اليمن.. تحديات الحرب والسلام

منذ أن استولى الحوثيون على السلطة بانقلابهم في العام الماضي، يشهد اليمن كثيرا من التحديات، مثل: الأمن، بناء الدولة، إعادة الإعمار، التدخلات الخارجية وغيرها من التحديات.

 

لقد فرض استيلاء الحوثيين على السلطة بالقوة تحديا جديدا على دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، إذ لم يكن من خيار سوى الحرب لاستعادة الشرعية والسلطة والدولة، ليس فقط بناء على طلب الحكومة الشرعية في اليمن، أو الشرعية الدولية عبر قرار الأمم المتحدة بل كذلك من أجل قطع الطريق على الأطماع الإيرانية، وللحيلولة دون تحويل اليمن إلى سورية جديدة أو عراق جديد على خاصرة الخليج.

 

وبعد أكثر من نصف عام على تحرك دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، أصبح الواقع اليوم - برغم الحرب - مؤشرا على كثير من الآفاق الايجابية الواعدة، بعد أن أدرك الحوثيون أنهم أكثر عجزا من أن يتولوا إدارة بلد بحجم اليمن بالقوة، كما تكشف لهم مدى قدرة الشعب اليمني على مواجهتهم ضد ما يقومون به من قمع وتسلط.

 

لقد لعبت المراحل المختلفة لعمليات مواجهة الوضع الأمني في اليمن من "عاصفة الحزم"، إلى "إعادة الأمل"، إلى "السهام الذهبية" دورا مهما في تحول ميزان القوى لصالح الشرعية في اليمن، كما كشفت الحرب عن الحقد الحوثي تجاه اليمنيين لا سيما عبر القصف العشوائي للمدنيين في مدينة تعز.

 

ومنذ أن أحدثت المقاومة الشعبية والجيش الوطني اليمني، وقوات التحالف اختراقا كبيرا لصالح الشرعية في تعز عبر دعم المقاومة بآليات ومعدات حديثة وإمداد عسكري تتجه الأوضاع في تعز إلى رجحان كفة الحكومة الشرعية.

 

ومع تراجع الحوثيين مؤخراً عن التزام بنود القرار 2216، بعد أن وافقوا عليه، بدا واضحا صدق الحكومة الشرعية اليمنية، وتشكيكها في نوايا الحوثيين في أي فرصة من فرص التفاوض لحقن دماء الشعب اليمني.

الحرب في اليمن، وبعد أن أخذت أبعادا إقليمية وعالمية، أصبحت اليوم رهانا خليجيا وعربيا، لابد من الفوز فيه.

 

فدول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أصبحت اليوم اكثر من أي وقت مضى، على إدراك تام بأهمية عودة اليمن إلى الحضن العربي، بعد أن كادت تختطفه إيران، وتلحقه بكل من سورية والعراق.

 

اليوم، تدرك دول الخليج الدور المناط بها من أجل استعادة اليمن، في حالتي الحرب والسلام، فبعد الوصول إلى تسوية سياسية بناء على مخرجات الحوار الوطني اليمني، والمبادرة الخليجية، وبنود القرار الأممي 2216 وبعد أن تضع الحرب أوزارها في هذا البلد العربي، سيكون هناك كثير من الاستحقاقات على دول الخليج حيال إعادة البناء والتعمير، وتكوين شراكات استراتيجية وتنموية في اليمن، والبحث عن صيغة من صيغ العلاقة الدائمة ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي.

 

لقد كان واضحا منذ أن أعلنت السعودية انشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الخيرية باليمن في مايو الماضي، أن عملية البناء والتعمير تتوازى مع الجهود العسكرية والسياسية لإعادة اليمن إلى سوية الأمن والسلام والاستقرار.

 

في ضوء تلك التحديات المختلفة للحرب والسلام في اليمن، سيصبح المستقبل اليمني أكثر قوة في علاقاته بدول مجلس التعاون الخليجي، ولهذا أصبحت مهمة الحرب في اليمن جزءاً من الحرب من أجل أمن الخليج والجزيرة العربية، وأمن العرب جميعا في ظل التهديدات الإقليمية الخطيرة لإيران، لاسيما بعد الاتفاق النووي مع الغرب.