الحضرمي والقردعي!
عبدالله هاشم الحضرمي يقول إن الشهيد علي ناصر القردعي قائد ثورة ١٩٤٨ اليمنية "قاتل مأجور"!
الحضرمي كتب عدداً من التغريدات ضد الحوثيين خلال الفترة الماضية، لدرجة أن الكثيرين ظنوا أنه تخلى عن نفَسه السلالي، لكنه مع حلول ذكرى أول ثورة دستورية في العالم العربي في ١٧ فبراير ١٩٤٨-والتي تصادف اليوم-لم يتمالك نفسه، فأفصح عن انحيازه ليحيى حميد الدين، ضد ثوار اليمن الذين حملوا أرواحهم على أكفهم للتخلص من كهنة لم يعرف تاريخ اليمنيين لهم مثيلًا.
يبدو أن الحضرمي وأضرابه لم يقرؤوا سيرة الثائر الشهيد، الذي لم يقدم على قيادة الجناح المسلح في الثورة إلا بعد أن اشترط فتوى من عشرين "علامة"، واشترط أن يكونوا "هادويين،" كي لا تكون الفتوى مذهبية مفرغة من بعدها الوطني.
القردعي، الذي يحتاط لعمله بفتوى هادوية ضد إمام هادوي لا يمكن أن يكون "قاتلاً مأجوراً".
لو كلف الحضرمي نفسه بقراءة شعر القردعي وحسب، لأدرك عمق الأبعاد الوطنية والقومية والدينية في قصائد هذا الفارس اليمني الفريد.
لو كلف الحضرمي نفسه بقراءة طرف من كفاح القردعي ورفاقه في الثورة، ضد نظام الإمامة لعرف قدر هذا الرمز الوطني الكبير.
القردعي ثائر يمني معروف، والقتلة هم الأئمة الذين وفدوا على بلاد الحميريين، فحاولوا طمس حضارة حمير، لتحويل الشعب إلى "عكفة" لا وزن لها عند أسرة حميد الدين إلا بمقدار وزن مقاتلي الحوثي من أبناء الشعب عند عبدالملك بدر الدين.
لا يُخفي الحضرمي محاولة خبيثة للاستفادة من الحملة الحالية ضد الإخوان المسلمين لربط القردعي وثورة ١٩٤٨ بهم، ظاناً أنه بفعله هذا سيستفيد من الحرب على الإخوان في تشويه الثورة الدستورية الأولى في العالم العربي!
نعم كان الورتلاني حاضراً في الثورة، وشرف له أن حرض عليها ضد نظام حكم رجعي متخلف.
وإذ أراد الحضرمي تشويه الثورة بنسبتها كلها للإخوان، فإنه من غير أن يقصد يُجلي صورة الورتلاني ورفاقه الأبطال بإشارته إلى أنهم انضووا ضمن الحركة الدستورية الأولى، التي كانوا فعلاً ضمنها، وزادوا بها شرفاً وفخراً.
محاولة تشويه صورة ثورة ١٩٤٨ اليمنية، لأن الورتلاني كان من ثوارها تشبه محاولات البعض تشويه ثورة ١٩٥٢ المصرية، لأن بعض الضباط الأحرار فيها، انتسبوا للإخوان المسلمين.
وفوق ذلك فإن الإساءة للقردعي من شخص مثل الحضرمي تسلط الضوء على أن مشوارنا ما يزال طويلاً مع رواسب الفكر السلالي الرجعي المتخلف، ويثبت أن معركتنا مع الحوثي ليست إلا فصلاً من فصول نضال شعبنا ضد نظريات الحق الإلهي، والكهنوت الإمامي المتخفي بالدين، تماماً كما يتخفى السلاليون الجُدُد تحت عباءة المؤتمر الشعبي العام، الحزب الجمهوري الذي تنتظر منه قواعده موقفاً ضد إساءة أحد المحسوبين عليه لرمز وطني كبير، هو الشهيد القردعي رحمه الله.
الإساءة للقردعي ليست إساءة لشخصه، ولا لقبيلته، ولا لمأرب، ولكنها إساءة لليمنيين، ممثلين برمز كبير من رموزهم التاريخية.
ترحموا على روح القردعي ورفاقه عليهم جميعاً سلام الله.
ترحموا عليهم، فما أحوجنا اليوم إلى نقائهم الثوري وحميتهم الدينية، ونخوتهم اليمنية، في وقت كشرت فيه الإمامة عن نيوبها بشكل يستدعي الالتفاف حول رموزنا الوطنية، في مواجهة موجة الإمامة الجديدة.