دعوا عدن تهدأ
التجاوزات الفردية التي حدثت أمس في عدن، ليست سياسة متبعة ضد "الشماليين"، كما يحاول صالح والحوثي الترويج له. أمس تواصلت مع عدة أطراف في عدن، ومع مواطنين من المحافظات الشمالية في عدن. كل الأطراف أكدت أنه لا يوجد "استهداف ممنهج"، ضد أبناء الشمال في عدن.
اعترفت قيادات أمنية بوجود تجاوزات منعزلة، لا تمثل سياسة المحافظ عيدروس الزبيدي الذي كان حازماً إزاء هذه التجاوزات، ولا مدير أمن المدينة شلال شايع، حسب المصادر في عدن.
دعونا نكون واضحين، نزل الحوثيون عدن مثل الجراد، مارسوا بالتعاون مع أنصار صالح كل ما لا يخطر على البال من الجرائم في مدينة عدن المسالمة، وهي الممارسات التي فاقت ما قام به صالح والمليشيات الهمجية في 1994، وللأسف فإن هذه الممارسات كانت تتم باسم عامة "الشماليين".
ومع ذلك، لم تحدث عمليات انتقام جماعية كما حدث في العراق - على سبيل المثال - عندما دخلت مليشيات شيعية إلى نينوى العراقية بعد طرد مقاتلي "داعش" منها، حيث تعرض السنة لعمليات انتقام فظيعة، ومورست جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب موثقة، وتطهير مذهبي نددت بها منظمات حقوقية دولية، ودخلت الأمم المتحدة على الخط. شيء من هذا القبيل لم يحدث في مدينة التسامح والبحر عدن التي لا تزال تضمد جراحها.
نعم حدثت بعض الحوادث المنعزلة في عدن، ولكنها لا تعبر عن طبيعة أبناء الجنوب السوية التي يجب أن نسجل أنها ارتفعت فوق الجراح، وتسامت على الألم، رغم كل جرائم الحوثيين في عدن، وغيرها.
يسجل لأبناء الضالع الذين حرروا مدينتهم بجهد ذاتي، والذين كانت مدينتهم أول مدينة تتحرر من سيطرة قوى الظلام الحوثية، يسجل لهم اليوم مع إخوتهم من محافظات الجنوب المحاولات الجادة لبسط الأمن في المدينة، تلك المحاولات التي لا شك أنها تؤرق الحوثي وصالح الذين يسربان بين الحين والآخر وجود خلافات بين الجنوبيين ستكون عدن ساحتها، وهيهات.
دعوا الفريق الأمني في عدن يعمل، لا تربكوه بتهويل بعض الحوادث المنفردة والمنعزلة، والتي لا تمثل سياسة قيادة المحافظة، ولا رئاسة الدولة، دون أن يعني ذلك السكوت عن أي انتهاك لحقوق الإنسان يمارس من قبل أية جهة وضد أية فئة.
شيء طبيعي أن تكون هناك اختراقات أمنية بعد الفراغ الكبير الذي خلفته أجهزة صالح الأمنية في عدن، شيء متوقع أن تحدث بعض التجاوزات، لكن تضخيمها يخدم معسكر الانقلابيين.
معركتنا واحدة تتمثل في إسقاط الانقلاب، وأية معركة جانبية سيستفيد منها صالح وحليفه الحوثي الذين دمرا النسيج الاجتماعي في البلاد.
على المنتمين إلى محافظات الشمال بشكل خاص، والذين يعيشون في عدن أن يتعاونوا مع السلطة المحلية في المدينة لإرساء دعائم الأمن في المحافظة. علينا أن ندرك حساسية المرحلة، والحاجة إلى فرض هيبة الدولة، وتتبع خلايا صالح والحوثي النائمة في المدينة، التي تتلون بكل لون، ومع هذه الجهود يجب مراعاة الأبرياء، وعلى الأبرياء أن ينأوا بأنفسهم عن مواطن الشبهات، وأن يساعدوا السلطات على استتباب الأمن في المدينة التي ترفعت فوق الجراح.