عن فوضى الشأن الاقتصادي!
من الخطأ التعامل مع القضايا الاقتصادية إعلاميا مثل التعامل مع الشأن السياسي أو الحقوقي أو حتى الدولي.
الشأن الاقتصادي يتعلق بلقمة عيش المواطن وعمود استقرار الوطن. ذلك ما كنا نحاول تكريسه طوال سنوات انحيازنا للاهتمام بالجانب الاقتصادي، حيث اقتصر عملنا على محاولة تسييل المعلومة وتبسيط المفاهيم وجعل الشأن الاقتصادي سهلا ومتداولا على نحو مبسط وغير معقد.
في يناير ٢٠١٣ كتبت افتتاحية العدد الأول من مجلة الإعلام الاقتصادي كمدير للتحرير وقلت إن هيئة التحرير وصاحب الامتياز، نسعى لضخ المعاني الحياتية في متن الأخبار والتقارير والمواد الاقتصادية، كي لا تظل رهينة على هامش الأرقام المعقدة، وردهات البورصات، والفقرة الأخيرة من نشرات الأخبار وصفحات الجرائد!
ثم بفضل تعاضد الجهود من قبل الزملاء في الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى صعدت القضايا الاقتصادية إلى مقدمة العناوين والأخبار، لأنها وجدت بالفعل من يقتحم هذا المضمار متحدثا ومحللا وميسرا، وليس فقط بفعل الوضع الاقتصادي الذي يعاني من ضعف مزمن عقودا من الزمن قبل الآن!
المشكلة اليوم هي أن هذا الخطا ليس فقط في مجرد التحليل الارتجالي أو إطلاق الأحكام والتهم وووو الخ؛ بل إن الكارثة ابتدأت بتبني بعض الجهات، دون حاجة لتسمية تاجر أو مسئول أو صراف، وقيامهم بتمويل حملات أو استئجار أقلام ومحللين ينشرون ويكتبون ويحللون على هوى الممول أو ولي النعمة.
وحيث لم يتوقف الامر عند هذا الحد من التساهل في العبث بوعي الشعب واستغلال المنصات المفتوحة لكل الفئات العمرية والعقلية والعلمية؛ فقد تواطأت أيضا جهات وشخصيات حكومية في استغلال هذا المناخ الإعلامي العبثي، لتسريب ما يعزز توجهها أو يبرر فعلتها، عبر فلان أو علان من الناس، صحفيا كان أو أكاديميا أو مشهورا، من ذوي الذمة الواسعة، قد يكون بغير قصد، أو تفاعلا ساذجا بدافع حرص ووطنية.
حتى رأينا كثيرا من وثائق الدولة تعرض على صفحات السوشل ميديا قبل أن تذهب للمحاكم المختصة والأجهزة الرقابية المعنية! ولا سامح الله من بدأ هذا المشوار الخطأ من قيادات الدولة، ولا من تجار الحروب، ثعابين الثروة الملوثة وغاسلي الأموال.
كل ذلك يحدث ممن سبق الإشارة إليهم، في ظل رعاية ممنهجة وممولة من صنعاء، مليشيا السوق السوداء والمورد النهبوي! حيث لا مصلحة لأحد يمكن أن تصل إلى عشر معشار ما يستفيده الحوثي جراء خلط الأوراق في صفوف الشرعية، لتشتيت الانتباه عن اقتصاده السلالي ومخططه التجويعي الممنهج الخ.
ما زلت أتذكر كيف ظلت الماكينة الحوثية طوال سنوات تؤطر وتحاصر الحديث عن الوضع الاقتصادي بمسألة "نقل البنك المركزي"، "طباعة العملة"، انهيار العملة"، "نقل البنوك" وغيرها من القضايا.
واليوم نجد البعض تحت تأثير الفوضى الفيسبوكية، يتهم البنك المركزي بالتواطؤ مع الصرافين لخداع (المواطنين) الذين هرولوا أمس لصرف (مدخراتهم) من العملة الصعبة!! وكأنه يقول إن المواطنين أغنياء وأغبياء في وقت لدرجة أنهم يشاهدون قيمة العملة الصعبة تتهاوى فيهرعون للتخلص منها!!
وللحديث بقية