ظاهرة اختطاف الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين

ظهرت في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين ظاهرة مخيفة، هي ظاهرة اختطاف الأطفال من قبل عصابات يبدو أنها تابعة لمليشيات الحوثي مباشرة، أو تعمل لحسابها.

 
بدأت تلك العصابات المليشاوية في اختطاف الأطفال للمتاجرة بأعضائهم، بشكل محدود، لكنها وسعت من اختطاف الأطفال خلال الشهور الماضية، لطلب الفدية، لرفد خزينة المليشيا التي لم تكتف بعملية جمع غير مسبوقة للأموال من التجار، ومن ملاك العقارات والأسواق ومن المؤجرين وحتى من أصحاب البسطات والعربيات في الشوارع.
قبل رمضان بأيام اختطفت العصابة طفلين من منطقة العدين، وتم الخطف في صنعاء، قبل أن يتتم الافراج عنهما بعد 3 أيام مقابل فدية مالية.
في أول أيام رمضان اختطفت العصابة الطفل إبراهيم ص. وأفرجت عنه مقابل فدية مالية.
بعد الإفراج عن الأطفال تجبر العصابات الحوثية أولياء أمور الأطفال على اختلاق قصص معينة لتفسير غيابهم عن المنزل، حتى لا تثار ضجة إعلامية حول الموضوع، ولكي لا يأخذ الناس حذرهم.
أسرة إبراهيم قالت إن ابنها ذا الـ13 عاما تعقد من الاختبارات وقرر الهروب والاعتكاف في الجامع الكبير بصنعاء.
الطفل حسن ل.، الذي اختطف أيضا في بداية رمضان، مازال مصيره مجهولا إلى اليوم. 
الطفلة أسرار د. التي اختطفت من مدينة إب، قبل أكثر من شهرين، لم تعد بعد. وكذلك طفلة في محافظة الحديدة، إضافة إلى رضيعة في محافظة ذمار، الأمر الذي يثير مخاوف شبهة الاتجار بالأعضاء.
يوم 8 رمضان اختطفت العصابة معتز س. (12 عاما) من مدينة الحديدة، ومازال مصيره مجهولا.
هذا العصابات تنشط في وضح النار، ودون قلق أو خوف من أجهزة أمن الحوثي، وهو ما يعني تورط هذه الأجهزة في عمليات الاختطاف.
العصابات بدأت قبل أشهر، عمليات اختطاف للكبار، وكان من ضمن ضحاياها الصحافي المقرب من الحوثيين رشيد الحداد، الذي لم تكن العصابة تعرف أنه مقرب منهم، ولهذا أطلقت سراحه بعد أقل من يوم، ويومها تحدث الحوثيون عن عصابات لا دخل لهم بها، غير أن الإفراج عن المختطفين المحسوبين على المليشيات يدل على وجود صلة بين الحوثيين ورجال العصابات، التي تعيد المقربين من الجماعة بمجرد معرفة من يكونون.
الحداد قال حينها إنه رأى عشرات المختطفين في المبنى الذي اقتيد إليه، وأكد أن الخاطفين يطلبون فدى مالية كبيرة للإفراج عنهم.
يقول أحد المهتمين (رفض الكشف عن هويته):”لأن اختطاف الكبار لا يجلب أموالا على وجه السرعة، كون أقاربهم لا يقلقون عليهم كثيرا، عادت عمليات الاختطاف للأطفال بوتيرة عالية”.
وقبل أيام اختفت شابة تدعى ر. ع.، ثم عادت، بعد أن دفعت أسرتها الفدية المطلوبة، فيما يبدو.
و‏يوم الثلاثاء الماضي اختطف من حديقة الثورة في صنعاء الطفلان ريناد ومحمد ف.، ولم يعثر لهما على أثر حتى اللحظة.
وقبل أيام تمت-كذلك-عملية اختطاف لنجل أحد التجار الكبار في صنعاء، وطلب الخاطفون مبلغ 300 مليون ريال، وتمت عمليات تفاوض مع الخاطفين الذين قال التاجر إنهم من المحسوبين على الحوثيين، ووافق التاجر على دفع 30 مليون ريال لكن العصابة رفضت، ولا يزال الطفل رهن الاختطاف.
العصابات ذاتها التي تمارس عمليات الخطف، هي نفسها التي تمارس عمليات السرقة والسطو المسلح وتستعمل الدراجات النارية والسيارات وتلبس ملابس الشرطة أحياناً، وأحياناً تأتي على هيئة ملثمين غير معروفي الهوية.
ويبدو أن هذه العصابات هي المسؤولة عن “تجارة الجنس والبغاء”، التي وردت في تقرير لـ”ميدل إيست آي”، وتقوم بتوظيف النساء في الإيقاع بالضحايا من النساء والبنات الصغيرات، كما حدث في القضية التي كتب عنها عبد الكريم المدي.
تحدث إليَّ مقربون وأولياء أمور عما يحدث، وربطوا بين تلك العصابات وسلطة الحوثيين مباشرة، وأشاروا إلى نافذين في الجماعة لديهم سجون خاصة للمختطفين، ولذا يفرج عن المختطف، إذا اكتشف أنه مقرب للحوثيين، حيث لا يعرف رجال العصابة حال تنفيذ عمليات الخطف معلومات دقيقة عن المخطوف، وهو الأمر الذي يعرف لاحقاً، فإذا تبين أن المخطوف مقرب يتم الإفراج عنه، ما لم يظل مختطفاً إلى أن يدفع ولي أمره الفدية، التي تصل إلى مئات الملايين، وفي بعض الأحيان يتخوف أولياء الأمور من المتاجرة بأعضاء المخطوف حال عدم توفر المبلغ المطلوب.
يقول أحد المعنيين بالأمر: “هناك مخاوف حقيقية من عمليات “تجارة بالأعضاء البشرية” تمارس ضد بعض المختطفين، لأن المال هو الهدف، فإذا دفعت الفدية تم الإفراج، ما لم فيمكن أن تأخذ العصابات المال من بيع الأعضاء البشرية”، ويضيف: “العصابات تعمل بالأجر اليومي، وتضع ما تحصل عليه، أو بعضه، في جيب سلطة الأمر الواقع (الحوثيون)”.
يقول أحد سكان صنعاء: “بعض الصناديق التي تصل للمساجد لصلاة الجنازة تكون فارغة، ويوهم الناس بوجود الجثة في الصندوق، فيما الجثة في مكان آخر، وأحياناً تكون الجثة في الصندوق لكنها بأعضاء منزوعة، يقول الحوثيون إنها تمزقت في المعارك”.
والخطورة هنا أن عصابات المليشيات تتستر على عمليات الخطف لطلب الفدية أو لأغراض أخرى بإرسال الأطفال للجبهات، ورغم أن الأكثرية من المختطفين من الأطفال يرسلون للجبهة، إلا أن البعض يستعمل لابتزاز أولياء الأمور لتوفير “فدية” للحوثيين، حسب بعض المتابعين.
والملحوظ أن سلطة الانقلاب في صنعاء لم تحقق في العمليات منذ أول عملية اختطاف، وهو ما يؤكد حسب أولياء أمور المختطفين أن الحوثيين-أو عناصر متنفذة فيهم-على علاقة بمثل هذه العمليات التي بدأت تشكل ظاهرة خطيرة يتخوف منها سكان العاصمة صنعاء وغيرها من المدن الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.
هذه دعوة للصحافيين المحققين، لوسائل الإعلام، لنشطاء حقوق الإنسان، للمنظمات الدولية، ومنظمات الطفولة وعلى رأسها اليونسف للاهتمام بهذه الظاهرة التي كانت غريبة على المجتمع اليمني، قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء.


مقالات الكاتب