وجهة نظر

الوضع السياسي الراهن ينذر بكارثة حقيقة إذا لم تتحمل القوى السياسية التي وقعت على اتفاق السلم والشراكة مسئوليتها في التوصل إلى موقف واضح يجسد مضمون هذا الاتفاق لإنهاء الخلاف القائم بين أطرافه ، والذي أدى إلى استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وكذا استقالة الحكومة .

 

إن العودة إلى البرلمان لحسم موضوع استقالة الرئيس (قد) يتعارض مع روح الاتفاقات الموقعة بين أطراف العملية السياسية التي اعتمدت التوافق في قيادة هذه المرحلة الانتقالية ،و(ربما) يؤدي إلى إشكالات إضافية في ظل الوضع السياسي المضطرب والحسابات الخاصة لمختلف القوى السياسية ، والمطلوب هو إيجاد الآلية العملية للإشراف على تنفيذ هذا التوافق .

 

لقد طالبنا بذلك منذ توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، ولكن الأمور سارت في مسارات أخرى . وإذا كان هناك من دور لمجلس النواب اليوم فليكن دوره هو العمل على إصلاح الوضع المتأزم لما في المجلس من شخصيات وطنية وسياسية ووجاهات قادرة على النصح واحتواء الموقف .

 

واليوم وقد وصلت الأوضاع في بلدنا إلى هذه الحالة الخطيرة  فإنه لا بد من أن تتحمل القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة مسئوليتها في معالجة هذا الوضع وإيجاد الحل الذي يجنب البلاد مخاطر الانزلاق نحو المزيد من العنف ومن ثم التفكك . ليس أمامها من خيار آخر ، أو الإعلان عن فشل عملية التوافق وتتحمل الأطراف التي ترفض ذلك مسئولية ما يترتب على الخيارات البديلة من نتائج .

 

 ولا بد من الاشارة هنا إلى  أنه بسبب غياب الإطار السياسي للمرحلة الانتقالية فإن ثقل أعباء المرحلة انصب كله على الرئيس هادي، وهي أعباء ضخمة ، وفوق هذا فقد أدى الصراع بين القوى النافذة في سياق هذه العملية إلى تعرضه للابتزاز من قبل هذه القوى ، والتي ظلت تضغط عليه للحصول على مكاسب خاصة في الصراع ، حتى أن كل هذه القوى ، وفي وقت واحد ، راحت تكيل له الاتهامات بالانحياز إلى الآخر ، وأخذت تعمل على إفشال مهمته بشتى الوسائل والسبل .  ومارست بهذا دورها المعروف في أضعاف الدولة في كل المراحل لتقوم بابتزازها ، والعمل على بقائها مؤسسات هشة يسهل اختراقها وتوظيفها لمواصلة إضعاف الدولة .

 

إن ما وصلت إليه البلاد هو محصلة  طبيعة لمقاومة تنفيذ الاتفاقات المختلفة ، فالقوى التي تجد نفسها قادرة على التعطيل لم تتردد من ممارسة ذلك . إنني ، وقد وصل الوضع إلى ما وصل إليه ، أناشد كل الأطراف أن تحتكم في اللحظة الراهنة لصوت العقل ولمصلحة هذا الوطن ، ولا بد أن تتحمل الأحزاب والقوى التي وقعت على اتفاق السلم والشراكة مسئوليتها التاريخية في الوقوف أمام قضايا الخلاف بمسئولية كاملة ، وتنطلق في هذا مما تم الاتفاق عليه في بيان ذلك الاتفاق بتاريخ الأربعاء 21يناير2015، وتضع جدولا زمنيا لتنفيذه يكون ملزما للجميع مع تحديد مفهوم واضح لموضوع الشراكة في ضوء نصوص اتفاق السلم والشراكة .

 

وفي هذا السياق أرجو من الرئيس هادي أن يسحب الاستقالة وانجاز مشواره على طريق بناء الدولة ، وذلك بعد أن تقوم كافة الأحزاب والقوى الموقعة على اتفاق السلم والشراكة بتوقيع ميثاق شرف  يتضمن  إلتزامها بالعمل على تنفيذ الاتفاق بروح جماعية واستعادة الدولة وهيبتها ، وعلى أن تظل هذه القوى  بمثابة إطار سياسي مرجعي لتفسير بنود الاتفاق والإشراف على تنفيذه . ويتوجب على هذا الإطار السياسي ، الذي فشلنا في تحقيقه في المرحلة الأولى ، أن يعمل بكافة الوسائل النظامية وبموجب لائحة تنظم عمله ، وأن تكون قراراته التوافقية نهائية فيما يخص الإشكالات والخلافات التي تنشأ أثناء تنفيذ اتفاق السلم والشراكة .

 

وأرى أنه لا مخرج أمام اليمن غير التوافق لإنجاز مهام هذه المرحلة والوصول بالبلد إلى الخيار الديمقراطي ، وما عدا ذلك فإنه لن يكون أمامها غير طريق مجهول يعج بالأخطار والكوارث .

 

مقالات الكاتب