بعد مرور عام على توقيع المبادرة الخليجية.. كيف قابلها أبناء عدن وكيف سارت الثورة فيها؟!!

المدنية:أشرف خليفة

عدن ليست كغيرها من محافظات اليمن فهي تجمع في طياتها ثورتين وحراكين ومشهدين فيوجد فيها ثورة كغيرها من الثورات في ربوع الوطن طالبت بإسقاط النظام حتى سقط وتتطالب بتحقيق ما تبقى من أهداف الثورة حتى اللحظة, وتشهد كذلك حراك من نوع أخر وهو ذلك المطالب بفك الإرتباط وإستعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية, ولا يعد ذلك غريباً على مدينة احتضنت منذ الزمان كافة الأطياف والأديان والإنتماءات.



ولا يقتصر المشهد على عدن بهذين النوعين من التحرك الشعبي فيرى المراقبون أن الفئة الصامتة التي لم تخرج بعد ولم تعلن عن رأيها ولا موقفها هي من تعد الفئة الكبيرة والتي تستطيع أن ترجح الكفة بين من يدعون إلى بقاء الوحدة مطالبين بالتغيير ونجاح الثورة الشبابية الشعبية السلمية وبين أولائك المطالبين بفك الإرتباط وإعادة اليمن إلى دولتين كما كانت إلى ما قبل 90.   



مرت على الثورة الشبابية الشعبية السلمية لأكثر من عامين منعطفات ومتغيرات كثيرة أبرزها التوقيع على المبادرة الخليجية التي بدورها أزاحت رأس النظام السابق والمجيء برئيس توافقي إتفق عليه الجميع، وكان لعدن دورها كذلك في الضغط لإنجاح تلك الخطوة التي خرج لأجلها الثوار بكل محافظات الجمهورية.



انقسم الشارع العدني عقب التوقيع على المبادرة الخليجية بين مؤيد ومعارض منهم من رأى أنها تخدم مسار الثورة وتخطوا بالثورة نحو الطريق السليم التي خرجت لأجله وهي إزاحة رأس النظام العائلي بينما الأخر رأى أنها تخدم مصلحة صالح وعائلته في الهروب من المحاكمة وعدم مسائلته هو عائلته عن دماء الشهداء التي تلطخت أيديهم بها و تجيير وطن بأكمله خلال ثلاثة عقود من الزمن لخدمتهم وخدمة مصالحهم فقط.



يرى العديد من أبناء عدن أنه قبل التوقيع على المبادرة الخليجية  كانت المحافظة على كف عفريت حيث أن معظم شوارعها الرئيسية منها مغلقة والكهرباء شبه معدومة والأمن في إنفلات ملحوظ وكأن المشهد فيها يعمل بقانون الغاب (البقاء للأقوى) ومن يمتلك القوة والسلاح هو من يفرض كلمته ويعلو صوته، إلا أنها بفضل التوقيع على المبادرة الخليجية تحول الحال وتغير الوضع ففتحت الشوارع، وزودت الكهرباء بـ60 ميجاوات كدعم للكهرباء حتى لا يتكرر إنقطاعها، وشهدت تحسناً ملحوظاً ولوحظ إستقراراً كبيراً في الجانب الأمني.



مر عام على توقيع المبادرة الخليجية وتغيرت مقاليد الحكم في البلاد وشهدت عدن تكنيكياً تغير في السلطة المحلية فقد جاء محافظ جديد بدوره قام بعدة تغييرات على مستوى القائمين على المديريات وكذا على صعيد مدراء عموم المرافق الحكومية لتشهد حركة فعلية حول طريقة العمل داخل أروقة تلك المكاتب.



حسب قول المتابعين للوضع في عدن أن ما تم حتى اللحظة وما شهدته المحافظة  لم يرقى بعد إلى مستوى تطلعات ورغبات أبناء عدن ولم تكن المبادرة الخليجية عند مستوى طموحاتهم إلا أنها حد قولهم حقنت الكثير من الدماء وأخرجت اليمن من عنق الزجاجة وأعادت البلاد من طريق المضي فيه كان سيؤدي إلا هلاكه.



فيقول المحلل السياسي والصحفي باسم الشعبي: لم يكن الشباب في عدن مع المبادرة لكنهم غضوا الطرف عنها علها تنجز بالسلم والحوار ما قد يعجز الشباب عن انجازه.. لكنه وبعد مرور العام فان الذي تحقق لم يكن عند مستوى طموح الشباب وهذا يثبت ان الثورة هي الاصل وان الحوار والمبادرات مجرد أداة لاعادة انتاج وضع قديم برتوش جديدة فقط.



وتحدث الصحفي باسم عن الدور الذي لعبته عدن في مسيرة الثورة حيث قال: بالنسبة لعدن فقد لعبت دور محوري واساسي في الثورة ومثلت داعم كبير لكل من صنعاء وتعز وغيرها من المحافظات شباب عدن لم يبخلوا فقد استشهدوا وجرحوا انتصارا للقضية الوطنية ولعدن كمشروع مديني وحضاري  وأن الثورة خصوصاً في عدن مرت بمراحل صعبة ومعقدة لكنها تجاوزتها بفعل صمود الشباب وبفعل الطموح والامال التي تختلج صدورهم وهي بالطبع تعبيرا عن امال كل اليمنيين في الحرية والعدالة والمساوة وبناء اليمن الجديد.



وأكد الشعبي بقوله : أن عدن هي مصنع الثورات والتحولات الكبيرة وهي بركان هادر لايهدأ ويصعب اخماده،مرت عام على المبادرة،المطلوب الان في حال ظلت الامور كما هي تصعيدا جديدا ولافتا ان يبدا من عدن، وطبعا الثورة حققت الكثير على مستوى الوعي المجتمعي والاجتماعي وعلى مستوى الواقع، شخصيا انظر للثورة باعتبارها تغيير جذري وما تحقق نأمل أن يكون بداية الطريق.



من جانبه قال رئيس اللجنة التنظيمية لشباب الثورة بعدن والناطق الرسمي لمجلس تنسيقي قوى الثورة الجنوبية المهندس علي قاسم: أن المبادرة الخليجية مثلت لشباب الثورة نقطة تحول مهمة في مسار فعاليتهم الثورية إذ أن التوقيع على المبادرة أتت وفق واقع ثوري كانت تعيشه كل المحافظات اليمنية والتي كان على رأس أهدافها خلع علي عبد الله من سدة الحكم.



وقال قاسم حول نظرته لمعطيات المبادرة الخليجية بعد مرور عام على توقيعها وما أحدثته على أرض الواقع: أن المبادرة بحد ذاتها لم تكن تلبي كل طموحات الشباب ولكن تعامل معها الشباب في عدن بعقلانية من باب تغليب المصلحة العليا للبلاد وخوفاً من إنجرار البلاد لحرب أهلية طاحنة كان يسعى لها المخلوع وأركان نظامه و أن الفعاليات الثورية ما زالت مستمرة وبزخم كبير حتى بعد توقيع المبادرة الخليجية وذلك إيماناً من الشباب أنهم لم يتوقفوا عن الفعل الثوري حتى تحقيق كامل أهدافها والتي لم تكن المبادرة الخليجية تتضمنها.



ويزيد بالقول المهندس علي: أن اليوم وبعد مرور عام على توقيع المبادرة الخليجية نرى أن كثير من أهداف الثورة تحققت وما زلنا ننتظر أن يتحقق بقيتها عبر مؤتمر الحوار الوطني الشامل المزمع إقامته في القريب العاجل وعليه فإننا كشباب للثورة وخصوصاً في محافظة عدن وما تمثله هذه المدينة من أهمية بالغة على كل المستويات فإنني أطالب بإشراك قوي وفاعل لكل المكونات الشبابية والثورية في عدن في مؤتمر الحوار بشكل كبير وقوي.   



رغم أن المبادرة الخليجية جاءت كمخرج للحال المحتقن في صنعاء ومثلت حل آمن وسلمي افضى لتقاسم السلطة بين قطبي الصراع هناك إلا أني أرى أن تأثيرها في عدن كان معاكس تماما وأتت لتزيد الطين بله والوضع تعقيد، - هذا ما رأه الناشط في الحراك الجنوبي الشاب باسم محمد الشعيبي- .



حيث أضاف كذلك: مرد ذلك بنظري سببه طريقة معاملتها لازمات البلاد برمتها حيث اكتفت بمعالجة مشاكل الأطراف المتصارعة في الشمال ولم تضع في اعتبارها مسألة الجنوب وما يعتمل فيه , هذا التسطيح والنظرة الهامشية للقضية الجنوبية دفع بالكثير من جمهورها الى التخندق خلف مطالب فك الإرتباط واحبطت كل آمالهم في ثورة الشباب.



وقال الشعيبي أيضاً: أن المبادرة الخليجية مثلت لشريحة شعبية واسعة في عدن خيبة أمل وبدأ على اثرها فرز واضح واصطفاف مضاد بين القوى الثورية في عدن حيث اقتسمت الساحة الى جبهتين واحدة أيدت المبادرة وما ذهبت اليه وأخرى رفضتها ورفضت كل ما جاءت به .