باسم الشعبي:تعز..لن تقبل الهيمنة والاستبداد

عانت تعز كثيرا من ظلم وتهميش المركز، ولربما سبقت عدن والجنوب، في ما عانته من ظلم واستبداد امتد لعقود طويلة من الزمن، وهي المحافظة الوحدوية بامتياز بما تمثله من توازن عميق الجذور بين الشمال والجنوب، لعب دورا كبيرا في سد الفجوة، وتقريب المسافات، وانجاز المشروع الوحدوي الذي احالته عصابة صنعاء الى كابوس على اليمن، وعلى تعز على وجه الخصوص وأبناءها الذين اصبحوا يدفعون ثمنا كبيرا اليوم جراء مواقفهم الرافضه لتمزيق اليمن، وتضحياتهم المستمرة من اجل بناء الدولة اليمنية العادلة التي تضمن حقوق كل اليمنيين وتحافظ على المشروع الوطني.

تعز.. تقع في الوسط اليوم بين شمال لا يريد دولة لكل اليمنيين، وتصر قواه التقليدية على استمرار منطق الهيمنة والغلبة بما يمثله من مخاطر على كيان الدولة، وبين جنوب لم تعد ترغب معظم قواه الاستمرار في دولة الوحدة، وفي كلتا الحالتين تقف تعز وقد اختطت لها موقفا وسطا الى جانب خيار الدولة التي ترى انها لو تحققت سوف تلبي تطلعات اليمنيين في الشراكة والعدالة، وتحفظ مشروع الوحدة التي كانت الحركة الوطنية البازغة من تعز في مقدمة الصفوف التي ناضلت من اجل تحقيقه طمعا في بناء دولة كل اليمنيين.

حلمت تعز بالوحدة،ودولة اليمنيين، وناضلت من اجلهما طويلا إلا ان حلمها لم يكتمل، بسبب ما تعرض له المشروع الوحدوي من انتكاسه كبيرة على يد قوى الفيد والهيمنة، وهي التي تحاول اليوم اعادة انتاج نفسها من جديد، وربما في صورة اكثر بشاعة من ذي قبل مصرة على ابقاء اليمن واليمنيين مجرد رهائن في قبضتها وفي احسن الأحوال (شقاة) لا تأثير لهم ولا وزن ولا قيمة.

تعاود تعز مغازلة الحلم من جديد،وقد قدمت في فبراير 2011 دليلا دامغا انها لن تقبل الظلم والاستبداد، وأنها ستواصل المضي في تحقيق حلمها، ووعدها لكل اليمنيين ببناء دولتهم المنشودة ،بصرف النظر عما يكابده ابناءها في صنعاء وعدن من ضيم وقهر نتيجة مواقفهم الرافضه لدعاة الهيمنة، وفك الارتباط.

تمثل تعز العمق الاستراتيجي والمخزون البشري للجنوب،وهي للجنوب أقرب ثقافة، ومدنية،وهي اليوم في ظل صراع الهيمنة، والسيطرة، والاستحواذ، يرتبط مصيرها وثيقا بالجنوب، ويشكلان فيما بينهما حتى الان كتلة مقاومة قوية، في وجه المشروع الطائفي والتقليدي، الذي يحاول التهام الكتلة المدنية، التي تمثلها تعز وعدن والجنوب عموما، ليقضي على ما تبقى من امل بقيام دولة اليمنيين.

لقد بدأت مقاومة المشاريع العائلية والطائفية من تعز في وقت مبكر، وما تفعله اليوم هو استمرار طبيعي لتضحيات كبيرة قدمت، وهي الان تقف صامدة في وجه الغزو الجديد، وكل ما اتمناه ان تستمر تعز في صمودها ،ومقاومتها، ودفاعها عن دولة اليمنيين، حتى تتحقق.

شخصيا توقعت اندلاع ثورة فبراير 2011 من تعز وإسقاط مشروع التوريث،واراهن اليوم انها ستفشل مشروع الهيمنة والاستبداد الجديد، وستنتصر لدولة اليمنيين كل اليمنيين.

نشر بصحيفة "الأيام" طبعة تعز

مقالات الكاتب