وزير الخارجية: السيناريو الأفغاني لن يتكرر في اليمن والحل سياسي فقط (حوار)
قال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إن سيناريو سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية لا يمكن أن يتكرر في اليمن حال انسحاب التحالف العربي لدعم الشرعية، معتبرا أنه لا وجه للمقارنة.
وفي حوار مع موقع ”إرم نيوز“ الإماراتي، قال بن مبارك: ”لا يوجد وجه للمقارنة بين تحالف دعم الشرعية في اليمن، وبين القوات الأمريكية والأجنبية المتواجدة في أفغانستان، حيث إن تحالف دعم الشرعية لا يتواجد بقوات عسكرية على الأرض في اليمن، فمن يحارب الميليشيات الحوثية هي قوات الجيش الوطني، وكذلك من يساندهم من أبناء القبائل ورجال المقاومة“.
وتابع: ”صحيح أن هناك دورا مساندا في ما يتعلق بالطيران من قبل تحالف دعم الشرعية، ولكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنته بالقوات الأجنبية التي كانت متواجدة في أفغانستان، واليمنيون هم من يرفضون بكافة أطيافهم أن يحكمهم في القرن الواحد والعشرين، نظام يقوم على الطائفية والتفوق العرقي السلالي، هذا المشروع رفضه اليمنيون قبل 6 عقود، ولا يمكن أن يتقبلوه اليوم“.
وتعليقا على تطورات الأوضاع في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على الحكم، قال الوزير اليمني: ”نحن نرفض استخدام العنف والقوة لتحقيق مكاسب سياسية من أي طرف وتحت أي وضع، وهذا موقف ثابت للحكومة اليمنية، ونؤمن بالحوار والمشاركة السياسية لكافة الأطراف والمكونات الوطنية، وما حدث في أفغانستان هو مؤشر للمجتمع الدولي الذي ينبغي أن يحمل صوتاً موحداً ينبذ فيه استخدام العنف لتحقيق أغراض سياسية، كما ينبه إلى أهمية دعم استقرار الحكومات والعمل السياسي، وليس الجماعات والحركات التي تنتهج العنف والعدوان المسلح“.
لا حل بالسلاح
وحول رؤيته للحل الجذري للحرب في اليمن، اعتبر بن مبارك أنه لا سبيل للحل باستخدام العنف، وأن الطريق الأوحد يمر عبر الحل السياسي.
وقال الوزير: ”سبب الحرب في اليمن هو لجوء الميليشيات الحوثية للغة العنف والقوة لتحقيق مكاسب سياسية، وها قد مرت لليوم 7 سنوات منذ انقلابها على العملية السياسية في اليمن، ولم تستطع خلال هذه السنوات تحقيق أي تقدم يذكر في مشروعها لحكم اليمن، سوى ما قامت به من تدمير للمدن والاقتصاد وقتل وتشريد ملايين اليمنيين“.
وتابع: ”لهذا فإن الحل الجذري هو إدراك هذه الميليشيات أنه لا يمكن حكم اليمنين بقوة السلاح، وأنه لا حل إلا الحل السياسي والقبول بما اتفق عليه كافة اليمنيين، بمن فيهم الحوثيون، في مخرجات الحوار الوطني الشامل بإقامة دولة مدنية اتحادية تقوم على مبادئ سيادة القانون والعدالة والمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للثروة والسلطة“.
وأضاف: ”اليمنيون لن يقبلوا بغير ذلك، مهما طال الزمن أو قصر، وعلى الميليشيات الحوثية استيعاب حقيقة الأمر والتوقف عن التصعيد العسكري والقبول بالحل السياسي“.
كل الخيارات مفتوحة
واستدرك الوزير بأن حكومته منفتحة على كل الخيارات رغم قناعتها بعدم جدوى الحل العسكري، معربا عن تمنيه تحقيق اختراق قريب في الحل السياسي.
وقال: ”كما أشرتُ سابقا، لا حل عسكريا للصراع في اليمن، ولذلك نتفاعل بإيجابية مع كل الدعوات الدولية لإنهاء هذه الحرب، وهو هدف نسعى إليه منذ اللحظة الأولى، وفي ذات الوقت، فالجيش الوطني مسنوداً برجال المقاومة في كافة الجبهات، يمثلون حائط صد منيعا أمام أي تحرك عسكري لهذه الميليشيات، فكل الخيارات أمامنا مفتوحة“.
وتابع: ”لكن حرصنا على حياة اليمنيين يجعلنا نقدم الحلول السياسية والسلمية على الخيارات الأخرى، ونأمل أن يتم تحقيق اختراق في الأيام القادمة في عملية السلام، مع الأخذ بعين الاعتبار أننا لا نرغب في إعادة تكرار المشهد نفسه، فعلينا ونحن مقبلون على أي مبادرات قادمة أن نحرص على توفر آليات حقيقية لضمان تنفيذ هذه المبادرات وألا نقبل أن تتحول بدورها إلى نماذج أخرى من اتفاق ستوكهولم، فنحن نريد سلاماً حقيقياً وشاملاً، لا سلاماً مرحليا“.
هجوم العند
وعلق الوزير بن مبارك على استهداف ميليشيات الحوثي لقاعدة العند الجوية في محافظة لحج، والذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، معتبرا أنه استمرار لجرائم الجماعة بحق اليمنيين.
وقال الوزير: ”هذا الاستهداف ما هو الا استمرار للجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي بحق أبناء شعبنا اليمني ومؤسساته العسكرية والأمنية والمدنية، ودليل إضافي على الطبيعة الدموية والعدوانية لميليشيات الحوثي، ورسالة بأن اليمن بكل جغرافيته مستهدف من هذا المشروع الطائفي والسلالي“.
المبعوث الأممي الجديد
وعن توقعات الحكومة اليمنية لما يمكن أن يلعبه المبعوث الأممي الجديد لليمن هانس غروندبيرغ، قال الوزير بن مبارك إنها تأمل أن يتلافى أخطاء سابقيه كي تنجح مهمته في إحلال السلام.
وقال: ”الحكومة اليمنية رحبت رسميا بتعيين السيد هانس غروندبيرغ مبعوثًا جديدًا للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وأكدت أنها ستواصل نهجها في التعاون والانخراط البناء، وستقدم كافة أشكال الدعم والتسهيلات لإنجاح مهامه.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في السادس من أغسطس الجاري أنها عينت السويدي هانس غروندبيرغ مبعوثا خاصا إلى اليمن خلفا للبريطاني مارتن غريفيت.
وتابع بن مبارك: ”تأمل الحكومة بأن يستلهم السيد غروندبيرغ من تجارب سابقيه، ويستفيد منها لتجنب الأسباب التي أعاقت إحلال السلام حتى الآن، وبالرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، إلا أن مفتاح السلام يقبع بأيدي اليمنيين أنفسهم، وتقع مسؤولية تحقيقه على كافة القوى السياسية والأطراف المختلفة بمن فيهم الحوثيين الذين ينبغي أن يضعوا مصلحة الشعب اليمني في المقام الأول، ويتوقفوا عن تمثيل مصالح وأجندة إيران التخريبية التي لم تجلب سوى الدمار والمعاناة الإنسانية والانهيار الاقتصادي.
اتفاق ستوكهولم
وحول المطالبات الشعبية للحكومة الشرعية بإعلان فشل اتفاق ستوكهولهم بسبب الاختراقات الحوثية المتكررة، قال الوزير: ”نتفهم كافة المطالب والدعوات التي يطلقها اليمنيون بمختلف أطيافهم وفئاتهم في هذا الشأن، ولكن ينبغي أن يدرك الجميع أننا كحكومة نتعامل مع هذه الملفات بأبعاد مختلفة، ونضع نصب أعيننا لتحقيق مصلحة اليمنيين“.
وأضاف: ”كما أننا نتمسك بداية بالتزاماتنا وتعهداتنا باعتبارنا حكومة مسؤولة أمام مواطنيها وأمام المجتمع الدولي، بعكس الحال مع الميليشيات الانقلابية التي لا تضع لمصالح المواطنين أي قيمة، ولذلك نحرص قبل القيام بأي خطوة على دراسة كافة الآثار والعواقب وخاصة تلك التي قد تزيد أو تفاقم من الكارثة الإنسانية على المدنيين“.
ولفت الوزير اليمني إلى أنه منذ توقيع اتفاق ستوكهولم وحتى اليوم لم يتحقق الشيء الكثير، ولا تزال الأمور تراوح مكانها بل وتزداد سوءًا، قائلا إنه ”لا يمكن الحديث سوى عن الانفراج البسيط في ملف تبادل الأسرى والمعتقلين، والذي ما زال حتى اللحظة لم ينفذ بشكله الكامل، نظرًا لتعامل الميليشيات الحوثية مع كافة الملفات بما فيها هذا الملف الإنساني من زاوية الاستغلال السياسي“.
اتفاق الرياض
وحول آخر التطورات المتعلقة باتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي قال الوزير اليمني إن ”الاتفاق يمثل خطوة أساسية في طريق تعزيز السلام الدائم والشامل، ونعمل بشكل وثيق مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية لاستكمال تنفيذ الاتفاق، وخاصة فيما يتعلق بالشق الأمني والعسكري“.
واعتبر أن هناك ”عددا من التحديات.. لكننا عازمون على مواصلة العمل ومعالجة كافة الإشكاليات لاستكمال تنفيذ الاتفاق، حيث نعتبر أن تنفيذه يعد متطلباً أساسياً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ما سيعمل على تحسين تقديم الخدمات العامة والتخفيف من معاناة المواطنين“.
اتهامات بالعرقلة
وردا على سؤال حول الاتهامات التي يوجهها ممثلون عن المجلس الانتقالي بوجود أطراف في الحكومة تحاول عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، قال الوزير: ”لا يمكن التعليق على كافة الآراء أو الاتهامات التي تصدر وتتنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت وغيرها، ولكن ما يمكن التأكيد عليه أن هناك روحا إيجابية وحوارا وتواصلا مع كافة الأطراف برعاية الأشقاء في السعودية“.
وتابع: ”ندرك جميعاً أن من يريد عرقلة أو إفشال تنفيذ اتفاق الرياض، هو الطرف المستفيد من إضعاف الحكومة سواءً أمنياً أو اقتصادياً، وهو بالدرجة الأساس الميليشيات الحوثية الانقلابية، التي رفضت مشروع الدولة الاتحادية ومبادئ سيادة القانون والعدالة والمساواة، والتي لا تريد أن ترى كافة اليمنيين موحدين ضد مشروعها السلالي والطائفي المدمر، كما أن هناك قوى أخرى تستفيد من الفوضى والانفلات ولا ترى مصلحتها في توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية وبسط سيادة النظام والقانون في عدن وغيرها من المناطق، لهذا يواجه استكمال تنفيذ اتفاق الرياض كما سبق وأسلفت عددا من التحديات ولكن الجميع داخلياً وخارجياً على قناعة تامة بأهمية وضرورة استكمال هذا الاتفاق، وهو ما يتم العمل عليه“.
رفع العقوبات عن نجل صالح
وحول الحديث عن المساعي لرفع العقوبات الدولية عن أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، قال بن مبارك: ”من المهم توضيح أن آلية إضافة أو رفع الأسماء من قائمة عقوبات مجلس الأمن، هو أمر مقصور على لجنة العقوبات المنشأة وفق قرار مجلس الأمن رقم 2140 (2014)، والتي تتكون من كافة أعضاء مجلس الأمن الـ15، ولدى لجنة العقوبات آلية واضحة ومعايير يتم من خلالها إضافة الأسماء في قائمة العقوبات أو رفعها، وليس للحكومة اليمنية، أو أي دولة أخرى خارج مجلس الأمن، الحق في التدخل في هذه الآلية“.
الجولات الخارجية والسفارات
وعن النتيجة التي أسفرت عنها جولات الوزير الدبلوماسية لدول أجنبية وعربية في الفترة الأخيرة، قال بن مبارك: ”خلال مختلف الزيارات التي قمت بهما لعواصم عدد من الدول العربية والأجنبية، لمست الدعم الكامل للحكومة الشرعية اليمنية، وتقدير هذه الدول والأطراف للجهود التي تبذلها الحكومة في سبيل إحلال السلام في اليمن، كما جددت هذه الدول التزامها بدعم الحكومة الشرعية ووحدة واستقرار اليمن، وكذلك دعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن“.
وحول الانتقادات التي توجه لعمل السفارات اليمنية، قال الوزير: ”السفارات اليمنية تعمل كغيرها من أجهزة الدولة في ظل ظروف صعبة وإمكانيات شحيحة، ومع ذلك فإنها تقوم بأداء المهام والإنجاز بشكل جيد في ظل العديد من التحديات، والقصور وارد بالتأكيد في أداء بعض السفارات، ونقوم بالمتابعة والتوجيه بتصحيح الأخطاء ومعالجة الإشكاليات أينما وجدت“.
سفارة واشنطن
وردا على سؤال عن شغور منصب سفير اليمن في واشنطن، بعد تعيين بن مبارك وزيرا للخارجية، قال الوزير: ”منذ اللحظة التي تم تعييني فيها وزيرًا للخارجية وشؤون المغتربين، انتهت فترة عملي كسفير لليمن في الولايات المتحدة الأمريكية، وتم إبلاغ وزارة الخارجية الأمريكية بذلك رسميًا في حينه، وصحيح أنه لم يتم بعد تعيين سفير لبلادنا في واشنطن، إلا أن هناك قائمًا بالأعمال يدير السفارة ويساعده في ذلك طاقم السفارة أيضًا المتواجد هناك، وتعيينات السفراء تتم بناءً على إجراءات قد تأخذ في بعض الأحيان وقتا يطول أو يقصر، ولكن بالتأكيد سيتم في القريب تعيين سفير في واشنطن وفي بقية السفارات الشاغرة“.
العمالة اليمنية في السعودية
وحول جهود الوزراة لمساعدة اليمنيين العاملين في السعودية، بعد القوانين التي سنتها المملكة مؤخرًا بخصوص العمالة الأجنبية على أراضيها، قال الوزير بن مبارك: ”يحظى اليمنيون عمومًا والعمالة اليمنية بشكل خاص، بمكانة ومعاملة متميزة في المملكة نتيجة للعلاقات التاريخية بين البلدين، وللكفاءة والجدارة التي تتميز بها العمالة اليمنية أيضًا، وهناك جهود كبيرة على مستوى قيادة الدولة ممثلة برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وتوجيهات ومتابعة للحكومة، للتنسيق على كافة المستويات مع الأشقاء في المملكة، لضمان تعزيز التنسيق في ما يتعلق بحل كافة الإشكاليات، التي قد تواجهها العمالة اليمنية“.