اليمن وأئمة الشرور

تـعاقب على حُكـم الإمامة عبر تـاريخها المتقطع، حـَوالي 100 إمام، وما من واحـد من هـؤلاء، إلا ووصل إلى الحكم على نـهـرٍ من الدمـاء، إما في حـروب عبثيـة اعتـادوا العيش في أجوائها، أو في صراع أسري بين إمـام وآخـر. وقد سجـل التاريخ وجـود أكثر من إمامة؛ وأكثر من إمام في نفس المُربع، وفي المقابـل، أعيانا البحث عن حسنه واحـدة، وأثر جميل لهؤلاء السلاليين، فـلا شيء غير الـدم والبارود، وجراحات مـا زالت غائـرة.

استجلب الأئمة السلاليون جميع مساوئ التاريخ، وغلفـوها بمساحات شاسعة من القهر، والذل، والحرمان، وشـرعنوا لحكم سلالي ـ كهنوتي، كـان ومـا يزال سبـبـاً لجميـع رذائـلنا الاجتماعية والسيـاسية.

أبدعـوا وبدعوا في الاستيلاء على البلاد، وفشلوا في إدارتها، لأن مشروعهم في الأساس قائـم على السيطرة والاستحواذ، لا الإدارة والحكم؛ قـادوا البلاد والعباد بما أملته عليهم رغباتهـم الفجـة، وفَصّلوا فقهاً سياسياً يشملهم بكل الخيرات، ويستثني كل اليمنيين.

 مارسوا العبث على عباد الله في حياتهم وممتلكاتهم، فالاستبـداد المُطلق كان عنـوان حكمهم، وهويتـه اللصيقـة به، والطغيان الأحمـق، كان سلوكهم اليـومي الذي يتباهون به. 

حاربوا منـابع التنـوير، من مـدارس، وجامعات، ومسـاجـد، وجعـلـوا منها خصما لدوداً يستحـق التدمير والنسف، ورأوا في المُتعلميـن، ودعاة الحرية، أعداء لهم وللـدين، وأغـرقوا القبائل المساندة لهم، في الجهـل والتوحش، جرعوهم المعتقدات المسمومة، ثم أطلقوهم على الفـريق الآخر كالذئاب المسعورة.

كانوا يقولـون إنهم يَحكمـون بأمر الله، وبـاسم الحق الإلهي؛ في صـورة مشابهة لتلك التي حدثت في أوروبا إبان العصور الوسطى، مُكررين ما قاله جيمس الأول ملك بريطانيا ذات يوم بـ «أن الملوك يـَمشُـون على عـَرش الله في الأرض»، وما من استبداد سياسي -كما قال الكواكبي- إلا ويتخذ لنفسه صفة قدسية يشارك بها الله، والطغاة ـ كما قال علي الوردي ـ يعبـدون الله، وينهبـون عباد الله في آن واحد.

مقالات الكاتب