المناضل "أشرف محمد" يروي جزءاً من إرهاصات ثورة 14 أكتوبر وأحداثها (حوار)
تعد ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م واحدة من أهم الثورات العربية الناجحة والتي غيرت بقيامها مجرى الأحداث وانتصرت للحرية والكرامة بعد سنوات من النضال الثوري المسلح ضد الاستعمار البريطاني قدم فيها اليمنيون أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل تحرير البلاد والتي رزحت تحت نار المستعمر لأكثر من 130 عاماً تعرض فيها أبناء الشعب لشتى صنوف القهر والإذلال والعبودية.
والحديث عن هذه الثورة المباركة يثير الكثير من الحماس والفخر حولها فهي لم تأت بمحض الصدفة أو ولدتها عوامل مؤقتة، إنما جاءت حصاد سنوات من النضال المتواصل في مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية من مختلف تيارات المجتمع القومية والإسلامية والقبلية ومن كل اليمنيين في الشمال والجنوب.
وقد أكدت هذا الثورة بقيامها وحدوية الثورة اليمنية ووحدوية اليمنيين عبر التاريخ وهي حقائق لا تقبل الشك أو الجدال مهما حاول البعض ممن لم يعيشوا عصر الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والأحداث التي رافقتهما أن يزرعوه في نفوس الأجيال من عوامل التشطير وإثارة العنصرية والمناطقية المقيتة.
وفي حوار أجراه "الصحوة نت" المحلي، مع المناضل أشرف محمد علي أحد قيادات الحركة الطلابية آنذاك ورئيس حزب البعث حالياً، قال "إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر تفجرت في جبال ردفان الشامخة وذلك بعد نضجها ثورياً وعسكرياً في الشطر الشمالي من اليمن حينها خاصة في صنعاء وتعز وإب والحديدة".
وأضاف " مثلت هذه المحافظات ملاذاً آمناً للثوار استطاعوا خلالها أن يرسموا مخططاتهم الثورية بدقة بمساعدة رفقائهم من عناصر المد الثوري في الشمال وذلك بعد أن قاتل الجميع في دعم الثورة السبتمبرية والتي كان لها الدور الأساسي في تفجير ثورة الرابع عشر من أكتوبر".
وتابع "في مثل هذا اليوم الـ 14 من أكتوبر من عام 1963م انطلق ضوء الفجر من على سفوح وقمم جبال ردفان الشامخة وانطلق بالبشارة الأولى لميلاد ثورة شعب الجنوب الذي ظل يرزح تحت وطأة الذل والقهر والعبودية جراء هيمنة المستعمر البريطاني على جنوب الوطن".
وأشار إلى أن (فجر الـ 14 أكتوبر) استيقظ فيه الشعب في كل مدينة وريف على ثورة غاضبة زعزعت عرش المستعمر البريطاني وزعزعت أركان المشيخات والسلطنات التابعة له..
إلى نص الحوار...
- كيف بدأت ثورة الـ14 من أكتوبر ؟
فور عودة المناضل راجح لبوزة ومجاميعه من الشمال بعد أن ساهموا مساهمة فعالة في الدفاع عن ثورة سبتمبر وخاضوا المعارك الشرسة ضد الملكيين في مختلف المناطق وقدموا هناك عشرات الشهداء ومئات الجرحى، وفور وصول لبوزة ومجاميعه بأسلحتهم وبعدد من القنابل والألغام والذخائر وغيرها إلى ردفان وجه إليهم الضابط السياسي البريطاني في الحبيلين (ميلن) أن ذاك رسالة مستعجلة يدعوهم فيها إلى سرعة تسليم أنفسهم واسلحتهم إلى السلطات البريطانية في الحبيلين، إلا أن راجح لبوزة اجتمع بكل المناضلين من حوله وأبلغهم بطلب الضابط البريطاني وطلب منهم إبداء الرأي فأجمع الثوار على عدم تلبية هذا الطلب وتعاهدوا على مقاتلة المستعمر البريطاني.
بدأ بعد ذلك الثوار بقيادة لبوزة بإرسال رسالة الرفض وقاموا بوضع طلقة رصاص بجانب الرسالة تعبيرًا عن مقاتلة القوات البريطانية ووضع خطتهم العسكرية والاستعداد للثورة ومراقبة تحركات العدو بكل جدية وأياديهم على الزناد وهم تواقون للقاء العدو ولخوض معركة.
وبدأت المعركة في الفجر الأول ليوم 14 أكتوبر بعد ان توزع الثوار بشكل مجموعات وقسمت المهام فيما بينهم وأطلقت الشرارة الأولى للثورة من جبال ردفان ثم تلتها بقية المناطق والمدن الجنوبية بشكل عام.
أما في عدن فقد بدأت التشكيلات التنظيمية للعمل الفدائي أوائل عام 1946م وتشكلت قيادة للمدينة مكونة من القطاع العسكري والقطاع الشعبي الذي كان يضم قطاعات العمال والمرأة والطلاب والتجار وتحمل المسؤولية في بداية العمل لعدة أشهر الشهيد نور الدين قاسم ثم تعرض للاعتقال وأسندت المسؤولية فيما يعد لعبدالفتاح إسماعيل الذي استمر يقودها حتى ما قبل الاستقلال بعدة أشهر.
وكانت العمليات التي شكلت البداية هي قصف مبنى المجلس التشريعي في كريتر وضرب برج المطار وغيرها من الأعمال الفدائية التي استخدمت فيها القنابل على بعض الأهداف في المدينة وتزايدت تلك الأعمال حتى إن الجماهير في عدن اعتادت على سماع الانفجارات والاشتباكات الليلية بين الفدائيين والقوات البريطانية وتحولت الجماهير إلى حارس أمين للفدائيين في كل زقاق وبيت وشارع وكانت البيوت والمحلات التجارية والدكاكين مفتوحة لكل فدائي يريد النفاذ من مطاردة الدوريات البريطانية أو الاختفاء عن أعين المخبرين والجواسيس المنتشرة في الأحياء والأزقة الشعبية.
وكانت تلك العمليات الفدائية تتم بالتنسيق بين فرع الجبهة في عدن والثوار في الشطر الشمالي من اليمن حيث كانت ملامح الثورة قد بدأت تتبلور وكانت عملية رمي القنبلة على الوفد البريطاني في المطار التي قام بها المرحوم عبدالله حسن خليفة وراح ضحيتها نائب المندوب السامي البريطاني آنذاك وعدد من المرافقين في الوفد هي الشرارة الأولى لانطلاق الثورة في عدن.
- من هي أبرز الشخصيات التي شاركت بفاعلية في ثورة الـ14 من اكتوبر ؟
نذكر بعض من الأسماء من أهم الشخصيات البارزة في الثورة منها فيصل الشعبي وسلطان احمد عمر وقحطان الشعبي وعبد الملك اسماعيل وهو من النواة الأولى للحركات القومين العرب وعبدالله عبد المجيد الصنج وعبد القوي مكاوي ومحمد سعيد باشا وعلي حسين القاضي وعبد القادر امين.
وفي مطلع شهر أغسطس 1963م عاد ممثلو حركة القوميين العرب فرع الجنوب إلى تعز وبدأ التشاور لتشكيل جبهة للكفاح المسلح، فحصلت الجبهة على التسمية (الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل)، وتشكلت من سبعة تنظيمات .
وكانت اسماء القيادات المشاركة وانتماءاتهم كالتالي (فيصل عبداللطيف الشعبي من حركة القوميين العرب و أبوبكر شفيق من الجبهة الناصرية و عبدالله حسين المسعدي وسالم عبده عبدالله اليافعي من جمعية الإصلاح اليافعية و محمد علي الصامتي وبخيت مليط الحميدي من القطاع السري للضباط الأحرار و ناصر علوي السقاف وعبدالله محمد المجعلي من تشكيل القبائل و عبدالله مطلق صالح من المنظمة الثورية لأحرار جنوب اليمن المحتل و حسين عبده عبدالله وعبدالقادر أمين من الجبهة الوطنية.
- ما مدى ارتباط ثورة 26 سبتمبر بثورة الـ14 من اكتوبر ؟
طبعا كان هناك ترابط من قبل قيام الثورتين بين قيادات الثورة او من كانوا يمهدون لقيام الثورة في الشمال مع المؤتمر العمالي وقيادات الثورة والثوار في الجنوب وهناك ايضا قيادات جنوبية شاركت في ثورة الشمال وهناك ايضا قيادات شاركت في ثورة الجنوب وتحولت الشمال لدعم الثوار في الجنوب وامدادهم بالدعم بكل انواعه.
فمن قلب مدينة تعز دوى البيان الأول بإعلان الرئيس قحطان محمد الشعبي بيان الثورة الأول بيان إعلان بداية الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وبدء النضال بكل أشكاله من أجل تحرير جنوب اليمن المحتل.
وعلى اثر هذا البيان رددت حناجر الشعب بصوت واحد كلمات بيان الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل في مختلف أرجاء الوطن ومن قرى وسهول تعز تدفقت الإمدادات بالزاد والعتاد للمناضلين في مختلف جبهات الكفاح المسلح في مناطق الجنوب.
وتحولت تعز وقعطبة والصبيحة آنذاك الى ممرات عبور لكل ما يحتاجه الثوار، فمن تعز بدأت إرهاصات الثورة الأكتوبرية ومنها تحركت مجاميع الثوار بقيادة شهيدها الأول راجح بن غالب لبوزة.
وفي شارع 26 سبتمبر في تعز ايضا وقف المناضل عوض الحامد ماسكًا بالميكروفون مبشرًا الجماهير باندلاع ثورة الجنوب وبدء الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه.
وكانت ايضا هناك عملية تواصل بين قيادات الثورتين في الجنوب والشمال كانت تتم سابقا عن طريق المراسلات والوفود من خلال الذهاب الى تعز او القاهرة واللقاءات التي كانت تتم بشكل سري او الوفود الى عدن التي كانت حاضنة للأحرار اليمنين في الثورتين ومقرهم الرئيسي في منطقة التواهي.
- ما الذي تحقق من أهداف 14 أكتوبر وماذا تبقى ؟
تمثلت أهداف التورة بأجلاء القوات البريطانية من أرض الجنوب وإسقاط الحكم السلاطيني وإعادة توحيد الكيانات العربية الجنوبية سيراً نحو الوحدة العربية والإسلامية على أسس شعبية وسلمية والتحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية وإقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور وكل هذه الأهداف تحققت تدريجيا ولله الحمد منذ انطلاق الثورة.
وأيضا كان من ضمن أهداف الثورة بناء اقتصاد وطني وتوفير فرص التعليم والعمل للمواطنين وإعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل وبناء جيش وطني شعبي قوي وانتهاج سياسية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز بعيدا عن السياسات والصراعات الدولية.
نستطيع أن نقول بأن نسبة كبيرة من أهداف الثورة تحققت ولذلك كانت ثورة الـ14 من اكتوبر ناجحة تماماً في تنفيذ اهدافها المنشودة والرئيسية المتمثلة بطرد المتحل البريطاني وإسقاط حكم السلاطيني.