديمومة. لكن هذه أولاً وقبل كل شيء مسؤولية الأطراف نفسها. ويجب عليهم تنفيذ ما اتفقوا على تنفيذه».

ويعيد المبعوث الأميركي التذكير بأن «هناك تركيزاً كبيراً على تعز لفتح الطرق فيها، وطرق أخرى أيضاً في هذه المرحلة، وهي البند الوحيد في الهدنة الذي لم يتم تنفيذه إلى الآن، وحقيقة أنه تم عقد اجتماعات على هذه الطرق أمر مهم. كانت لقاءات جمعت الطرفين معاً، ولذا حان الوقت أن تسفر تلك الاجتماعات عن نتائج، ونعتقد أن دول الخليج المجاورة تؤيد ذلك؛ لأنهم جميعاً أيدوا الهدنة. وبالتالي؛ أرى أننا إذا كنا نتحدث عن الخطوات التي يجب اتخاذها لمعالجة الأولويات الإنسانية، فإن فتح الطرق في تعز هو بالتأكيد في المقدمة. وأعتقد أن كل جيران اليمن يتطلعون إلى رؤية هذا يحدث».

لعنة «صافر»

يشكل خزان «صافر»؛ الذي تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يتعاملون معه كرهينة، تحدياً أمام الأمم المتحدة التي تقود نقاشات حول إنقاذ وتحييد خطر ناقلة النفط العائمة والمتهالكة، والتي تربض قبالة الحديدة منذ عام 2015 وتحمل ما يربو على مليون برميل نفط وقد يؤدي تآكلها المتزايد إلى كارثة بيئة كبرى.

وبسؤال ليندركينغ عن آخر التطورات، قال: «لقد تعهدت السعودية حديثاً بتقديم 10 ملايين دولار، كما تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 10 ملايين دولار، إضافة إلى تعهدات أخرى من الاتحاد الأوروبي وأيضاً قطر، وتعتقد الأمم المتحدة أنها تمكنت من توفير 60 مليون دولار؛ مما يعني أننا نقترب من تحقيق الهدف المنشود وهو 80 مليون دولار».

ويعتقد الدبلوماسي الأميركي أنه إذا ما تقدمت دول أخرى في المنطقة وأيضاً القطاع الخاص «فسنكون اقتربنا من المبلغ المنشود، وبالتالي البدء بتفريغ الناقلة ونقل السفينة إلى منطقة أكثر أماناً، وبذلك سوف نمنع الكارثة البيئية التي أعتقد أنها تفزعنا جميعاً».

«من سيبيع النفط؟»، يجيب ليندركينغ: «هذه خطة للأمم المتحدة؛ كما تعلم. قادت الأمم المتحدة المفاوضات بشأن هذا المشروع حتى الآن، مما أدى إلى توقيع مذكرة تفاهم في مارس (آذار) من العام الحالي... لم تتم معالجة كيفية التخلص من الخطر حول الناقلة، وسيتم تحديد ذلك لاحقاً، لكننا إذا لم نتحرك بسرعة؛ فإن كل هذا النفط يتجه إلى البحر الأحمر، وسيؤدي إلى انتكاسة التجارة العالمية، وصيد الأسماك، والسياحة، ولن يكون هناك نقاش حول ما سيحدث للنفط. لذا؛ نحن بحاجة إلى العمل الآن لمعالجة هذا الوضع العاجل».

رحلة إلى عدن

شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن زيارات دولية. الرسالة الأبرز كانت ساطعة، وتتمثل في دعم المجلس الرئاسي اليمني. يقول ليندركينغ: «ذهاب المبعوث الأميركي الخاص (لليمن) والسفير (الأميركي) الجديد معاً يظهر حقاً مدى التزام الولايات المتحدة بالقيادة اليمنية الجديدة... لقد عقدنا اجتماعات ممتازة مع القيادات؛ بمن فيهم رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس وأعضاء المجلس الرئاسي، وكنا على دراية جيدة بالتحديات التي يواجهها المجلس سعياً وراء تلبية الأولويات واحتياجات الشعب اليمني». وكرر التأكيد على أن «الولايات المتحدة تقدم دعمها لمجلس القيادة الرئاسي. وتتمنى له النجاح حقاً في تحقيق فائدة ملموسة لليمنيين. وهذا يعني أيضاً دعماً قادماً من المجتمع الدولي».