الإمارات وقضية الجنوب

عدت إلى مدينة "عدن" بعد زيارة عمل إلى الإمارات شاركت خلالها بملتقى ابوظبي الاستراتيجي الثاني. خلال هذه الزيارة التقيت بعدد من المسئولين الإماراتيين بينهم مسئولين عن الملف اليمني وآخرين ودارت أحاديث كثيرة .

مايمكن لي إجماله هو ان هنالك رؤية إستراتيجية تحملها الإمارات تجاه الأزمة اليمنية بشكل عام والجنوبية على وجه الخصوص .

على خلاف الآخرين تجاه المشكلة اليمنية تجد ان الجانب الإماراتي الأكثر تفهما لخصوصية الجنوب ومشاكله وقضاياه ومعاناته والأكثر فهما ان الحل للمعضلة اليمنية يأتي عبر إيجاد حل عادل وحقيقي لـ"قضية الجنوب" .

تحدث "الإماراتيون" باستفاضة عن الشأن الجنوبي والقضية الجنوبية ومطالب الجنوب وهم مع إيجاد الحل العادل والحقيقي للقضية الجنوبية وبما يوفر لها الحضور السياسي الحقيقي على الخارطة السياسية . تحدثت بدوري وأكدت في عدد من اللقاءات ان الحل لقضية الجنوب هو أساس كل تحرك سياسي عربي لحل إشكالية اليمن ككل .

يؤكد الإماراتيون ان وجودهم في عدن ليس مرتبط بأي مصالح خاصة بهم كما يحاول البعض ان يروج لذلك لكن هذا الحضور هو ضمن خطة إستراتيجية للبلد العربي الطامح لتسجيل حضور دولي ايجابي حقيقي خارج حدوده .

يسعى الإماراتيون اليوم بحسب مافهمت لمساعدة القيادات الجنوبية لتسجيل حضور سياسي وموقف سياسي موحد يمكن الجنوبيين من تسجيل حضورهم الحقيقي ومطالب الجنوب الحقيقية على أي طاولة تفاوض قادمة فيما يخص المسألة اليمنية .

يرى الإماراتيون ان القضية الجنوبية لم تحظ بالحضور السياسي الحقيقي الفاعل على طاولة السياسية العربية خلال الفترة الماضية ويرون انه حان الوقت ان يٌِسمع للجنوبيين ولكن على الجنوبيين ان يقولوا للعالم مايمكن للعالم ان يسمعه وان ينصت إليه بشكل حقيقي وان يكون الحديث الجنوبي مركزا ، دقيقا ... والاهم (( موحداً)).

عرض الإماراتيون خطط نهضة مفصلة لمدينة عدن ومحافظات الجنوب الأخرى اقتصاديا وعمرانيا وخدماتيا لكنهم باتوا يقولون بان كل جهودهم هذه باتت مهددة بسبب أعمال البلطجة والابتزاز التي تقوم بها بعض الأسماء المدعية زورا وبهتانا صلتها بالمقاومة .

يؤكد "الإماراتيون" أنهم سيقفون إلى جانب أهل الجنوب لكنهم يطالبون فيما يطالبون به تحرك سياسي جنوبي واجتماعي حقيقي ، تحرك يمكن للجنوبيين فيه تسجيل موقف سياسي موحد متعاضد متفاهم متناغم فيما بينه البين يمكن الاعتماد والركون عليه .

علمت ان مسئولين إماراتيين قادوا خلال الأشهر الماضية محاولات لتقريب وجهات النظر والمواقف السياسية بين المواقف بين القيادات الجنوبية في الخارج لكن هذه المحاولات بآت بالفشل بسبب حالة التعنت بين هذه القيادات .

يطمح الإماراتيون ويراهنون اليوم على خلق نموذج اقتصادي في عدن مشابه لما خلقوه في دبي لكنهم يؤكدون ان هذا المشروع لن ينجح إلا بإرادة حقيقية على الأرض في عدن من أهل الأرض . من أجمل الأشياء التي قابلتها في الإمارات خلال زيارتي هذه هي اعتماد "الإمارات" على طاقم سياسي دبلوماسي شاب بات يملك قدرة التخاطب مع الأخر بلغة احترافية عالية .

يؤكد الإماراتيون أنهم هنا في عدن لمساعدة الناس في الجنوب لأجل الخروج من مشاكلهم العالقة ويتمنون ان يجدون مزيدا من التفاهم والتعاون والتنسيق لصالحنا .. فهل نحن فاعلون ؟

مقالات الكاتب